رجل طليعي، استشرافي، مثقف مختلف، حيث كانت دعواته التنويرية تسبق زمنه حين عرفته في بداية التسعينيات الميلادية وعرفني به أستاذنا القدير حماد السالمي. كان حريصا - رحمه الله - على حضور الكثير من الفعاليات الثقافية بالطائف، وعلى رأسها أنشطة وفعاليات نادي الطائف الأدبي، وكنت حينها أعمل مسؤولا عن العلاقات العامة والإعلام بالنادي، وصادف أن تم استضافة الراحل الكبير عبدالرحمن بن معمر، وكنت أرافقه في الفعالية التي قدمها بحكم عملي، فوجدته قامة علمية وأدبية عظيمة، واستمعت باستمتاع لحديثه عن كثير من الجوانب الثقافية والأدبية والإعلامية، وعن تجربته الشخصية المديدة في هذا المجال. أبو بندر كان يتميز بالوعي المبكر نظير ثقافته الطليعية، ونظير علاقاته الواسعة في الوطن العربي قاطبة كإعلامي وأديب وكاتب، حيث كان ينبذ الإرهاب والتطرف، وكان يدعو إلى الاعتدال والتسامح، حيث يؤكد دوما أن هذا ما يميز ديننا الإسلامي الحنيف، وكان - رحمه الله - من دعاة تمكين المرأة وأخذها حقوقها التي تتوافق مع قيمنا الاجتماعية، ومبادئ ديننا الإسلامي، كما كان من دعاة التعايش والحوار مع الأديان، باعتبار الأديان السماوية مصدرها واحد. كان - يرحمه الله- محفزا وموجها للشباب من حلينا وجيل من سبقونا، وكان يراهن على الشباب، ويؤكد أنهم هم القادرون على صنع الكثير للوطن، وهذا ما ثبت فعلا في وقتنا الحالي عبر رؤية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - رؤية المملكة 2030 التي يتحقق عبرها اليوم الكثير من المنجزات العظيمة للوطن. وكانت الساحة الأدبية والإعلامية السعودية قد أعلنت عن فقد الأديب عبدالرحمن بن فيصل بن معمر، الذي كان رائداً من رواد الصحافة ومثقفا رفيعا من حملة الوعي والتنوير، ومدافعا صلبا عن ثقافة التسامح والانفتاح في وجه التعصب والانغلاق. كما فقدت الساحة الثقافية قبل أمس علماً من أعلامها، الأديب الدكتور عبدالله بن سالم المعطاني الهذلي؛ نائب رئيس مجلس الشورى سابقاً. والمعطاني؛ معروفٌ بمشاركاته الثقافية على مستوى منطقة مكة المكرّمة، فقد كرّمه النادي الأدبي الثقافي بجدة قبل نحو شهرين في الدور ال20 من ملتقى قرّاء النص. وقال عنه رئيس مجلس إدارة «أدبي جدة»، الدكتور عبدالله السلمي؛ في ذات المناسبة: «إذا تحدث فكأنما يدير على السمار كؤوساً من سلاف الكلمات الأنيقة، تساعده ذاكرة المؤرخ، ويرفده جراب الأديب». وأضاف السلمي؛ عن المعطاني؛ «عرف النادي وعرفه النادي محاضراً وعضو مجلس إدارة ورئيس جمعية ثقافة وفنون في جدة، فحضوره في المشهد الثقافي دائمٌ، وطرحه ورأيه مؤثرٌ، ومكانته الأدبية والنقدية والأكاديمية جليةٌ، لم تصرفه المناصب عن مُلاعبة ومداعبة جمال العبارة، وحفظ الشعر، ينهل من معينٍ لا ينضب». وقيل عن الدكتور المعطاني - رحمه الله -، إنه رجلٌ استثنائي بمعنى الكلمة، ويكفي أن له مبادرة أكاديمية الشعر، ووقف لغة القرآن الكريم، وكرسي الاعتدال، وجائزة الأمير عبدالله الفيصل.. «رحمها الله رحمة الأبرار».