إن الأهداف الاستراتيجية للإقامة المميزة تفوق العوائد المالية، من خلال الاستثمار في الإنسان، واستقطاب العقول، ونقل المعرفة والخبرات، وجذب الاستثمارات.. وجميع ذلك ينعكس كعوائد تنموية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة، ويصاحب كل ذلك الأثر الإيجابي على الاقتصاد الكلي.. ربما السؤال الجوهري الذي يدور بخلد الكثيرين، لماذا طرحت الحكومة السعودية منتجات متنوعة للإقامة المميزة؟ قبل الدخول في التفاصيل، من المهم جدًا التأكيد على أن المملكة منذ وضعت الخطوات الأولى لرؤيتها الطموحة 2030 في أبريل 2016، كان هدفها واضحا، هو الوصول إلى الاستدامة الاقتصادية بكافة المجالات، وهذا ليس بالأمر السهل أو المستحيل على الإطلاق، بل يحتاج إلى عوامل مساندة عديدة، منها ما هو مباشر أو غير مباشر، فإذا وعينا هذه المسألة سنعي كثيرا من الخطوات التي تقوم بها دولتنا لضمان مستقبل أفضل لوطننا. إطلاق مركز الإقامة المميزة لخمس فئات جديدة، وهي: إقامة كفاءة استثنائية، وإقامة الموهبة، وإقامة مستثمر أعمال، وإقامة رائد أعمال، وإقامة مالك عقار، وهذا لم يأت من فراغ، بل جاء بعد دراسة الوضع الراهن، والمقارنات المعيارية وتطلعات المملكة لرفع جودة الكوادر الوطنية من خلال جذب الخبرات والمواهب الدولية في القطاعات ذات الأولوية دون التأثير على الكوادر المحلية، وجذب الاستثمارات لتمويل تطوير القطاعات ذات الأولوية والمناطق المستهدفة في المملكة، فضلًا عن توفير منصة للابتكار وتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاعات الناشئة دون التأثير على المشاريع المحلية، وزيادة الاستهلاك المحلي في القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه، والمساهمة في تحقيق مستهدفات المشاريع الضخمة. سأبتعد عن الخوض في التفاصيل الفنية لأهلية الحصول على أي من المنتجات الجديدة للإقامة المميزة، بل سأركز على البيئة الملائمة للمملكة لاستقطاب الكفاءات والكوادر والمستثمرين، فالسعودية اليوم دولة مزدهرة تعيش مرحلة جديدة من الطموح والنمو على كافة الأصعدة، وهي مستمرة بجدية في عملية التحول الاقتصادي، وتعزيز الشفافية والارتباط بالاقتصاد العالمي، وهي ترحّب بكافة المستثمرين وأصحاب المواهب من جميع أنحاء العالم، وتوفّر لهم كل ما يحتاجونه لنجاحهم وتألقهم، لإشراكهم في قصة النجاح الاقتصادي المنشودة في مختلف القطاعات. وكشفت الأعوام القليلة الماضية عن فرص استثنائية في الاقتصاد السعودي، وخاصة في مجالات السياحة والسفر والنقل، والصناعة والتكنولوجيا والابتكار؛ وهي قطاعات تتطلب مواهب متخصصة، واستثمارات كبيرة؛ لزيادة نمو القطاع غير النفطي، كما أن دولتنا هي الدولة العربية الوحيدة ضمن مجموعة الدول العشرين، وتمتلك أكبر اقتصاد في المنطقة، وتحمل فرصًا مميزة للمستثمرين وأصحاب المواهب؛ وبالتالي تمثل بيئة خصبة ومتطورة لجذب الكفاءات والمواهب والمستثمرين من كافة أنحاء العالم. وما يميز السعودية، تحقيقها المركز الثالث عالمياً في مؤشر حماية حقوق أقلية المستثمرين، كما تصدرت بلادنا دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للمرة الأولى في إنجاز تاريخي جديد، من حيث إجمالي قيمة الاستثمار الجريء في العام 2023 بحسب منصة "MAGNiTT" المتخصصة في إصدار بيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة في المنطقة، وهو انعكاس لما تشهده المملكة من تطور في مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية. ومن الحقائق أيضًا احتلال السعودية للمرتبة 17 عالميًا من أصل 64 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم لتصبح من الدول ال20 الأولى لأول مرة في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD). ولتعزيز جهود التنويع الاقتصادي الوطني ولزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلى 5.7 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2030 تم إطلاق المناطق الاقتصادية الخاصة الذي يمثل نقلة نوعية للاقتصاد السعودي وتنافسيته وفرصا واعدة للاستثمار، كما تسعى المملكة أن تكون 3 من مدنها ضمن أفضل 100 مدينة في العالم وتشهد تطورا متسارعا في جودة الحياة. في المحصلة النهائية، إن الأهداف الاستراتيجية للإقامة المميزة تفوق العوائد المالية، من خلال الاستثمار في الإنسان، واستقطاب العقول، ونقل المعرفة والخبرات، وجذب الاستثمارات.. وجميع ذلك ينعكس كعوائد تنموية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة، ويصاحب كل ذلك الأثر الإيجابي على الاقتصاد الكلي الناجم عن استقطاب المستثمرين سواء عبر انخراطهم في تطوير الكفاءات والمشاريع السعودية، أو عبر ما تمكنه استثماراتهم من خلق فرص وظيفية جديدة.. دمتم بخير.