صدر مؤخراً للدكتور أحمد بن عبدالله الأسود المحاضر سابقاً بجامعة الملك سعود كتابه الأول الاغتراب المكاني (الوقوف على الأطلال في الشعر العربي)، والذي أصدرته دار أدب للنشر والتوزيع ضمن مشروع 100 كتاب بدعم من الصندوق الثقافي السعودي، وقد جاء الكتاب في 191 صفحة من القطع المتوسط، وبدأ المؤلف كتابه بعد الإهداء بمقدمة لطيفة بيّن فيها أن القصيدة الجاهلية وخاصة افتتاحيتها الطللية هي جزء أساسي من علمي الذاكرة الجمعية للذات العربية وخاص بها، إذ يقول -لا توجد على حد علمي- ظاهرة الوقوف على الأطلال والبكاء فيها في التراث الشعري الإنساني إلا في الشعر العربي ومن هنا وجب الاحتفاء بها، إذ إن فهم ظاهرة الوقوف على الأطلال هو فهم للوجدان العربي بصورة عامة في طور مهم من أطوار تشكّل التعبير عنه شعراً، وهو طور البدايات، وبين المؤلف من خلال طرحه عدد من المواضيع المتعلقة بالقصائد الطللية من خلال الحديث عن المقدمات الطللية بأنها صفحات من تاريخ الأشواق العربية وأورد أنموذجاً للمقدمة الطللية، وأجاب عن التساؤل لماذا هذه المقدمة الطللية..؟، حيث أبان في كتابه أن الوقوف على أطلال الحبيبة والبكاء عليها والتعبير عن تلك التجربة شعراً بما نسميه المقدمة الطللية لهي ظاهرة تنفرد بها الثقافة العربية بين الثقافات العالمية، ومن هنا وجب الاحتفاء بها، ومحاولة فهمها، وقد بدأت الظاهرة في العصور الجاهلية واستمرت حتى العصر الحديث، عابرة الحدود الزمانية والثقافية، والمقدمة الطللية لا تتجاوز أبياتها خمسة عشر بيتاً وتتبع نموذجاً خاصاً بها لا تحيد عنه، حددته هذه الدراسة بتسعة عشر عنصراً، وبما أن المقدمات الطللية تعد سجلاً تاريخياً للوجدان العربي عبر الزمن، فإن فهمها يمثل جزءاً من فهمنا لأنفسنا ولثقافتنا العربية، وقد قدمت هذه الدراسة تفسيراً جديداً لأصل ظاهرة الوقوف على الأطلال، يلعب فيه (الاغتراب المكاني) دوراً مهماً، كما شملت تفسير العوامل المؤثرة، بدءًا بالعوامل الطبيعية ثم العوامل الاجتماعية الثقافية، وانتهاءً بالعوامل النفسية كما قدمت تحليلاً لرمزية المكان الذات العربية الجماعية، كمدخل لفهم هذه الظاهرة، ويعد الكتاب مرجعاً مهماً لكل باحث في الشعر العربي القديم وخصوصاً في ظاهرة الوقوف على الأطلال، كما ويلبي حاجة المتذوقين وعشاق الشعر العربي الفصيح بما يحويه من قصائد تعتبر من عيون الشعر لفطاحلة الشعراء.