يتبادر سؤال قيمة العلامة التجارية إلى أذهان الكثيرين، خاصةً من مقتني المنتجات الاستهلاكية مثل الملابس والحقائب، حيث يمكن تبسيط فهم هذه القيمة من خلال تجربة ذهنية بسيطة: تخيل إزالة العلامة التجارية من منتج، كقميص على سبيل المثال، ثم إعادة تقييمه دونها. ستلاحظ حينها فرقاً في السعر؛ هذا الفرق هو قيمة العلامة التجارية التي تم إزالتها، فالسعر المتبقي يعبر فقط عن مواصفات المنتج من دون أي ارتباط بالعلامة التجارية. تُعد قيمة العلامة التجارية (Brand Equity) في الأساس قيمة معنوية تُترجم ماديًا إلى عملة، مثل الريال السعودي. وعلى الرغم من صعوبة تقديرها بدقة، فقد طورت العديد من الجهات العالمية المُنظِمة للعلامات التجارية في العالم طرقًا وأساليب متنوعة لتقديرها، والذي يفسر اختلاف هذه القيمة بينهم وتباين نتائجهم بشكل كبير عن بعضهم االبعض؛ إذ لا توجد طريقة واحدة معترف بها عالميًا لتقييم العلامة التجارية (Brand Valuation)، فعادةً ما يعتمد التقييم على عدة عناصر رئيسية، منها أداء المنظمة، ومعدلات أرباحها ومبيعاتها، ومكانتها بين العلامات المنافسة، وثباتها واستمراريتها في السوق، وقيمتها السوقية، ووجودها الإعلاني والإعلامي، وصورتها الذهنية لدى العملاء. ويُدرج الاقتصاديون هذه القيمة للعلامة التجارية ضمن الأصول غير الملموسة، مثل براءات الاختراع وحقوق الامتياز وغيرها. من أبرز المنظمات العالمية المتخصصة في تقييم العلامات التجارية على مستوى العالم نجد منظمة "Interbrand" ومنظمة "BrandZ" ومنظمة "Brand Finance" بالإضافة إلى مجلة "Forbes"، ولكل منها طرق وآليات مختلفة للتقييم. وبشكل مختصر فإن أهم المواصفات التي يجب أن تتوافر في العلامة التجارية لتصبح مميزة عن غيرها، بأن تكون بسيطة وجذابة وسهلة التذكر، وذات ألوان متناسقة، وبإسم أو عبارة سهلة النطق وقصيرة ذات حروف قليلة، وألا تحمل أي معانٍ سلبية في اللغات الأخرى، كذلك ألا يكون لها علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بدين أو سياسة أو قبيلة أو جنس أو جنسية أو عرق أو حتى بنادٍ رياضي، كما يجب أن تكون معبرة عن نوع المنتج أو الخدمة وعن قيمتها ومميزاتها، وأن تتوافق مع هوية المنظمة المالكة لها، والأهم من ذلك أن تكون بتصميم مناسب وجذاب للشريحة المستهدفة يتناسب مع حاجاتهم ورغباتهم ويتناسق مع تطلعاتهم وطريقة تفكيرهم. ورغم كل هذه الأرشادات، قد نجد علامات تجارية ناجحة لا تلتزم بها، مثل العلامة التجارية لشركة التقنية العملاقة "التفاحة" (Apple)، فلا يوجد رابط لا من قريب ولا من بعيد بين التقنية والتفاحة، ومع ذلك نجحت العلامة بفضل المنظمة التي صنعتها، وكما يُقال: "الشركات الناجحة هي التي تصنع العلامات التجارية الناجحة، وليس العكس". رفع القيمة الاجمالية للعلامة التجارية مهمة صعبة ولا تتم إلا بإدارة جيدة مختصة بالعلامة التجارية، وبتوفر بميزانية وحملات إعلانية، وبجهود تكاملية تسويقية وعلاقات عامة مكثفة، فلا يتم الوصول لعلامة ناجحة الا بعد تخطيها عدة مراحل، الاولى هو بانتقال العميل من مرحلة عدم المعرفة بالعلامة إلى مرحلة التعرف عليها، بعد ذلك تذكرها وتمييزها عن غيرها، وصولاً في الأخير إلى أن تكون العلامة هي أول ما يتبادر في ذهنه عند الرغبة في إشباع حاجته (Top of Mind)، أي في المرحلة التي يكون فيها العميل في قمة وعيه بالعلامة.