قد يكون جارك أو زميلك الذي تعرفه منذ الصف الأول الابتدائي، بغض النظر عن المرحلة التي التقيتم فيها، هو شخص مصاب بالتوحد (في الغالب النوع الأول)، قد تتفاجأ في يوم من الأيام عندما تكتشف أن هذا الشخص الذي تعرفه منذ سنوات لم يتم تشخيصه مبكرًا أو أنه لم يستطع الإفصاح عن حالته، وكان يحاول دائمًا ارتداء "قناع اجتماعي" ليكون مقبولًا أو لأنه غير مقتنع تماما بالتشخيص فلم يفصح عن ذلك حتى تأكد من شعوره تجاه هذا التشخيص. على كل حال إذا كان صديقك قد شُخّص بالتوحد، فمن المحتمل أنك لاحظت أنه يواجه صعوبات في التفاعلات الاجتماعية والتواصل والمعالجة الحسية، لكنك لم تتمكن من معرفة السبب، قد يكون لديه اهتمامات وروتين معين يفضل الالتزام به، وقد يختار الابتعاد عنك في بعض الأيام ليجلس بمفرده، كما قد يواجه صديقك صعوبه في تقبل التغييرات وقد تراه منفعلا دون الحاجة لذلك، وقد تجد نفسك أمام شخص يتغير فجأة إذا لم يكن اليوم كما تم التخطيط له، أو إذا تأخرت عليه، أو إذا كان حريصًا جدًا على الالتزام بالمواعيد يحتد جدا حينما تطلب منه تغيير الموعد فجأه،و على الرغم من اختلافكما في جوانب متعددة، إلا أن صداقتكما استمرت، إن كونك صديقًا مخلصًا له يعود إلى صبرك وفهمك لاختلافاته واحترامك لحدوده، لقد كنت داعمًا له وتواصلت معه، ولم تسخر منه، بل قبلته كما هو.فما هي المفاتيح التي جعلتك صديقًا مخلصًا لصديقك المشخص بالتوحد؟ (اقتبس من تجربة صديقين أحدهما مشخص بالتوحد): استمرت صداقتكما لأنك كنت واضحًا في تواصلك معه، لم تكن من الذين يتنمرون أو يسخرون من الآخر، كنت منظمًا وساعدته على التنظيم، ذكّرته بواجباته ومسؤولياته الاجتماعية ورافقته عند الحاجة، دافعت عنه في بعض المواقف، أحببته بصدق وأظهرت له العطف والقبول رغم المواقف الصعبة ،كنت متقبلًا لطلباته الخاصة، مثل عدم رغبته في مقابلتك اليوم وحتى غدا لأنه لا يشعر بأنه على ما يرام، دعمت صديقك عندما واجه مواقف حسية صعبة أو عندما انفعل فجأة، في يوما ما اتصلت بأمه لتطلب مساعدتها لأن صديقك (الذي هو ابنها) يمر بلحظات انهيار، تقبلت اهتماماته الخاصة وشاركت بها، مما ساعده على أن يشاركك اهتماماتك، قد تكون شخصا ملحا لتخرجه من دائرته ومحيطه و هو مقدراّ لدورك معه وحريص على علاقتكما معا ويحاول أن يتجاوب معك لأنه رأى أنك تدعمه وهو متعاطف جدا مع شعورك تجاهه ويحبك كثيراً ولا يرغب في أن يفقدك. بناء علاقة قوية مع صديق مصاب بالتوحد يعني: "تفهمه وتقبله كما هو"، والاحتفاء بصفاته ونقاط قوته الفريدة ودعمه قدر الإمكان. فعلاً تستحق تحية تقدير لك أيها الصديق المخلص! لقد بذلت جهودًا كبيرة لدعم صديقك وكنت خير صديق. بشكل عام، التواصل مع الصديق المشخص بالتوحد قد يكون له تحديات لتفهمه، ولكن حينما تجد نفسك منخطرا في صداقتكما فإليك بعض الأفكار العملية التي قد تساعد على التواصل مع الفرد المشخص بالتوحد (النوع الأول والثاني): استخدم لغة واضحة وموجزة: لتحظى برد فعل وتجاوب جيد استخدم لغة بسيطة عند التواصل، وتجنب السخرية أو التعابير الاصطلاحية. استخدم الوسائل البصرية: مثل الصور أو الرسوم البيانية أو الفيديوهات، لتسهيل الفهم. استخدم أمثلة ملموسة لتوضيح الأفكار، حيث قد يواجه المصابون بالتوحد صعوبة في فهم التلميحات. استخدم لغة جسد واضحة لتوصيل رسالتك بشكل أفضل فإنك إن كنت تتحدث بجدية وكنت في الحقيقة ساخراً فهذا يسبب له الارتباك! وقد لا يفهمك، أو يمكنك أن تكون واضحا وتخبره بمزاحك.. كن صبورًا: قد يحتاج التوحدي إلى وقت إضافي لمعالجة المعلومات والاستجابه فانتظره لثواني حتى يجيبك ويبهرك باجاباته سواء لفظيا او كتابيا. استخدم التكنولوجيا مثل الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني، لتسهيل التواصل فالتوحدي يفضل التواصل الكتابي عن اللفظي في الغالب. اسمح له ببدء المحادثات عندما يشعر بأنه مستعد دع له مساحة التعبير، لأن التفاعل الاجتماعي قد يكون مرهقًا له. في النهاية، الأهم هو تفهم تفضيلات صديقك المشخص بالتوحد بغض النظر عن درجة التوحد وتحدياته في التواصل، وهو بدوره سيكون صديقًا طيباً محباً متعاطفاً معك كذلك. فالتوحدي عاطفي وحساس من الدرجة الأولى لكنه لا يجيد التعبير غالباً.