أصدرت الولاياتالمتحدة الاثنين الماضي تقريرا مثيرا للاهتمام حول المخاطر الحقيقية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي والمسارات الفوضوية التي بدأت تسلكها الشركات المتخصصة في التقنية للدفع بمنتجاتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما نتج عنه إرهاصات مبدئية تشي بالقوة الهائلة التي يتمتع بها هذا القطاع، وقدرته على تغيير موازين القوى في المستقبل بشكل متطرف، بل ونص التقرير على أنه من الممكن في أسوأ الحالات، أن تسبب "تهديدًا على مستوى الانقراض للجنس البشري". وبحسب مجلة التايم التي نشرت تفاصيل التقرير، فقد عمل المؤلفون الثلاثة عليه لأكثر من عام، وتحدثوا مع أكثر من 200 موظف حكومي وخبير وعامل في شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة - مثل OpenAI وGoogle وDeepMind وAnthropic وMeta - كجزء من أبحاثهم. والمثير للاهتمام أن هذه الشريحة التي التقاها صانعو التقرير وأبدت قلقا بالغا حول مستقبل هذه التقنية، هم الأكثر قربا للمطابخ التي يتم فيها إعداد الأجيال القادمة من الذكاء الاصطناعي، وهم الأكثر معرفة أيضا بالقدرات غير المحدودة لهذا العالم الذي لا يزال في طور التخلق. التقرير ونتائجه، والأعلام التحذيرية الحمراء التي يرفعها لن تكون عابرة، وربما يكون بداية لتشريعات صارمة تتخذها الحكومات لتنظيم هذا القطاع، والتعامل معه بذات مستوى الحساسية التي تتعامل بها المنظمات العالمية مع ملف الأسلحة النووية مثلا. الوثيقة النهائية للتقرير، والتي تحمل عنوان "خطة عمل لزيادة سلامة وأمن الذكاء الاصطناعي المتقدم"، أوصت بمجموعة من الإجراءات السياسية الشاملة وغير المسبوقة التي من شأنها، إذا تم سنها، تعطيل صناعة الذكاء الاصطناعي بشكل جذري، بحسب مجلة التايم، كما يوصي التقرير بأن يجرم الكونغرس تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام أكثر من مستوى معين من القوة الحاسوبية. وأن يتم تحديد العتبة من قبل وكالة اتحادية جديدة للذكاء الاصطناعي، وحقيقة فإن هذا التوجه رغم صرامته وتحجيمه لقدرات الإنسان على الإبداع والتماهي مع الذكاء الاصطناعي، إلا أن ضروري جدا خصوصا وأننا ما زلنا في مرحلة البدايات، ولا تزال الأمور تحت السيطرة، ومن الأسلم اتخاذ مثل هذه التدابير الآن قبل أن يصبح الرضوخ للأمر الواقع هو سبيلنا الوحيد؛ فالأمر ليس كما يصوره البعض، قابس كهرباء تقوم بفصله إذا خرجت الأمور عن السيطرة، بل هو أعقد من ذلك بكثير!