تعمل الاستراتيجيات والخطط الوطنية على تطوير القطاعات المختلفة بتكامل فيما بينها، ليدعم كل منها أهداف القطاعات الأخرى، بحيث لا يمكن فصل استراتيجية عن غيرها، وهو ما تميزت به رؤية السعودية 2030، فهي نهضة شاملة تتسارع في كافة قطاعات البلاد لتطويرها ورفع العائدات غير النفطية. ويعد تطوير القطاع السياحي، وزيادة مشاركة الاقتصاد الإبداعي في الناتج المحلي، من أهم مستهدفات الرؤية ليكونا رافدين اقتصاديين مهمين وركيزتين مؤثرتين في الحياة العامة. وتبرز المهرجانات والفعاليات العالمية سواءً على المستوى الفني أو الثقافي أو الرياضي كأحد أهم عوامل الجذب السياحي، وهو ما تتميز به المملكة اليوم عبر إقامة فعاليات فنية كبرى حتى أصبحت المدن لسعودية عواصم للفن بكافة جوانبه. وعندما نعلم أن حجم صناعة الترفيه يصل عالميا إلى أكثر من 2 تريليون دولار ويوفر 29.5 مليون وظيفة، وأن المملكة أصبحت أحد أكبر المستضيفين والمنتجين في هذا القطاع، ندرك أهمية الفعاليات الفنية السعودية التي أصبحت لا مقصداً إقليمياً فحسب بل وحتى عالمياً، فحفلات مواسم المناطق وفعاليات جولة المملكة وفعاليات مدل بيست أصبحت جاذبة بقوة لمَن هُم خارج المملكة وتساهم بشكل كبير في الاقتصاد الإبداعي، بالإضافة إلى تأثيرها كقوة ناعمة تعكس الحالة الثقافية والتطور الذي تعيشه البلاد، وتخلق فرص عمل. فعلى سبيل المثال استطاعت فعاليات مدل بيست الثلاث أن تجمع بين الترفيه عالي الجودة، والرافد الاقتصادي الكبير، والقوة الناعمة المؤثرة، ودعم الساحة الفنية، حيث إن وجود مثل هذه الفعالية عكس صورة مختلفة عن الساحة الفنية السعودية، وغيّر الصورة النمطية عن مستوى الحراك الفني فيها، ففي عام 2022 فقط استقطبت هذه الفعاليات أكثر من 10 آلاف شخص من الدول غير المجاورة ثلثهم من أوروبا وأميركا، ناهيك عن الزوار من دول المنطقة، كما أن أثرها الاقتصادي أصبح ملموساً، حيث وفرت 18 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وساهمت في إيجاد مئات المشاريع المصاحبة لهذه الفعاليات، وساعدت في إنشاء مشاريع متوسطة وصغيرة استغلها الشباب السعودي في تنمية تجارتهم، فقد بلغ إجمالي إنفاق الزوار خارج موقع الفعاليات مثل الإقامة والمطاعم والترفيه أكثر من 450 مليون ريال، مما يعكس تأثيرها خارج النطاق الفني، ليكون مجمل ما أضافته هذه الفعاليات للاقتصاد السعودي 840 مليون ريال سعودي، بالإضافة إلى ردود الفعل الخارجية الجاذبة للمهتمين بهذا النوع من الفعاليات على وسائل التواصل الاجتماعي. إن المملكة اليوم هي بيئة خصبة للمبدعين في كل المجالات، وقد بنت أرضية صلبة للانطلاق في آفاق الثقافة والفنون، ومن ذلك حي جاكس في محافظة الدرعية، والذي تمت تهيئته ليصبح المنطقة المرجعية للفنون والثقافة في المملكة، ويستضيف المؤسسات والشركات والبرامج والمعارض المهتمة بهذا المجال، للوصول إلى هدف المشاركة ب 3 ٪ في الناتج المحلي في عام 2030، وهو هدف سيتحقق بنجاح بإذن الله.