شهر رمضان يحظى بمكانة كبيرة لدى المستشرقين والرحالة الأجانب الذين تواجدوا في بلاد المسلمين أثناء شهر رمضان الفضيل، وأثار فضولهم لمعرفة عادات المسلمين لتعامل في هذا الشهر، وكان المستشرق البريطاني الشهير إدوارد لين الملقب باسم (منصور أفندي) بعد دخوله الإسلام، وكان شغوفا بالثقافة المصرية واختلط بناسها وتأثر بعاداتهم وتقاليدهم وحبهم وأبدى إعجابه بها حتى أنه شارك المسلمين في صلواتهم وحلقات الذكر في المساجد بالإضافة إلى ذكره لتفاصيل الحياة اليومية خلال الشهر بالإضافة إلى حديثة عن مشاهدتهم لطقوس ليلة رؤية هلال رمضان عام 1835م. فيقول: الليلة التي يتوقع أن يبدأ صبحها الصيام تسمى (ليلة الرؤية)، ويرسل عددا من الأشخاص الثقة إلى مسافة عديدة من الأميال في الصحراء عندما يصفو الجو لكي يروا هلال رمضان بينما يبدأ من القلعة موكب الرؤية الذي يضم الشيوخ والتجار ومختلف الرجال ذوي الحرف المختلفة وتحيط بهم فرق الإنشاد ودراويش الصوفية ويتقدم الموكب فريق من الجنود ويمشي الموكب حتى ساحة بيت القاضي ويجلسون في انتظار من ذهبوا لرؤية الهلال، وعندما تصلهم أخبار ثبوت رؤية الهلال كان الجميع يتبادلون التهاني، وبالإضافة إلى حديثه عن صمت الشوارع وتراخي حركة الحياة نهاراً وعند حلول المغرب توضع مائدة الإفطار طوال شهر رمضان في غرفة الاستقبال، حيث يستقبل رب الدار ضيوفه وتعد صينية كبيرة وتجهز أدوات التدخين، وبعد الأذان يتناول رب الدار وضيوفه أكوابا من شراب الورد أو البرتقال ثم يؤدون صلاة المغرب وبعدها يبدؤون بالتدخين، ثم يؤدون صلاة العشاء ويعقبها صلاة التراويح التي تؤدى جماعة في المسجد، ثم يتدفق الناس إلى الشوارع ويتحول الليل إلى نهار ويرتاد العامة الى المقاهي ليستمعوا إلى المنشدين ورواة السير الشعبية، ويدور المسحراتي في كل ليلة ولكل منطقة مسحراتي خاص به، ويشير إدوارد لين إلى أن المسحراتي كان أحياناً ينشد من قصص المعجزات الدينية كقصة الإسراء والمعراج، ويلتزم الصمت عندما يمر ببيت في حالة حزن لوفاة عزيز، وذكر أن من العادات الطريفة للنساء الطبقة المتوسطة يضعون قطعة مقود معدنية داخل ورقة ملفوفة ويشغلون طرفها بالنار ويلقونها من الشباك الى المسحراتي لينشد لهم بعض المدائح النبوية أو حكايات المعارك بين الضرائر، وتحدث إدوارد لين عن العشر الأواخر من رمضان، وقال إن غالبية المؤمنين يفضلون قضاءها في جامع المشهد الحسيني وجامع السيدة زينب، وأضاف إحدى هذه الليالي وهي الليلة السابعة والعشرون تعرف بليلة القدر وهي الليلة التي نزل فيها القرآن على على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهي خير من ألف شهر، ويعتقد المسلمون أن أبواب السماء تكون مفتوحة في هذه الليلة فيستجاب فيها الدعاء ومن غريب ما رواه ذلك الاعتقاد بأن الماء المالح يتحول إلى ماء حلو سائغ شرابه في هذه الليلة المباركة. ( طوائف الحرف في مدينة القاهرة/ طوخي٫نبيل السيد)