أعلنت روسيا السبت توقيف 11 شخصا، بينهم أربعة مهاجمين ضالعين في الهجوم الذي نفذ في صالة للحفلات الجمعة في ضاحية موسكو، مبلغة عن ارتفاع حصيلة القتلى إلى 115 في ظلّ مخاوف من ازديادها أكثر. ويعدّ هذا الهجوم الذي تبنّاه تنظيم داعش الأكثر حصدا للأرواح في موسكو منذ عشر سنوات على الأقلّ. وأفاد الكرملين في بيان نقلته وكالات الأنباء الروسية أن مدير جهاز الأمن الفدرالي (إف إس بي) أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين "بتوقيف 11 شخصا، بينهم أربعة إرهابيين ضالعين مباشرة في الهجوم". وجاء في البيان أن "مدير جهاز الأمن الفدرالي ألكسندر بورتنيكوف أبلغ الرئيس بتوقيف 11 شخصا، من بينهم أربعة إرهابيين متورطين في الهجوم الإرهابي على صالة كروكوس". وأعلنت لجنة التحقيق الروسية التي تتولى مسؤولية التحقيق في الجرائم الكبرى السبت مقتل 115 شخصا على الأقل في الهجوم. وأضافت أن هناك أشخاصا توفوا متأثرين بإصابتهم بأعيرة نارية ومن استنشاق الدخان بعدما اشتعلت النيران في المبنى الواقع في ضاحية كراسنوغورسك شمال موسكو. إلى ذلك أكّدت أجهزة الأمن الروسية السبت أن المشتبه بهم في الهجوم كانت لديهم "جهات اتصال" في أوكرانيا إلى حيث كانوا يعتزمون الفرار. وأوردت وكالة "تاس" للأنباء نقلا عن أجهزة الأمن الروسية قولها "بعد تنفيذ الهجوم الإرهابي، كان المجرمون يعتزمون عبور الحدود الروسية الأوكرانية وكانت لديهم جهات اتصال مناسبة على الجانب الأوكراني". من جهتها قالت كييف إنها ترفض الادعاءات الروسية بوجود صلة بين أوكرانيا ومنفذّي الهجوم. وقال المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على منصة "إكس" بعدما أعلن جهاز الأمن الفدرالي الروسي السبت توقيف منفّذي الهجوم الذين حاولوا الفرار إلى أوكرانيا "الروايات التي تقدّمها الأجهزة الخاصة الروسية فيما يتعلق بأوكرانيا غير مقبولة وسخيفة". إلغاء الفعاليّات العامّة وإغلاق المتاحف والمسارح وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت محادثات مع مسؤولي إنفاذ القانون والإنقاذ بعد الهجوم. ونقلت وكالات أنباء روسيّة عن الكرملين أنّ بوتين تلقّى تقارير من رئيس أجهزة الأمن، ولجنة التحقيق، والحرس الوطني، ومن وزراء الداخليّة والصحّة وحالات الطوارئ. وندّدت المتحدّثة باسم الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا بهذا "الاعتداء الإرهابي الدامي" و"الجريمة الفظيعة"، فيما أعلنت اللجنة المكلّفة التحقيقات الجنائيّة الكبرى في البلاد أنّها "فتحت تحقيقا جنائيا في عمل إرهابي". الهجوم الذي بدأت وسائل الإعلام الروسيّة في الإبلاغ عنه حوالى الساعة الثامنة والربع مساء (15,30 ت غ)، نفّذه عدد من المسلّحين في كروكوس سيتي هول، وهي قاعة للحفلات الموسيقيّة تقع في كراسنوغورسك عند المخرج الشمالي الغربي للعاصمة. وقال أليكسي، وهو منتج موسيقي كان في غرفة تبديل الملابس وقت الهجوم، لفرانس برس "قبل البداية مباشرة، سمعنا فجأة رشقات ناريّة عدّة من أسلحة رشّاشة وصراخ امرأة ثمّ الكثير من الصراخ". وأضاف أنّه رأى الجمهور يتدافع سعيا إلى الهرب. ووفق صحافي في وكالة أنباء ريا نوفوستي العامّة، اقتحم أفراد يرتدون ملابس مموّهة قاعة الحفل قبل أن يفتحوا النار ويُلقوا "قنبلة يدويّة أو قنبلة حارقة، ما تسبّب في نشوب حريق". وقال الصحافي "ارتمى الأشخاص الموجودون في القاعة أرضا للاحتماء من إطلاق النار لمدّة 15 إلى 20 دقيقة، وبعد ذلك بدأوا بالزحف للخروج. وتمكّن كثيرون من الخروج". امتدّت النيران إلى ما يقرب من 13 ألف متر مربّع من المبنى قبل احتواء الحريق، وفق خدمات الطوارئ. لكن حوالى الساعة الواحد فجرا السبت (23,00 ت غ الجمعة) كان الحريق لا يزال مشتعلا، وفق الوزارة التي استخدمت مروحيّات في عمليات الإطفاء. وقال المتحدّث باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف إنّ بوتين يتلقّى "باستمرار" مستجدّات الهجوم، وتمّ إبلاغه "منذ الدقائق الأولى" لوقوعه. ونشرت قناتا "بازا" و"ماش"، المعروفتان بقربهما من الشرطة، على تلغرام مقاطع فيديو تظهر مسلّحَين على الأقلّ يتقدّمان في القاعة، وأخرى تظهر جثثا ومجموعات من الأشخاص يندفعون نحو المخرج. وتظهر صور أخرى متفرّجين يختبئون خلف مقاعد أو يغادرون القاعة. وبحسب وزارة الطوارئ الروسيّة، تمكّن عناصر الدفاع المدني من إجلاء حوالى مئة شخص كانوا في الطبقة السفليّة من القاعة . وأعلن رئيس بلديّة موسكو سيرغي سوبيانين إلغاء كلّ الفعاليّات العامّة. كما أعلنت المتاحف والمسارح الرئيسيّة في العاصمة إغلاق أبوابها. كذلك، تمّ تعزيز الإجراءات الأمنيّة، بحسب التلفزيون الروسي، خصوصا في المطارات. ووفقا لوكالة تاس للأنباء، طوقت قوات الأمن الساحة الحمراء في موسكو. إلى ذلك دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بأشدّ العبارات الهجوم الإرهابي". من جهته، قدّم البيت الأبيض تعازيه. وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي "نبدي تعاطفنا مع ضحايا هذا الهجوم المروّع. الصور مروّعة وتصعب مشاهدتها". وقالت أدريان واتسون، المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، "في وقت سابق هذا الشهر، كانت لدى الإدارة الأميركيّة معلومات بشأن مخطّط هجوم إرهابي في موسكو يُحتمل أن يستهدف تجمّعات كبيرة، بما في ذلك الحفلات الموسيقيّة، وقد تشاركت واشنطن هذه المعلومات مع السلطات الروسيّة". ودانت فرنسا وإيطاليا الهجوم "الشنيع"، وأعربت إسبانيا والاتحاد الأوروبي عن "الصدمة والفزع". ونفت أوكرانيا "أيّ علاقة لها" بالهجوم، وقال مستشار الرئاسة ميخايلو بودولياك عبر تلغرام "لنكن واضحين، أوكرانيا ليست لها أيّ علاقة بهذه الأحداث". كما أكّد "فيلق حرية روسيا" المؤلّف من مقاتلين روس يحاربون إلى جانب أوكرانيا، في بيان أنّ "الفيلق ليس في حالة حرب مع الروس المسالمين"، متهما قوّات الأمن الروسيّة بالتخطيط للهجوم. من جهتها، اتّهمت الاستخبارات العسكريّة الأوكرانيّة الأجهزة الخاصّة الروسيّة بالتخطيط للهجوم، معتبرة أنّه "يجب أن يُفهم على أنّه تهديد من بوتين لإثارة التصعيد وتوسيع الحرب" الجارية منذ أكثر من عامين. أمّا الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف فقال إنّ بلاده "ستقضي" على القادة الأوكرانيّين إذا تبيّن أنّهم مسؤولون عن الهجوم الدامي. وكانت السفارة الأميركيّة في روسيا قد حذّرت مواطنيها قبل أسبوعين من أنّ "متطرّفين لديهم خطط وشيكة لاستهداف تجمّعات كبيرة في موسكو، بما في ذلك الحفلات الموسيقيّة". ودان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي السبت بشدّة "الهجوم الإرهابي الشنيع". وقال مودي عبر منصّة إكس "الهند تتضامن مع حكومة الاتّحاد الروسي وشعبه في وقت الحداد هذا". البحث بين الأنقاض في موقع الهجوم سيستغرق أياماً (ا ف ب) يجمع المحققون الأدلة في مكان الهجوم المسلح