أكثر ما يركض الإنسان لأجله رزقه، ولن ينال من الرزق إلا ما كتب الله له، مهما ركض. وأكثر ما يهرب منه، أجله وليس يعيش أكثر مما كتب الله له مهما هرب! قبل أن نحل ضيوفًا على الحياة، كتب الرزق وكتب الأجل، ولن ينال الضيف من الرزق، إلا ما شاء صاحب الضيافة أن يعطيه، ولن ينال من العمر، إلا ما شاء الله أن يحييه. فاستريحوا، ودققوا: حبّة القمح تزرع في بلد، وتصير طحيناً وخبزاً في بلد، ثم تحمل إليك رغيفاً؛ لأنه قبل أن تكون، كتب أنها لك، هكذا بكل بساطة يعمل آلاف الناس لإيصال لقمة لك، وتعمل أنت وآلاف الناس ساعي بريد لإيصال لقمة غيرك، لأنها منذ البداية كانت له، ولو هرب الإنسان من رزقه كما يهرب من أجله، لتبعه رزقه كما يتبعه أجله. (وَمَا مِنْ دَابَة): وفي لغة العرب كل ما دبّ على الأرض فهو دابة، كما كل ما علا وأظل فهو سماء، وأرزاق الناس مجتمعين ليست إلا صفحة في كتاب الرزق الكبير الذي خطه الرازق، فإذا كنا سبعة مليارات إنسان، فنحن الأمة الأقل عدداً بين سكان هذا الكوكب. مقابل كل إنسان يقطن هذه الأرض ما يزيد على ألف نملة. (إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا): إلا للحصر، كل الذين يسوقون رزقاً لغيرهم ليسوا إلا أسباباً، يسقونه بالكم والكيف الذي كتبه الرازق الحقيقي، الملائكة التي تسوق المطر، لا تنزل قطرة في حقل لم يأذن الله أن تنزل فيه، والصدقة التي تضعها في يد فقير، هي رزقه وضعها الله في جيبك، كل شيء مكتوب بدقة، فاستريحوا.