تجري شركتا سينوبك الصينية وتوتال الفرنسية، من بين شركات أخرى، محادثات للاستثمار في تطوير حقل الجافورة للغاز غير التقليدي في المملكة العربية السعودية، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، حيث تسعى المملكة لاستغلال أحد أكبر حقول الغاز غير المستغلة في العالم. وقالت مصادر موثوقة، إن عمالقة الطاقة الصينيين والفرنسيين يجرون مناقشات منفصلة مع أرامكو السعودية حول الخطط التي قد تشمل بناء منشآت لتصدير الوقود كغاز طبيعي مسال. وقالت المصادر إن أرامكو تسعى لجمع ما مجموعه نحو عشرة مليارات دولار للمشاريع. وتبحث أرامكو السعودية عن مستثمرين في الأسهم يمكن أن يساعدوا في تمويل مشاريع الصناعات اللاحقة للمنبع والمصب في مشروع تطوير غاز الجافورة بأكثر من 100 مليار دولار في شرق المملكة. وأفادت مصادر في ديسمبر أن الشركة التي تسيطر عليها الدولة تتواصل مع شركات الأسهم الخاصة والصناديق الكبيرة الأخرى التي تستثمر في البنية التحتية لتقديم حصص في الأصول مثل مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه وخطوط الأنابيب ومحطات الهيدروجين. ويقدم بنك الاستثمار شركة إيفركور المشورة إلى أرامكو بشأن الخطط. وقالت مصادر مقربة إن المحادثات جارية ولم يتم اتخاذ قرارات نهائية. أدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، بقيادة الدول الأوروبية التي كانت تحصل تقليديًا على إمداداتها من روسيا. وقد أدى ذلك إلى أن تشرع دول الخليج في خطط طموحة لتوسيع إنتاجها من الغاز. تمتلك المملكة العربية السعودية بعضًا من أكبر احتياطيات الغاز في العالم، التي لم تستغل في الماضي. والآن، الجافورة جزء رئيس من استراتيجية الرياض لتنويع صادراتها خارج النفط. يُقدر أن الحقل يحتوي على 200 تريليون قدم مكعب من الغاز، وتتوقع أرامكو أن يبدأ الإنتاج هناك في عام 2025، ليصل إلى حوالي ملياري قدم مكعب قياسي يوميًا من المبيعات بحلول عام 2030. ويمثل قرار بناء محطة لتصدير الغاز الطبيعي المسال منعطفا لأرامكو. وقالت الشركة مؤخرا إن غالبية الغاز من الجافورة وحقول أخرى سيستخدم في السوق المحلية ولصنع الهيدروجين الأزرق. ومنذ أن تم تأميم أرامكو بالكامل في عام 1980، اقتصرت معظم الاستثمارات الأجنبية في صناعة الطاقة في المملكة على أصول التكرير والبتروكيميائيات مثل المصافي ومصانع البتروكيماويات. في الماضي، أقامت أرامكو مشاريع مشتركة مع شركات من بينها شل بي إل سي وتوتال إنرجي للتنقيب عن الغاز الطبيعي وحفره داخل حدودها. وذكرت شركة أرامكو السعودية في البث الالكتروني المصاحب لإعلان نتائج الربع الرابع والعام 2022، انها تعكف على تطوير مرحلي لحقل الجافورة لمشروع إنتاج 2 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم من غاز البيع. وتواصل المملكة إحراز التقدّم في برنامج توسعة شبكة الغاز بهدف زيادة الإنتاج، مع استمرار أعمال الإنشاءات والتصاميم الأولية لمعمل غاز الجافورة، وتبلغ طاقة المعالجة المقررة للمرفق 3.1 مليارات قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز الخام، ومن المتوقع أن يتم تطوير أعمال الإنشاءات في المعمل على مرحلتين حتى عام 2027. ويُتوقع أن يبدأ حقل الجافورة الإنتاج في عام 2025، وستزيد شحنات الغاز الطبيعي تدريجيًا لتصل إلى معدل مستدام يبلغ 2.0 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا بحلول عام 2030، مما سيوفر اللقيم اللازم لإنتاج الهيدروجين والأمونيا، ويساعد في تلبية الطلب المحلي المتزايد المتوقع على الطاقة. ومن المتوقع أن يولد برنامج أرامكو للغاز غير التقليدي، عندما يصل إلى ذروته الإنتاجية، الطاقة للاستهلاك المحلي بما يعادل الاستغناء عن نحو 500 ألف برميل من النفط الخام، مما يُتيح استخدام هذا النفط والسوائل البترولية الأخرى في صناعة مختلف المنتجات القيمة، بما في ذلك منتجات تُستخدم في أعمال أرامكو الكيميائية. يهدف مشروع الجافورة أيضًا إلى إنتاج منتجات أخرى قيمة، ومن المنتظر أن يُنتج أكثر من 420 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الإيثان وحوالي 630 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي والمكثفات يوميًا بحلول 2030، الأمر الذي سيوفر، في حال تحققه، اللقيم اللازم لتلبية الطلب المتزايد والسريع في قطاع البتروكيميائيات، ومن المتوقع أن يكون برنامج الجافورة أيضًا مكملًا لمشروع أرامكو لتطوير الهيدروجين منخفض الكربون والأمونيا الزرقاء. ويعد حقل الجافورة للغاز غير التقليدي، علامةً فارقةً في مسيرة تنمية قطاع الطاقة في المملكة، ويُتوقع أن يبلغ إجمالي استثمارات مشروع الجافورة، الرأسمالية والتشغيلية، أكثر من 100 مليار دولار خلال عمر المشروع. ويتوقع أن يُسهم مشروع الجافورة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 20 مليار دولار (75 مليار ريال) سنوياً كما يُتوقع أن يُثمر برنامج الغاز غير التقليدي، الذي يشمل مشروع الجافورة، عن إيجاد أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وسيؤدي تطوير الحقل طوال 22 عاماً من بداية تطويره دخلاً صافياً للحكومة بنحو 8.6 مليار دولار سنوياً (32 مليار ريال) وسيجعل المملكة أحد أهم منتجي الغاز في العالم ليضاف إلى مركزها كأهم منتج للبترول. وسيؤدي تطوير الحقل إضافة إلى برامج المملكة في تطوير الطاقات المتجددة إلى تحقيق المزيج الأفضل لاستهلاك أنواع الطاقة محلياً ويدعم من سجلها في حماية البيئة واستدامتها. وحصلت شركة سامسونغ للهندسة ومجموعة هيونداي الكوريتين على عقد لتنفيذ بعض أعمال مشروع حقل الجافورة للغاز في المملكة، بقيمة تفوق 11 مليار دولار. أكبر طبقة غاز صخري ويُتيح حوض الجافورة، الذي يمتد على مساحة تقدر بنحو 17 ألف كم2، فرصة فريدة لبناء مشروع ضخم يهدف للإسهام في مسيرة التحول في قطاع الطاقة. ويُمثل حقل الجافورة أكبر طبقة غاز صخري غنية بالسوائل في الشرق الأوسط، إذ يحتوي على المكثفات والغاز الطبيعي المسال، ويوجد تحت حوضه ما يقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي الذي يمكن أن يُسهم في الحد من الانبعاثات وتوفير اللقيم لأنواع وقود مستقبلية ذات انبعاثات كربونية أقل. وتوجد احتياطات الغاز المحصورة في باطن الأرض في طبقات صخرية تتسم بقلّة النفاذية والمسامية، ويعود ذلك إلى طبقات الصخور الرسوبية وشقوقها الضيقة، وهذا يعني أن استخراج كميات تجارية من الغاز الطبيعي من مكامن الغاز الصخري يتطلب الاستعانة بأساليب حفر متطورة، مثل الحفر الأفقي واستخدام أساليب التكسير الهيدروليكي لزيادة تدفق الغاز عبر التكوينات الصخرية. ولهذا تُصنف حقول الغاز التي توجد داخل تكوينات طبقات الصخور ضمن فئة الحقول غير التقليدية. وحالما تأكدت أرامكو من الثروات الهيدروكربونية الهائلة التي يتمتع بها حوض الجافورة، بدأت الشركة في وضع خططها لتطوير حقل الغاز من خلال حفر أول آبار أفقية وعمودية في الصخور المصدرية في جبل طويق، وشملت هذه الخطط عنصرين رئيسين: أولًا، تحتم على أرامكو إعداد الكفاءات الفنية والتنظيمية اللازمة للاستكشاف والتنقيب والتقييم لحقل غاز غير تقليدي كهذا. وثانيًا، توجب على أرامكو تطبيق استراتيجية منهجية للحدّ من المخاطر، وشمل ذلك الحصول على بيانات لطبقات الأرض وإنشاء خرائط جيولوجية لتوجيه عمليات الاستكشاف وحفر آبار التقييم - التي كانت قيد التشغيل مدة تصل إلى ثلاث سنوات - لتقييم الإنتاجية وتحسين عملية اتخاذنا للقرار. وللارتقاء بمستوى أدائها، طورت أرامكو حلول حفر مناسبة لاحتياجاتها واستخدمها تقنيات عالية الأداء اشتملت على تصاميم جديدة لأنظمة الحفر وأسطول من "منصات الحفر المتنقلة" التي يمكن نقلها كوحدة كاملة من بئر إلى أخرى، وبالتالي تحسين السلامة والكفاءة التشغيلية. ولزيادة إنتاج الآبار استخدمت أرامكو تقنيات مبتكرة طورتها كوادر الشركة، وتبنّة ممارسات مثلى في أعمال التكسير الهيدروليكي، وعملت على تحسين كفاءة إنجاز الآبار دون أجهزة حفر بما يزيد على خمسة أضعاف. ونجحت أرامكو بفضل هذه المبادرات وغيرها في خفض تكاليف حفر الآبار وإنجازها بشكل كبير وزيادة الإنتاج وتحسين الجدول الزمني لتسليمها. يتطلب استخراج كميات كبيرة من الغاز من حقل غير تقليدي خبرات فنية وهندسية كبيرة ورؤية بعيدة المدى يساندها الاستثمار، وبلغ الكم الهائل من الفرص المتاحة في الجافورة حدًا وصلت فيه قيمة المقاولات التي أبرمت 10 مليارات دولار لتطوير المرحلة الأولية من المشروع. وسيضمن مرفق الجافورة، بعد إنجازه، موثوقية تسليم الغاز الطبيعي والمكثفات عبر شبكة سطحية مخصصة تشتمل على معمل لمعالجة الغاز، ومعمل لتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، ونظام لضغط الغاز، وشبكة تتألف من نحو 1500 كيلومتر من خطوط أنابيب النقل الرئيسة، وخطوط التدفق، وخطوط أنابيب تجميع الغاز، ويشتمل المشروع أيضًا على إنشاء نقطة إمداد كهربائية مركزية وخطوط نقل وربط كهربائي لحقل الغاز في الجافورة. ومن المتوقع أن تُسهم أنشطة أرامكو الاستكشافية لحقول الغاز غير التقليدية في المملكة في توسيع نطاق مجموعة أعمال الشركة ومشاريعها في قطاع الغاز فضلًا عن إتاحة فرص أعمال جديدة، ومن خلال إمداد الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية، وتحلية المياه، وإنتاج الصلب - مع توفير المواد الخام مثل الإيثان لقطاع البتروكيميائيات المحلي - سيُسهم حقل الغاز في الجافورة إسهامًا كبيرًا في النمو الاقتصادي المحلي.