يوجد في السعودية قرابة ثمانية ملايين لاعب نشط، وأكثر من 100 فريق على هيئة شركات مسجلة في اتحاد الرياضات الإلكترونية، ومن غير المستبعد أن تعمل الرياضات الإلكترونية على إزاحة نظيراتها التقليدية مع الوقت، بانتظار توطين صناعتها وتفعيل مبادراتها وإنتاج ألعابها محلياً في المستقبل القريب.. إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل عشرة ايام كان ملهماً، وفيه أن المملكة ستقيم بشكل سنوي، اعتبارا من صيف 2024، بطولة كأس عالم للرياضات الإلكترونية، وستضع مؤسسة غير ربحية للإشراف عليها، وقد سبق هذا الإعلان، الذي كان بحضور وزير الرياضة ورئيس الفيفا والنجم المعروف كريستيانو رونالدو وآخرون، إطلاق الاستراتيجية الخاصة بهذه الرياضات في 2022، وقبلها إنشاء الاتحاد الرياضى المعني بها في أواخر 2017، ومن ثم تأسيس مجموعة (سافي غيمز قروب) التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، واستحواذها على شركة (إي سي إل) المهتمة بإنتاج المنافسات الرياضية الإلكترونية، ودمجها مع منصة الألعاب (فيسيت) بعد الاستحواذ عليها، والشركة الجديدة استحوذت على شركة ثالثة لتكنولوجيا الرياضات الإلكترونية اسمها (فيندكس). بجانب شراء حصص في أكثر من سبع شركات عالمية ومهمة في اللعبة أبرزها (نينتندو) والأخيرة يعتبر الصندوق السيادي السعودي، أكبر مساهم خارجي فيها، وبنسبة 8,6%، وكلها ستعمل على الوصول السعودي المدروس إلى قائمة الثلاثة الكبار، وذلك في إعداد اللاعبين الأفراد المحترفين في الرياضات الإلكترونية، بالإضافة إلى رفع مساهمة قطاع الألعاب الإلكترونية في الناتج المحلي، ليصل إلى حوالي 13 مليار دولار خلال السبعة أعوام القادمة، وإعادة المليار دولار التي ينفقها السعوديون عليها سنوياً إلى الاقتصاد الوطني. أول مسابقة رسمية للألعاب الإلكترونية كانت في 1972، وأقيمت في جامعة ستانفورد الأميركية، على لعبة (سبايس كورد)، وتنافس فيها عشرة لاعبين، باستخدام شبكة محلية صغيرة لأجهزة الكمبيوتر، وزادت شعبيتها عن طريق ألعاب (الأركيد) ك(باكمان) و(ستريت فايتر) وألعاب وحدات التحكم ك(الآتاري)، وحضرت لاحقا ألعاب الغرافيك الملونة ومن أشهرها (سوبرماريو).. ولعل كوريا الجنوية قامت بدور أساسي في نقل الألعاب إلى مستوى أعلى، بفعل تطوير بنيتها الرقمية التحتية، واستطاعت إدخال الألعاب إلى مجال الأونلاين، وإلى اللعب المباشر مع جنسيات متنوعة حول العالم، وفتح الباب لإقامة الأندية والمنافسات بين القيمرز وتنظيم البطولات الرسمية، وحرصت شركات الألعاب نفسها على تنظيم المسابقات، وعلى تقديم الجوائز العالمية لألعابها. حتى إن جوائز (دوتا تو) في نسخة 2021 تجاوزت 40 مليون دولار، وتستفيد بطولات الرياضات الإلكترونية ك(فيفا) و(ببجي) من عقود إعلانات ورعاية كبيرة، تقدمها شركات الكمبيوتر والمشروبات والسيارات وغيرها، بخلاف عقود البث على الشبكات الرياضية، وإيرادات التذاكر والملبوسات، تماماً كالرياضات التقليدية، وتوجد ملاعب لهذه البطولات، كفيوجن إي سبورت ارينا في أميركا، وزونجيان إي سبورت في الصين، وملعب باركليز سنتر الأميركي، الذي أقيم فيه نهائي لعبة (أوفر ووتش) التي حضرها اثنان وعشرون ألف متفرج، والحكومة الأميركية تعامل لاعبي (ليغ اوف ليجندز) باعتبارهم رياضيين محترفين، وتعطيهم درجات أعلى في الثانوية العامة، كما تفعل مع لاعبي كرة القدم الأميركية، ويمنحون كذلك تأشيرات أميركية للعمل تحت مسمى قيمرز، ويتم توقيع عقود معهم، ويخضعون لساعات نوم محددة، وأنظمة غذائية، وتمارين للمحافظة على لياقتهم الجسدية والعقلية، وعلى طريقة لاعبي كرة القدم في الدوري السعودي، لأنها في الحقيقة لا تختلف عن الرياضات البدنية. وبحسب دراسة اسكندنافية في الصحة العامة، أجريت في 2013، فإن المكافئ الأيضي للمهام، وهو طريقة لقياس الجهد الجسماني للشخص في الأنشطة المختلقة، سجل رقما يتراوح ما بين أربع إلى تسع درجات عند ممارسي الرياضات الإلكترونية، مقارنة بدرجتين لممارسي المشي البطيء، وثماني درجات لممارسي كرة السلة، ما يعني أن القميرز يقومون بمجهود أكبر من لاعبي كرة السلة، وأكدت دراسة نشرت عام 2012 في مجلة (كارينت بيولوجي)، أن ممارسة الرياضات الإلكترونية تعمل على تطوير مهارات متعددة، وبالأخص التي تحتاج إلى دقة عالية، كالجراحة بالمنظار أو توجيه الطائرات بدون طيار، وتوجد جامعات أميركية تقدم تخصصات أكاديمية في الرياضات الإلكترونية، وفي الداخل السعودي مراكز تدريب تقوم بهذا الغرض. متابعو منافسات الرياضات الإلكترونية على يوتيوب، يتفوقون بمراحل على كل متابعي الأفلام والمحتوى الرياضي والإخباري والتعليمي في ذات المنصة، والمعنى أن المملكة تلتقط التجارب الناجحة وتبني عليها، وتستثمر فيها أيضاً بأشكال مختلفة، وقد قال سمو ولي العهد في حواره مع قناة فوكس نيوز قبل أكثر من شهرين: أن نمو هذا القطاع الاستراتيجي سنوياً يقدر بحوالي 30%، وأضيف بأن سوق الرياضات الإلكترونية العالمي قيمته 200 مليار دولار، وفق إحصاءات العام الجاري، ومن يمارسون هذه الألعاب ويتابعونها يزيد على ثلاثة مليارات، 60% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 16 و34 عاماً، واللاعبون المحترفون لا يتجاوزون 15% أو 450 مليونا، ويوجد في الأراضي السعودية قرابة ثمانية ملايين لاعب نشط، وأكثر من 100 فريق على هيئة شركات مسجلة في اتحاد الرياضات الإلكترونية، ومن غير المستبعد أن تعمل الرياضات الإلكترونية على إزاحة نظيراتها التقليدية مع الوقت، بانتظار توطين صناعتها وتفعيل مبادراتها وإنتاج ألعابها محليا في المستقبل القريب.