في الوقت الذي يبحث فيه المجتمع الدولي سبل إيقاف الحرب في غزة التي قارب عدد ضحاياها الأربعين ألفاً عدا المفقودين، جاء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام أعضاء الكونغرس الأميركي بشقيه الشيوخ والنواب صادماً لكل من كان يعتقد إمكانية الوصول إلى إيقاف نزيف الدم الحاصل ولديه أمل بتوقف المجازر الحاصلة بحق الشعب الفلسطيني، فخطاب نتنياهو جاء مخيباً لتلك الآمال التي لم تكن واقعية عطفاً على السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية وأكدها ذلك الخطاب الذي أكد على "النصر الكامل"، ما يعني أن نتنياهو وحكومته ماضيان في تنفيذ خطتهما رغم وجود معارضة داخل إسرائيل لها كونها لم تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها بعد مضي ما يقارب العشرة أشهر على اندلاعها، خاصة أن الأسرى الإسرائيليين لم يتم تحريرهم بالكامل، وأيضاً وجود خطر حادق بتوسع رقعة الحرب على الجبهة اللبنانية. خطاب نتنياهو أمام الكونغرس لم يكن واقعياً بقدر ما كان استعراضياً أمام النخبة السياسية الأميركية التي لم تكن بكامل أعضائها، فقد قاطع عدد لا يستهان به من الأعضاء الخطاب، بلغ نصف الديموقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ، بل إن خطاب نتنياهو تسبب في إحراج الحكومة الأميركية بعض الشيء، فهو لم يأتِ على ذكر الدولة الفلسطينية المستقبلية التي هي الرؤية التي تدعمها إدارة الرئيس بايدن، بل أصر على استمرار الحرب حتى النهاية التي من الصعب التكهن بها واقعاً، حتى إن صحيفة هآرتس الإسرائيلية رأت أن "نتنياهو لم يذهب إلى واشنطن لإنهاء حرب غزة، إنما ذهب للحصول على وسائل تساعد في إطالتها"، وهذا ما حدث ويحدث بالفعل، فالحكومة الإسرائيلية لا ترى مخرجاً لها إلا باستمرار الحرب أطول وقت ممكن لاعتبارات سياسية داخلية تحاول تجنبها قدر الإمكان، وهذا يعني أن لا ضوء في آخر النفق حتى إشعار آخر.