الحج في الإسلام هو أحد الأركان الخمسة التي يجب على كل مسلم ومسلمة القيام بها مرة واحدة على الأقل في العمر. والهدف الأساسي من القيام بالحج هو امتحان استعداد المسلم للخضوع، أي الالتزام بأمر الله دون قيدٍ أو شرط، وعلى المسلم أن يسلم كل شيء للخالق عز وجل الذي أوجده في هذه الحياة، وأن يؤمن بأن هذا الكون يخضع لخالق الوجود... والحج شعيرة ذات مرونة خاصة، حيث أن تأديته مقرونة بالقدرة، وليس على المسلم أن يؤدي شعيرة الحج ما لم تكن عناصر حياته الرئيسة آمنة، وهذا لا يعني هامشية أداء هذا الركن الخامس، بل يعني أن القيام بالحج هو عمل ديني واجب يؤدي فيه المسلم طقوس الحج امتثالا وطاعة وتقرباً لله عز وجل. ومن المعاني السامية والفلسفية لأداء الحج هي استشعار قدرة الله وهيبته في النفوس وضآلة كل شيء من المناصب والمقامات الدنيوية، ويتجلى الله خالق هذا الكون والمرجع النهائي لكل مافي الوجود... ويبرز الحج بشعاره الأبدي: (الله أكبر) ليقرر حقيقة وحدانية الله، فهو مصدر كل عظمة، وأن كل ما عدا الله من بشر ومكاسب وأهداف هي مجرد أشياء زائلة تفتقر إلى الثبات. (الله أكبر): تعني أن يسمو الإنسان ويتحد بخالق الكون ويستعيد حريته وكرامته أمام جميع البشر. إن أداء شعيرة الحج من الناحية الفلسفية تعني إعلاء قيمة الإنسان وتجاوز كثير من مظاهر الشقاء والحيرة، والالتجاء إلى الله والمحافظة على الحياة والأرض، من العبث جراء غرور الإنسان.. فالحج يجمع المسلمين من جميع أقطار العالم في مكان واحد ويظهر بجلاء توحيد الله عز وجل وعبادته بطريقة ملموسة. كما أن من مظاهر فلسفة الحج هي الاستقامة والثبات على الحق وتعزيز الصبر والقدرة على التحمل والتواضع والتسامح بين المسلمين. كما أن الحج يعلِّم المسلم التضحية والإخلاص في سبيل الله، حيث يقدم المسلم الأضحية (ذبيحة) كتعبير عن استعداده للتضحية من أجل الله عز وجل.. إن فلسفة الحج باختصار تحمل في طياتها قيماً دينية وأخلاقية وفلسفية، تعرز عظمة الإسلام، وتقوي الوحدة والتواصل الإنساني بين جميع المسلمين. د. أحمد عبدالقادر المهندس