استقرت أسعار النفط أمس الأربعاء على ارتفاع محققة أكبر المكاسب منذ أكثر من أسبوع، مع مراقبة المستثمرين لتجدد هجمات البحر الأحمر، وقلق تأثر الشحن، برغم استئناف بعض شركات الشحن الكبرى المرور عبر المنطقة على الرغم من الهجمات المستمرة والتوترات الأوسع في الشرق الأوسط. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 15 سنتا، بما يعادل 0.2 بالمئة، إلى 81.22 دولارا للبرميل، في حين نزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي ثمانية سنتات، أو 0.1 بالمئة، إلى 75.49 دولارا للبرميل، واستقر الخامان القياسيان مرتفعين أكثر من اثنين بالمئة في الجلسة السابقة إذ أثارت هجمات أخرى على سفن في البحر الأحمر مخاوف من تعطل حركة الشحن، علاوة على آمال بخفض أسعار الفائدة الأميركية مما قد يعزز النمو الاقتصادي ويغذي الطلب. واستأنفت شركات الشحن الكبرى مثل ميرسك وسي ام إيه الفرنسية المرور عبر البحر الأحمر بعد نشر قوة عمل متعددة الجنسيات في المنطقة. وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق في شركة الوساطة المالية فيليب نوفا بي تي إي: "الصراع المستمر في البحر الأحمر يدفع إلى الارتفاع"، "فيما يزيد عمق السوق الضعيف -بسبب موسم العطلات- من التعقيدات"، وقالت "على الرغم من إغلاق قنوات الشحن وإعادة توجيه السفن، فإن مدى تأثر الإمدادات العالمية لا يزال موضع نقاش". ومن المتوقع أن تقرر شركة هاباج لويد الألمانية ما إذا كانت ستستأنف الشحنات عبر البحر الأحمر يوم الأربعاء. وظل النفط مدعوماً أيضاً بالتكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في عام 2024، ويؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل تكاليف الاقتراض، مما يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي وزيادة الطلب على النفط، وأظهر استطلاع أن من المتوقع أن تنخفض مخزونات الخام الأميركية بمقدار 2.6 مليون برميل الأسبوع الماضي، في حين من المرجح أن ترتفع مخزونات نواتج التقطير والبنزين. ومن المتوقع صدور تقارير المخزون من مجموعة الصناعة التابعة لمعهد البترول الأميركي وإدارة معلومات الطاقة، الذراع الإحصائي لوزارة الطاقة الأميركية، يومي الأربعاء والخميس على التوالي، أي بعد يوم من الموعد المعتاد لكلا التقريرين بسبب عطلة عيد الميلاد. وقال محللو النفط لدى انفيستنق دوت كوم، حقق النفط مكاسب قوية، حيث أدى انقطاع الإمدادات في البحر الأحمر واحتمال تخفيض أسعار الفائدة الأميركية مبكرًا في عام 2024 إلى تقديم بعض الدعم للنفط الخام. وتشجعت الأسعار أيضًا بإتمام الحكومة الأميركية عقودًا لشراء ثلاثة ملايين برميل من النفط، بهدف تجديد احتياطي النفط الاستراتيجي بعد سحب الاحتياطي إلى أدنى مستوياته في 40 عامًا تقريبًا في وقت سابق من هذا العام، وكانت اضطرابات الشحن في البحر الأحمر الناجمة عن الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على السفن، نقطة دعم رئيسة لأسعار النفط الخام في الأسابيع الأخيرة، خاصة وأن الصراع ينذر بتأخير محتمل في عمليات التسليم عبر قناة السويس. وبعيدًا عن الاضطرابات الجيوسياسية، تلقت أسعار النفط الدعم أيضًا من احتمال انخفاض أسعار الفائدة الأميركية في عام 2024، حيث أشارت البيانات الأخيرة إلى استمرار تباطؤ التضخم في الولاياتالمتحدة. ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تعزيز النمو الاقتصادي وربما يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط الخام، على الرغم من أن خطط مجلس الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة لا تزال غير مؤكدة. وينصب التركيز الآن على بيانات المخزونات الأميركية المقرر صدورها في وقت لاحق يومي الأربعاء والخميس لمزيد من الدلائل على الإمدادات في أكبر مستهلك للوقود في العالم. وتأخر إصدار بيانات المخزون لهذا الأسبوع لمدة يوم بسبب عطلة عيد الميلاد يوم الاثنين. وهزت سلسلة من الزيادات في المخزونات الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية أسواق النفط، خاصة وأن ارتفاع مخزونات البنزين ونواتج التقطير يشير إلى تباطؤ الطلب على الوقود في البلاد. وتشير الزيادات أيضًا إلى أسواق أقل ضيقًا في عام 2024 مما كان متوقعًا في البداية، وهو اتجاه من المتوقع أن يبقي أسعار النفط منخفضة، وعلى الرغم من المكاسب الأخيرة، لا تزال العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط تتجه نحو خسارة نحو 7 % لكل منهما في عام 2023. وكان للمخاوف بشأن الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم -مع فشل الانتعاش الاقتصادي في التحقق- تأثير كبير على الأسعار، وكذلك المخاوف من تباطؤ الطلب العالمي على النفط الخام بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم. ومن المتوقع أيضًا أن تكون إمدادات النفط أقل شحًا مما كان متوقعًا في البداية في أوائل عام 2024، بعد تخفيضات الإنتاج المخيبة للآمال من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بينما ظل الإنتاج الأميركي عند مستويات قياسية. وقال محللو أبحاث بنك إيه ان زد، حقق النفط أكبر مكاسبه منذ أكثر من أسبوع بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، مع هجوم جديد على الشحن في البحر الأحمر مما دفع السفن إلى تجنب طريق الشحن الرئيس. وتم تداول خام برنت القياسي العالمي بالقرب من 81 دولارًا للبرميل بعد ارتفاعه بنسبة 2.5 % يوم الثلاثاء، مع تجاوز خام غرب تكساس الوسيط 75 دولارًا. وتعرضت السفينة "إم إس سي يونايتد" للهجوم بينما كانت في طريقها إلى باكستان من المملكة العربية السعودية، على الرغم من قيام الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأخرى بتشكيل قوة عمل بحرية لردع الهجمات. ويعد الهجوم الأخير الذي شنه المسلحون الحوثيون المتمركزون في اليمن، إلى جانب الضربات الأميركية على أهداف في العراق، بمثابة علامات أخرى على أن الحرب لا تزال تهدد بالتوسع إلى صراع أوسع يمكن أن يزعزع استقرار الشرق الأوسط. ولا يزال النفط في طريقه لتسجيل أول انخفاض سنوي منذ عام 2020، على الرغم من أن التوترات ساعدت الأسعار على الانتعاش من أدنى مستوياتها التي بلغتها في وقت سابق من هذا الشهر. وهناك مخاوف واسعة النطاق بشأن تخمة المعروض العام المقبل على الرغم من القيود الجديدة على الإمدادات من منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها. وفي الوقت نفسه، تعززت الفروق الزمنية في الجلسات الأخيرة، حيث بلغت الفجوة بين أقرب عقدين لبرنت 19 سنتًا للبرميل مقارنة ب 4 سنتات قبل أسبوع. ومن المرجح أيضًا أن تشهد الجلسات بين عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة أحجامًا أقل، مع غياب العديد من المتداولين. وتظل الإشارات الأخرى أقل إيجابية. ويواجه كلا الخامين القياسيين ما يسمى بتقاطع الموت، حيث يكون المتوسط المتحرك لمدة 50 يومًا أقل من نظيره البالغ 200 يوم. ويرى بعض المتداولين أن هذا النمط ينذر بمزيد من الضعف. وكان الأسعار قفزت أكثر من اثنين بالمئة في إغلاق تداولات يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوياته هذا الشهر، إذ أثارت هجمات أخرى على سفن في البحر الأحمر مخاوف من تعطل حركة الشحن وآمال في خفض أسعار الفائدة مما قد يعزز النمو الاقتصادي ويغذي الطلب. وجرت تسوية العقود الآجلة لخام برنت في أغلاق أمس الأول مرتفعة دولارين، أو 2.5 %، عند 81.07 دولارا للبرميل، بعد أن ارتفعت بما يصل إلى 3.4 % خلال الجلسة. وارتفع الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 2.01 دولار، أو 2.7 %، إلى 75.57 دولارا. وزادت موجة الصعود، التي جاءت في ظل تعاملات هزيلة مع إغلاق بعض الأسواق لقضاء العطلات، من مكاسب الأسبوع الماضي البالغة نحو ثلاثة بالمئة بعد أن أثارت هجمات الحوثيين على السفن قلق المستثمرين وفي ظل عدم ظهور أي علامة على انحسار أعمال العنف في غزة. وقال جون كيلدوف، الشريك في شركة أجين كابيتال إل إل سي: "هناك الكثير من التوترات الجيوسياسية اليوم فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وقد أثار ذلك بعض القلق هنا بشأن أمن عبور النفط والسلع الأخرى". وعلى الرغم من المخاوف بشأن الشرق الأوسط وإعادة توجيه السفن، فإن العرض الفعلي لم يتأثر بعد. وأعلنت شركة ميرسك يوم الأحد عن إعادة تشغيل طرق الشحن عبر البحر الأحمر، بينما تعمل شركة سي ام إيه الفرنسية على زيادة عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس، مما يخفف المخاوف إلى حد ما. وتوقفت شركات الشحن عن إرسال السفن عبر البحر الأحمر وفرضت رسومًا إضافية على تغيير مسار السفن. ويتصل البحر الأحمر بقناة السويس، وهي طريق ملاحي رئيس يستخدم لنحو 12 % من التجارة العالمية. وقال تيم سنايدر، الاقتصادي في شركة ماتادور إيكونوميكس: "لدينا مشكلات في البحر الأحمر، مما يتسبب في دوران السفن حول القرن الأفريقي، مما يزيد من الأسعار والمخاطر". وقال "قد يتبين أن هذه بداية ليست جيدة جدًا لعام 2024." كما وجد النفط دعما من التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي سوف يخفض أسعار الفائدة العام المقبل. ويؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى خفض تكاليف الاقتراض الاستهلاكي، وهو ما يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي والطلب على النفط. وتبلغ رهانات المتداولين على أن البنك المركزي سيخفض سعر الفائدة بما لا يقل عن 25 نقطة أساس في مارس 2024، 86 %، مقارنة بنحو 21 % في نوفمبر، وفقًا لأداة فيد واتش التابعة لمجموعة سي ام إي. على الرغم من إعلان شركة الحاويات العملاقة إيه بي مولر ميرسك يوم الأحد أنها تستعد لاستئناف استخدام البحر الأحمر تحت حماية قوة المهام البحرية الجديدة المتعددة الجنسيات، إلا أن العديد من الشركات الأخرى تواصل تجنب قناة السويس لصالح رحلات أكثر أمانًا ولكن أطول. وساعدت المكاسب الأخيرة التي حققها النفط الخام في تقليص الانخفاض السنوي، حيث يتجه النفط الآن نحو خسارة بنحو 6 % هذا العام. وقد تم تعزيز الفترات الزمنية، وتأرجح الفارق الفوري لخام برنت - الفرق بين أقرب عقدين له - إلى 22 سنتًا للبرميل في التخلف، وهو نمط تسعير صعودي على المدى القريب، مقابل 16 سنتًا للبرميل في هيكل الكونتانجو المعاكس قبل أسبوع. ومن المرجح أن يشهد الأسبوع بين عطلات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة سيولة ضعيفة، مع انخفاض إجمالي الفائدة المفتوحة عبر عقود النفط الرئيسة منذ منتصف هذا الشهر تقريبًا. كما انخفض التقلب الضمني للنفط خلال الأسابيع الأخيرة.