تأتي خطوة الاستثمار في القطاعات الحيوية في ظل توقعات النمو والتطور المتسارع لقطاع الرعاية الصحية العالمي، إلى جانب التطور في الخدمات الصحية والابتكارات الطبية، والتقدم في الطب الحديث وعلم الوراثة والعلاجات المتاحة. والذي بدوره قد يسهم في تحقيق الأمن الدوائي، وبما يلبي الاحتياج الكبير على قطاع الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية والعالم. وتستهدف المملكة أن يكون اقتصادها ضعفي ما كانت عليه قبل رؤية المملكة 2030، من خلال استمرار الشراكة مع القطاع الخاص، حيث تستهدف رفع الشراكات من 40 % إلى 65 %، وضخ أكثر من 3 تريليونات دولار من الاستثمارات في الاقتصاد المحلي، وسيكون جزء كبير منها في القطاعات الاقتصادية الجديدة، مثل "الاقتصاد الرقمي، والسياحة، والمالية، بالإضافة إلى الرعاية الصحية، والصيدلة والتكنولوجيا الحيوية"، حيث ستوفر هذه الاستثمارات فرص هائلة لتنمية رأس المال البشري. وتعزيزًا لمكانة المملكة كدولة رائدة في قطاع التقنية الحيوية، تجسد الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية ذلك، وتتسع آفاقها لتعبّر عن بداية رحلةٍ تحوليةٍ للمملكة وللعالم. وتستهدف الاستراتيجية أن تصبح المملكة تجمعاً عالمياً رائداً في مجال التقنية الحيوية، إلى جانب تحقيق مستوى عالٍ من الاكتفاء الذاتي وإحداث أثر اجتماعي واقتصادي إيجابي، وذلك من خلال تركيز مجهوداتها على أربع توجهات استراتيجية ذات أولوية أولها "اللقاحات"، حيث تُعزز التقنية من إمكانيات التصنيع المتكاملة للقاحات، التي تسهم في تحقيق مستويات عالية من الاكتفاء الذاتي، إلى جانب تطوير فرص تفتح مجالًا أوسع للتصدير إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمكين جهود البحث والتطوير باستخدام أحدث التقنيات المبتكرة؛ لتُصبح المملكة مركزًا رائدًا في مجال التطوير النهائي للقاحات في المنطقة. و"التصنيع الحيوي والتوطين"، حيث تُمكّن هذه التقنية من تحقيق كفاءة الإنفاق في الرعاية الصحية، بإنشاء منصة متكاملة للتصنيع الحيوي على المستوى المحلي؛ بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في إنتاج المستحضرات والمتشابهات الحيوية، وسيوفر ذلك فرصًا لزيادة الصادرات النوعية، وتمكين نمو قطاع التقنية الحيوية. "الجينوم" تُؤسس هذه التقنية قاعدة معرفية لفهم الجينوم المحلي، وتحفيز سبل الوقاية الصحية، وتعزيز الابتكار، وذلك بتوسيع قاعدة بيانات الجينوم الوطنية ومنصة التحليلات، وتطوير السياسات الداعمة التي تُيسّر الوصول إلى البيانات، والاستفادة من هذا العلم في قطاع الرعاية الصحية؛ للحصول على تشخيصات دقيقة وفعالة. يضاف إلى ذلك "تحسين زراعة النباتات" وتُحقق هذه التقنية الاستدامة في الإمدادات الغذائية، بتحفيز الإنتاج الزراعي المحلي الذي يُحقق أثرًا إيجابيًا بتخفيض الواردات الزراعية بما يحقق فائضًا في ميزان المدفوعات، إلى جانب تعزيز الممارسات الخضراء التي تُسهم في استدامة البيئة. إلى ذلك أعلن صندوق الاستثمارات العامة مؤخراً عن إنشاء شركة الاستثمارات الدوائية "لايفيرا"، المتخصصة في الصناعات الدوائية على نطاق واسع، لتمكين نمو القطاع وتعزيز مرونته من خلال العمل على إنتاج الأدوية الحيوية على نطاق تجاري في المملكة العربية السعودية عبر منصات التطوير والتصنيع الدوائي؛ بما يساعد على ترسيخ مكانة المملكة وجهةً عالميةً لإنتاج الأدوية. وتعتزم الشركة الجديدة التركيز على صناعة المنتجات الدوائية الأساسية والمنقذة للحياة في المملكة؛ مثل: الأنسولين، واللقاحات، وأدوية البلازما والأجسام المضادة، والعلاجات الخلوية والجينية، والجزيئات الصغيرة المبتكرة، وتنوي تأسيس شراكات مع الشركات المحلية والدولية الرائدة، بهدف جذب الاستثمارات الموجهة لتنمية القدرات المحلية، مما يسهم في تعزيز التصنيع المحلي في هذا القطاع. يشار إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يعتزم تنفيذ الاستثمارات الموجهة، من خلال تأسيس الشراكات التي تدعم سلاسل الإمداد المحلية وتسهل الوصول إلى المنتجات الدوائية، والتي بدورها قد تكون مساهمة في تعزيز جهود تنمية وتأهيل الكفاءات الوطنية في هذا المجال واستحداث فرص عمل جديدة، إلى جانب تمكين نقل التقنية المتقدمة من شركاء الصندوق في القطاع الخاص على مستوى العالم. حيث تعد الأدوية الحيوية من أهم فئات المنتجات الدوائية وأسرعها نمواً سواء داخل المملكة أو على مستوى العالم. والقيام بدور حيوي في تمكين وتحفيز الابتكار في قطاع الرعاية الصحية المحلي وتطويره، وتوفير فرصٍ مهمةٍ للقطاع الخاص المحلي. يذكر أن وزارة الاستثمار منحت مؤخرًا التراخيص ل 450 مستثمرًا دوليًا لافتتاح مقار إقليمية في المملكة. وأنّ الاستثمارات تدفع القوى العاملة لاكتساب مهارات جديدة، وتطوير المواهب، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة، مشيرًا إلى أنّ هناك علاقة تكافلية قوية بين الاستثمار والقدرة البشرية، وأنّ هذه الديناميكية التكافلية ليست جديدة على المملكة، فمنذ أكثر من 90 عامًا والمملكة رائدة في قطاع الطاقة.