تقرير «الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية لعام 2022» والذي صدر مؤخراً من قبل وزارة الثقافة تحت عنوان «الاستثمار في القطاع الثقافي»، يعد فكرة/خطوةً رائدة وواعدة، فهي رائدة لأنها سبقت الكثير من القطاعات والمجالات في رصد ودراسة وتقييم العام الكامل بكل ما تضمن من أفكار ومشروعات وإنجازات وتطلعات وتطورات وتحديات، وواعدة لأنها تؤسّس لثقافة/استراتيجية مهمة في مسيرة التنمية الوطنية بشكل الحديث والموضوعي والمحوكم. هذا التقرير الضخم للحالة الثقافية لعام 2022 في نسخته الرابعة، والذي جاء في 266 صفحة، يرصد بشكل دقيق الحركة الثقافية الوطنية بمختلف ألوانها ومستوياتها وتوجهاتها، كما برزت المؤشرات/الفصول الستة التي قُسم فيها هذا التقرير الشامل وهي: «الإدارة والصون» وهو الفصل الذي يُقيّم واقع الإدارة المستدامة للتراث الثقافي وخدمة اللغة العربية وجودة البنية التحتية والتطورات التنظيمية والدعم والمساندة، و»الإبداع والإنتاج الثقافي» وهو الفصل الذي يضع المعايير والضوابط واللوائح لقياس مستويات الإنتاج الثقافي بمختلف أشكاله سواءً في النشر أو الإنتاج السمعي والبصري أو الفنون والتصاميم والمسرح وفنون الأداء، وكذلك رصد الجوائز والتقييمات التي حصل عليها المبدعون والمبدعات محلياً ودولياً، و»المعارف والمهارات» وهو الفصل الذي يتناول تطورات ومؤشرات التعليم والتدريب في القطاعات والمجالات الثقافية والتي تُسهم وبشكل كبير في تشكيل وصياغة هذا الجانب التنموي المهم، و»المشاركة الثقافية» حيث يُقدم هذا الفصل صورةً متعددة الأبعاد لمستويات المشاركة ومدى قدرة القطاع الثقافي للوصول إلى أطياف المجتمع المتنوعة والذي لا يقتصر على إبراز المشاركة الفردية ولكنه يتلمس مدى حيوية الانخراط الاجتماعي في القطاع من خلال تناول الأنشطة غير الربحية فيه، و»الاقتصاد الإبداعي» والذي ركز على رصد وتحليل المؤشرات الاقتصادية للقطاع من إحصائيات العمل إلى الأعمال والسياحة والإنفاق والطلب، أما الفصل السادس والأخير «الاستثمار في القطاع الثقافي» وهو كان العنوان الأبرز في هذا التقرير المهم والذي كشف عن خدمات ومنتجات ثقافية تمر بخط إنتاج وتحوّل لمشروعات ثقافية تُسهم وبشكل ملحوظ في تنمية القطاع الثقافي وبالتالي تنمية الوطن وتوفير الفرص والوظائف لشباب الوطن. ويُعتبر هذا التقرير السنوي الرائع الذي أصبح علامة فارقة في مسيرة الحركة الثقافية السعودية التي تحوّلت لحديث العالم لما تُقدمه من أفكار وبرامج ومشروعات رائدة وملهمة، منتجاً معرفياً ونهجاً ثقافياً يستحق الإشادة والفخر، فهو يرصد بكل دقة ومسؤلية الواقع الثقافي السعودي الذي ينمو في كل الاتجاهات والمجالات، كما يُقدم قراءة موضوعية للحالة الثقافية السعودية ويوثق منجزاتها ويُبرز تحدياتها. بالنسبة لي، شعرت بالدهشة الممتزجة بالفخر، وأنا أتصفح هذا التقرير الضخم، وذلك من أجل كتابة هذا المقال الذي يتناول قيمة وأهمية هذا التقرير الملهم عن الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية في العام الماضي 2022 وهو كغيره من الأعوام يزدحم بالتفاصيل والملامح الثقافية المحلية والخارجية والتي تتمثل في المهرجانات والمؤتمرات والندوات والأمسيات والمعارض وغيرها من الوظائف والأدوار التي تقوم بها الهيئات الثقافية ال 11 وهي: هيئة الأدب والنشر والترجمة، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة التراث، وهيئة فنون العمارة والتصميم، وهيئة الفنون البصرية، وهيئة المتاحف، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة المكتبات، وهيئة الموسيقى، وهيئة فنون الطهي. كل الشكر والامتنان لوزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وكل منتسبي الوزارة بمختلف مجالاتها وهيئاتها لكل هذه الجهود الكبيرة لصنع ثقافة سعودية رائدة وواعدة تتناسب مع قيمة ومكانة المملكة التي تحتل الصدارة في كل المجالات والمستويات على الصعيدين الإقليمي والعالمي، كل ذلك بفضل من الله عز وجل وبقيادة رشيدة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وبإخلاص ووفاء أبناء وبنات هذا الوطن العظيم.