في الفترة الأخيرة كثيرًا مايتبادر إلى مسامعنا مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وبحكم اختصاصي الأكاديمي كثيرًا ما تردني اسئلة حول هذا الموضوع وما يعني. وفي هذه المساحة سأحاول تبسيط هذا المفهوم بداية من ناحية اقتصادية حيث يعد مفهوم الاقتصاد الدائري مختلف عن الاقتصاد الخطي أو التقليدي من حيث أن الأخير يعنى بشكل مبسط بإنتاج الموارد ثم استهلاكها، يلي ذلك التخلص منها كنفايات؛ بينما الاقتصاد الدائري فهو قريب من مفهوم إعادة التدوير لكن لا يقتصر عليه حيث يتخطاه إلى معنى أوسع وأشمل، وفيه أن الموارد بعد استهلاكها يعاد تدويرها للاستفادة منها في مجالات أخرى ولا تعد نفايات يجب التخلص منها. وهذا المفهوم ينطبق على الاقتصاد الدائري للكربون حيث يٌعنى بالكربون والذي يعد أحد نواتج الانبعاثات الضارة التي نتجت عن الثورة الصناعية التي لاغنى لنا عنها. والكربون ينتج عنه العديد من الأضرار البيئية المختلفة، لذا من الأهمية التخلص من هذه الانبعاثات والتي تعد عملية اقتصادية مكلفة. لذا فإن الاقتصاد الدائري للكربون يهدف إلى تحسين استخدام الموارد وتقليل النفايات من خلال إعادة تدوير الكربون والتقليل من انبعاثاته، ويركز على تحويل الكربون إلى مورد قابل للاستخدام بدلاً من اعتباره نفايات يتم التخلص منها بطرق مكلفة اقتصاديا. ويقوم الاقتصاد الدائري للكربون على عدة محاور وهى: التخفيض من إنتاج الكربون وهذا يعني الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي لا ينتج عنها انبعاثات كربونية مثل استخدام الطاقة النووية أو المتجددة. * إعادة الاستخدام للانبعاثات الكربونية بجمعها واحتجازها ثم استخدامها بتصنيع مواد مفيدة. * إعادة التدوير وتعني تحويله إلى مركبات مفيدة مثل أسمدة أو أسمنت على سبيل المثال لا الحصر. * الإزالة وتعني إزالة الانبعاثات الكربونية من الجو بحجزها أو بامتصاصها بالاستفادة من الغطاء النباتي مثلا. وفي ظل رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتقليل الاعتماد على النفط. فكان من المهم تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون والاهتمام بهذا المجال، وذلك من خلال طرح عدة مبادرات ومشاريع هامة مثل مبادرة السعودية الخضراء والتي تهدف إلى إزالة الكربون كذلك تطوير تقنيات لالتقاط الكربون من الجو ثم يتم بعد ذلك الاستفادة منه، أيضا الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة لخفض الانبعاثات الكربونية من أهم المشاريع التي تؤدي إلى خفض الانبعاثات الكربونية. وتعد بلادنا من الدول الرائدة والسباقة في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون كجزء من استراتيجياتها للتنمية المستدامة، وهي مهتمه بخلق هذا التوازن المهم بين التطور والنمو الاقتصادي والمحافظة على بيئة نظيفة خالية من الأضرار عبر عدد من هذه المشاريع وهو بلا شك مجهود جبار يحتاج إلى تكاتف إقليمي ودولي. أستاذ الكيمياء التحليلية بجامعة الملك سعود