الواقعية والمرونة هي من أجمل ما تتصف به رؤية 2030 المباركة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فقد أوضح بنفسه -حفظه الله- في بداية تدشينه لرؤيته العظيمة بأنها قابلة للتعديل والتطوير بحسب المقتضيات والظروف والمستجدات التي تطرأ في حينها، وأن الرؤية سوف تكون تحت المراجعة الدائمة التي تضمن الظفر بأفضل النتائج الممكنة. وهذا التوضيح المهم دليلٌ على ما يتمتع به الأمير من عمق تفكير وحُسن تدبير. بنظرته الاستراتيجية البعيدة المدى يدرك ولي العهد أن رؤية 2030 ومشاريعها الاستراتيجية المنبثقة عنها يجب أن تكون عُرضة للمتابعة الدائمة لتغيير ما يستحق التغيير وتطوير ما يحتاج إلى التطوير حسب ما تقتضيه الظروف المتغيرة وما يتفرع منها من المصالح الاقتصادية التي يتوخاها القائد الأمين على مصالح البلاد والعباد. وعلى الرغم من أن أكثر أهداف الرؤية المباركة قد تحققت قبل الأوان ولم يبق سوى القليل؛ إلا أن الظروف والأحوال العالمية السريعة التغير قد استجدت معها فرص جديدة أكثر نفعاً لاقتصاد المملكة، مما يجعل العدول عن بعض المشاريع الخاصة بالرؤية أمراً تقتضيه الحكمة. وهذا ما أوضحته الحكومة على لسان وزير المالية الذي قال إنه يجب التركيز على النمو الاقتصادي من حيث النوع لا من حيث الكم. وما قالته الحكومة على لسان الوزير القدير هو عين الصواب، وهو من صميم أهداف الرؤية التي تتسم بالمرونة العالية في تحقيق المصلحة العليا لاقتصاد المملكة. إن الأساس المتين الذي قامت عليه الرؤية المباركة وهدفها الأسمى هو تعزيز استقلال اقتصاد المملكة عن تأثير التقلبات في أسعار النفط وتنويع مصادره كي لا يكون رهينة لمصدر واحد قابل للتذبذب والنضوب. وإن من أسباب توفيق الله لسمو ولي العهد ونجاح رؤيته المباركة؛ أنه بناها بالصدق في القول والعمل، ولا غرو في ذلك؛ فسمو ولي العهد الموصوف بالصدق والمشهود له بالشجاعة لا يجد غضاضة في العدول عن قرار صائب إلى قرار أصوب. ولا في الانتقال من طريقة صحيحة صالحة إلى طريقة أصح وأصلح. أكثر ما يهم سمو ولي العهد هو أن تزداد بلاده في كل شأن منعة ورفعة، وأن يشاهد راية بلاده مرفرفة في سماء المجد والسؤدد.