لقد أحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا كبيرًا في نظام الرعاية الصحية من خلال إيجاد حلول للمجالات الرئيسية لرعاية المرضى كالتشخيص وتقييم المخاطر واتخاذ القرار واختيار إجراءات العلاج. ويعد التعلم الآلي أحد أهم أدوات الذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الآلات من تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية لتحديد الأنماط وإجراء التنبؤات وتحسين الأداء، وعلى ذلك فإن جودة واتساع البيانات التي نقدمها لنموذج الذكاء الاصطناعي من أهم العناصر التي تدعم نجاح الذكاء الاصطناعي، فكلما زادت جودة واتساع البيانات كان أداؤه أفضل، وكلما كانت البيانات المدخلة غير دقيقة وتحتوي على أخطاء فسوف يقلل من طموحاتنا وذلك بتقديم نتائج مخيبة للآمال. ومن غير المحتمل أو المستبعد جدًا أن يحل الذكاء الاصطناعي محل ذكاء الأطباء، إلا إنه يمكن أن يوفر مساعدة لا تقدر بثمن في مجموعة متنوعة من المجالات الصحية لتحسين الكفاءة في معالجة المعلومات واتخاذ القرار. سنناقش هنا بعض اهم المجالات التي يلعب فيها الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في مساعدة المرضى ومقدمي الرعاية الصحية. زيادة كفاءة عملية التشخيص وكما هو معلوم فإن إحدى أهم فوائد الذكاء الاصطناعي تتمثل في قدرته على زيادة كفاءة عملية التشخيص؛ حيث يساعد التقدم في قوة الحوسبة، وخوارزميات التعلم، ووجود بيانات قوية وكبيرة والتي يتم الحصول عليها من السجلات الطبية وأجهزة المراقبة الصحية القابلة للارتداء في التنبؤ بالأمراض وتشخيصها بشكل أسرع وأكثر دقة وتحديد المخاطر بشكل استباقي ومنعها وسد فجوات الرعاية الوقائية، فقد أظهرت دراسة أن الذكاء الاصطناعي يمكنه الكشف عن سرطان الثدي بشكل أكثر دقة في مراحله المبكرة؛ حيث يتم مراجعة وترجمة التصوير الشعاعي للثدي أسرع 30 مرة وبدقة عالية، مما قلل الحاجة إلى الخزعات غير الضرورية. خفض التكاليف بالإضافة إلى زيادة كفاءة عملية التشخيص، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل تكاليف الرعاية الصحية بشكل أكبر في العديد من المجالات المختلفة، كالجراحة بمساعدة الروبوت، ومساعدي التمريض الافتراضيين، والمساعدة في سير العمل الإداري. ومع استمرار التعلم الآلي في الذكاء الاصطناعي بتحليل ملايين الصور والبيانات بحثاً عن علامات المرض فإنه سيُحَسِّن عملية التشخيص ويجعلها أكثر دقة بجزء بسيط من التكلفة الأصلية. وعلى سبيل المثال، فإذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي تحليل الأشعة بأنواعها السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية بحثًا عن علامات المرض، فإن ذلك يزيل العمل اليدوي المكلف الذي يقوم به الأطباء من قراءة الأشعة وتحليلها وكتابة التقارير ويقلل من أوقات الانتظار؛ مما يوفر على المرضى ومقدمي الرعاية الصحية الوقت والمال، وسيُحَسِّن أداء الطبيب من خلال تشخيص أسرع وأكثر دقة، بل إنها أيضاً أداة قيّمة في معالجة نقص متخصصي الأشعة. تقليل المخاطر وكذلك يمكن أن يستفيد الأطباء من الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم مساعدة فعالة وفريدة في العمليات الجراحية، من خلال دراسة وتحليل التقارير الخاصة بالمختبر والأشعة بأنواعها والفحوصات السريرية والتاريخ الطبي للمريض وذلك قبل اجراء العملية لتطوير خطط العلاج وتقليل المخاطر وتقديم رعاية عالية الجودة للمرضى. كما يمكن ان تحسن تقنية الذكاء الاصطناعي من عملية اتخاذ القرار اثناء إجراء العمليات الجراحية ومنع النتائج السلبية وتقليل المخاطر من خلال تحليل البيانات من مصادر متعددة في الوقت الفعلي، وتقديم الملاحظات إلى الجراحين لتقليل المخاطر والحصول على عمليات سريرية فعالة، وبيئة آمنة للمرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية. وفي المقابل أيضا فإن الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في إجراء العمليات المعقدة باستخدام الروبوتات حيث يمكن الجراح من التحكم حول الأعضاء والأنسجة الحساسة والاعصاب بدقة ومرونة عالية مما يقلل من فقدان الدم أثناء العملية الجراحية وحدوث الاخطاء، وأيضا يقلل من خطر العدوى وآلام ما بعد الجراحة. تطوير رعاية المرضى عادة في المرافق الصحية المزدحمة من مستشفيات وعيادات تكون تجارب المرضى غير مرضية، لذا فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في مسح بيانات المرضى بسرعة والحصول على التقارير وتوجيههم إلى العيادات الأقل ازدحاما؛ لتجنب الارتباك والانتظار، كما يستطيع الذكاء الاصطناعي بالتفاعل مع المرضى عن بعد بطرح الأسئلة وتحليل الإجابات وتقييم الأعراض المعروفة وعوامل الخطر لتقديم معلومات طبية مستنيرة للمرضى وتحديد المخاطر بشكل استباقي ومنعها. وعليه فإن الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات هائلة للتأثير بشكل إيجابي وعميق في مجال الرعاية الصحية. من خلال زيادة كفاءة عملية التشخيص، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالأمراض وتشخيصها بشكل أسرع وأكثر دقة وتحديد المخاطر بشكل استباقي ومنعها. علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في خفض التكاليف وتقليل المخاطر وتطوير رعاية المرضى. مع استمرارنا في استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، من الضروري معالجة المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وأمنها، والحفاظ على المعايير الأخلاقية، وإنشاء الأطر التنظيمية. *متخصص في التقنيات الحديثة والاتصالات