{فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} الكلام على لسان امرأة عمران، والقصة باختصار حتى نفهم المراد من هذا التأمل: هي أن حنة امرأة عمران قد تأخرت في الإنجاب بعد مضي سنوات على زواجها فنذرت إن وهبها الله ولداً، أن تفرغه للعبادة وخدمة بيت المقدس، ولكن المولود كان أنثى، ولم يكن من عادتهم في ذاك الزمان أن تنقطع المرأة للعبادة في الأديرة، ولكنهم رحبوا بمريم لمكانة عمران بينهم. والذي يعنينا من الآية وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى شاع الاعتقاد عند الناس أن هذه الآية انتقاص من الإناث، وتفضيل الذكور عليهن، وهذا مفهوم خاطئ هذا يعني أن المرأة أفضل من الرجال في مجالات وأن الرجال أفضل من النساء في مجالات أخرى، والاعتقاد أن الرجل أفضل من المرأة في كل وجه فهم ذكوري للآية وتعصب للنوع لا مبرر له، وحين يخبرنا الله أن المرأة مخلوق مغاير للرجل في بنائها الجسمي وتركيبها النفسية فإنه يريد أن يميزها، والتمييز رفعة لا انتقاص. الذين يطالبون بمساواة المرأة بالرجل إنما يهينون المرأة، بهذا المفهوم يحطون من قيمة المرأة، إذ يجعلون ميزتها الوحيدة عن الرجل هي أنها وعاء إنجاب، لا شك أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية. وهذا ما دأب الإسلام يثبته ويدافع عنه، ولكن المرأة هي المرأة والرجل هو الرجل لكل منهما تركيبه النفسي ووظيفته في الحياة، وحين أسقط الإسلام الجهاد عن المرأة مثلا لم يكن هذا الإعفاء على سبيل نقص بقدر ما هو شهادة تكريم.