تمكنت المملكة -حديثًا- من إعادة تدوير أكثر من 100 ألف جهاز إلكتروني للحد من أضرارها البيئية وبناء مستقبل رقمي مستدام يدعم كفاءة استخدام الموارد، في حين تبرز جهودها مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتطوير تنظيمات إدارة النفايات الإلكترونية في 3 دول بهدف تحويل التحديات الكبرى إلى فرص ومساعدة تلك البلدان على تبني أفضل الحلول المستدامة.. يُعد عنصر الاستدامة بالنسبة للمملكة من المفاهيم الإستراتيجية الذي رسمته لها للحفاظ على البيئة، في ظل تصاعد قضايا "التغير المناخي" والذي بات من الملفات المؤرقة لبلدان العالم وهو ما يتطلب جهوداً مؤسساتية شاملة، ومن أكثر الأخطار البيئية التي تواجه الجميع اليوم -بما فيها المملكة- ما يرتبط ب"بالمخلفات الإلكترونية" التي يبلغ إنتاجها على المستوى العالمي سنويًا 62 مليون طن، إلا أن نسبة ما يُعاد تدويره لا يتجاوز 22.3 % فقط، وهنا تكمن الطامة الكُبرى على البشرية جمعاء. وتشمل العناصر الشائعة في مصادر النفايات الإلكترونية أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية الكبيرة، والمعدات الطبية. وتُبرز خطورة "النفايات الإلكترونية" وفقًا لوثيقة صادرة عن منظمة الصحة العالمية في أكتوبر 2023، أشارت فيه إلى أن هذه النفايات تُعد مصدرًا للنفايات الصلبة الأسرع تنامياً في العالم، إذ تزداد أسرع بثلاث مرات من سكان العالم، ولذلك يواجه الأشخاص الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل -خاصة الأطفال- أكبر المخاطر الناجمة عنها بسبب الافتقار إلى القوانين الملائمة والقدر الكافي من التدريب والبنية التحتية لإعادة التدوير. وصحيًا، فإنها تُعد نفايات خطرة؛ لاحتوائها على مواد سامة أو يمكنها إطلاق مواد كيميائية سامة عند معالجتها بشكل غير مناسب، ويُشتبه، بأن الكثير منها موادها السامة تسبّب ضرراً على صحة الإنسان، والعديد منها أُدرج في قائمة المواد الكيميائية العشر التي تثير قلقاً في مجال الصحة العامة، بما في ذلك الديوكسينات والرصاص والزئبق. ونذهب إلى أبعد من ذلك، فالمرصد العالمي للنفايات الإلكترونية تنبأ بأن يُنتج العالم كمية النفايات الإلكترونية العالمية إلى 74 مليون طن بحلول 2030. مما يجعلها أسرع أنواع النفايات المنزلية نمواً في العالم. عند البحث في المسألة نصل إلى نتيجة مفادها أن التحدي العالمي في مواجهتها يكمن في إعادة التدوير الرديئة لها، مما يُشكِّل تهديداً للصحة والسلامة العامتين، خاصة أنه يُجرى في كل عام التخلص من ملايين الأجهزة الكهربائية والإلكترونية -لتعطلها أو قِدمها- وتصبح خطيرة إن لم تجر معالجتها والتخلص منها وإعادة تدويرها بشكل مناسب، لأنه من الممكن أن تطلِق ما يصل إلى 1000 مادة كيميائية مختلفة في البيئة، بما في ذلك السموم العصبية الضارة. السعودية، تُعد من الدول التي تفاعلت بشكل محوري في "مؤتمر الأطراف 28" عندما أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) مبادرة "العمل الرقمي الأخضر"، لتعزيز المبادرات الرقمية المناخية، وتقود هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية الجهود اليوم في مسار "الاقتصاد الرقمي الدائري"، وهو أحد المسارات الخاصة بالمبادرة، والتي تُظهر أهمية التعاون بين الحكومة والصناعة لسد الثغرات في إدارة النفايات الإلكترونية من أجل اقتصاد متجدد. وتمكنت السعودية -حديثًا- من إعادة تدوير أكثر من 100 ألف جهاز إلكتروني للحد من أضرارها البيئية وبناء مستقبل رقمي مستدام يدعم كفاءة استخدام الموارد، في حين تبرز جهودها مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتطوير تنظيمات إدارة النفايات الإلكترونية في 3 دول بهدف تحويل التحديات الكبرى إلى فرص ومساعدة تلك البلدان على تبني أفضل الحلول المستدامة. وأظهر تقرير حديث صادر عن الهيئة جهود السعودية في تسخير التقنيات الحديثة وخلق نماذج عمل مبتكرة تساهم في بناء مستقبل مستدام، وهو ما يتواءم مع استراتيجية الاستدامة الرقمية، ويسلط الضوء على 13 قصة نجاح لأكثر من 16 جهة من القطاع الحكومي والخاص. ما يمكن أن يُقال هنا: إن بلادنا -بدعم من قيادتنا- حققت تقدماً ملحوظاً في تبني مفاهيم الاستدامة وقيادة الحراك الدولي عبر مبادرتَي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، للحفاظ على البيئة والتحول إلى الطاقة المتجددة، كما تبنى القطاع الرقمي حلولاً عملية في الاستدامة الرقمية لخفض حجم النفايات الإلكترونية والانبعاثات الكربونية، خاصة في ظل الزيادة المطردة في إنتاج الأجهزة الإلكترونية بسبب الثورة الرقمية واتساع نطاق وأساليب التواصل، ومع ذلك، فإن قطاع تدوير النفايات الإلكترونية يمثّل مجالاً واعداً للاستثمارات، شريطة الحد من المخاطر الصحية والأضرار البيئية، رغم ما يحتويه من معادن ثمينة.. دمتم بخير.