لا يغفل الرحالة والمستشرقون الذين زاروا مصر منذ العصور الوسطى باكتشافهم اختلاف الحياة العامة للناس في هذا الشهر رمضان المبارك وأثار دهشتهم من العادات وأطباعهم خلال فترة رمضان حيث كان يتولد الفرح مع استطلاع رؤية هلاله والحزن مع قرب انتهاء الشهر، لذلك جاءت كتابات الرحالة والمستشرقين حافلة بشهادات ورؤية ترسخت صورتها منذ القدم في تاريخ الحياة حتى وقتنا الحالي والدقة في وصفهم في ذات الوقت، وكان علماء الحملة الفرنسية في مصر قد سبقوا في تقديم صورة حية لحياة المصريين وأفعالهم في شهر رمضان المبارك، وكان من ضمنهم المهندس الرحالة المؤرخ فرنسوا جومار أحد علماء الحملة الفرنسية الذي توجهت على مصر كما قال في دراسته التي كانت بعنوان وصف مدينة مصر القاهرة وقلعة الجبل: تحيا الأعياد الدينية في القاهرة ببذخ شديد فالناس جميعاً يعلمون أن رمضان شهر الصوم فيمتنعون عن الطعام والشراب والتدخين والاستمتاع بأية تسلية بين شروق الشمس وغروبها ولكن هذا الحرمان يطول وينقص حسب الشهر، ولكن بعد هذا الحرمان يكون استمتاع كافي لنسيان الحرمان ويحتفل المسلمون بليالي رمضان بينما كانو يحضرون خلال النهار جماعات كبيرة لدروس الفقه بالمساجد ومنهم من ينشغل بالعمل والبعض في النوم وخلال فترة المساء تبدو الشوارع مضاءة صاخبة وتكون الأسواق والمقاهي مفتوحة حتى أذان الفجر، وأثار استعجابه بالعادات الغريبة عندما يبدأ شهر رمضان المبارك مع ميلاد هلال هذا الشهر يعلن في بدايته للناس عن موكب احتفالي يسبق شهر رمضان بيومين ويتكون هذا الموكب من حشد من الرجال بحمل بعضهم أضواء وبعضهم يحمل عصيا ويقومون بأداء حركات مختلفة، ويفتتح سير الموكب عازفون يمتطون ظهور الجمال ويضربون على طبل معدنية بينما يمتطي عازفون آخرون ظهور الحمير ويضربون كذلك على طبل أو يعزفون على بعض آلات النفخ الأكثر صخبا، أيضا ارتبط المصريون بفكرة مدفع الإفطار وترسخت في عاداتهم حتى حافظوا عليها لفترة طويلة وأصبح دور هذا المدفع مع غروب الشمس الإشارة التي يجتمع عليها الجميع لبدء الإفطار بعد صيام يوم طويل كما أصبح من السمات المميزة للمظاهرة الاحتفالية في مصر طوال شهر رمضان.