يشهد الاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية توسعاً غير مسبوق، ولعلّ أكثر المجالات التي يشملها هذا التوسع هو التجارة الإلكترونية لاتي لا تنفكّ تستمر في النمو. وتشير بيانات أحدث تقارير Checkout.com، إلى أن غالبية المستهلكين في المملكة (91٪) يتسوقون الآن عبر الإنترنت، إلى ذلك يشير التقرير إلى أن أربعة من كل خمسة متسوقين سعوديين (78٪) سيحافظون على مستويات إنفاقهم عبر التجارة الإلكترونية أو سيزيدونها خلال هذا العام. ومما لا شكّ فيه هو أن اتجاهات الشراء هذه تتجلى وتصبح أكثر وضوحاً خلال شهر رمضان المبارك، وهو الوقت الذي عادةً ما تشهد التجارة في المملكة فيه ارتفاعاً في معدلات الإنفاق الاستهلاكي عبر غالبية فئات البيع بالتجزئة. ووفقاً لريمو جيوفاني أبونداندولو، المدير العام لشركة Checkout.com لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فأن هذه التحولات في سلوك المستهلكين تفتح فرصاً كبيرة للتجار، إلا أنها ترفع أيضاً من مستويات توقعات المستهلكين الذين لا يترددون في التوجه إلى تاجر جديد، إذا ما لم ينجح تاجرهم بتلبية توقعاتهم. ولذلك لا بد أن يكون لكافة الشركات، بغضّ النظر عن نشاطها، وجود رقمي وأن تعمل على تحسينه باستمرار، بما في ذلك جانب المدفوعات. واستناداً إلى مناقشات معمقة مع كبار تجار التجزئة، تمكّنا من تحديد ثلاث نصائح رئيسة يمكن للتجار الاستفادة منها لإطلاق فرص جديدة للنمو في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة ككلّ. وأضاف، لم يعد النقد نموذجاً مفضلاً، فلا يحتاج المستهلكون اليوم إلى الكثير من الإقناع للتحول إلى المدفوعات الرقمية. وقد وجدنا أن 70 ٪ من المستهلكين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يرون في طرق الدفع الرقمية خيارهم المفضل، وهو ارتفاعٍ من 40 ٪ في عام 2020. ويتجلى هذا الأمر بشكل أوضح لدى الفئة العمرية من 25 إلى 45 عاماً، والتي تمثل الجزء الأكبر من القوة الشرائية الإقليمية. وعليه، أصبحت المحافظ الرقمية وتطبيقات التكنولوجيا المالية خيارات أساسية بالنسبة للمستهلكين المتمرسين في مجال التطبيقات الرقمية. ويقول نحو ثلث الأفراد ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في المملكة، أن المحافظ الرقمية مثلApple Pay وSTC Pay هي طريقة الدفع الرئيسة بالنسبة لهم. إن زيادة ثقة المستهلكين في جميع أنحاء المنطقة بالمدفوعات الرقمية، واستمرار انتشار المحافظ الرقمية كطرق دفع مفضلة، يفرض على التجار الاستثمار لتعزيز قدرات محافظهم الرقمية لمواكبة هذا الطلب المتزايد. اشتر الآن وادفع لاحقاً ويشهد خيار "اشتر الآن، وادفع لاحقاً" نمواً لافتاً وكبيراً في المملكة، حيث استخدم نصف المستهلكين هذا الخيار في عام 2022. بشكل عام، وتفضل الفئة العمرية الأصغر هذا الخيار، إلا أنه يوفر أيضاً فرصة اقتراض متوافقة إقليمياً وبدون فوائد للراغبين بالشراء من خلال منصات التجارة الإلكترونية. وقد أصبح خيار الدفع هذا في عام 2023 عاملاً أساسياً للشركات لزيادة حجم مبيعاتها وحجم سوقها. علاوة على ذلك، فإن الحصة السوقية لخيار "اشتر الآن، وادفع لاحقاً" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تنمو بمعدل سنوي يبلغ نحو 33 ٪، وقد يصل حجمه إلى 89 مليار دولار بحلول عام 2030، الأمر الذي يمثل فرصة هائلة للتجار في هذه المنطقة. وعلى الرغم من القفزات الهائلة في مستويات تبني هذا الخيار، إلا أن ثلث التجار فقط (36 ٪) يقدمونه حالياً، مما يعني أن نحو ثلثي الشركات العاملة في مجال التجارة الإلكترونية لا تستفيد حتى الآن من هذه الفرصة. كما أن المعاملات العابرة للحدود في توسع مستمر، مما يوفر الفرصة ويفرض المنافسة: تعد التجارة الإلكترونية بوابة نحو الأسواق العالمية. وتُظهر البيانات أن عمليات الشراء العابرة للحدود تستحوذ على معدلات كبيرة من عمليات التسوّق الإلكتروني في المنطقة، حيث تسوّق نحو 85 ٪ من المستهلكين في المنطقة عبر الإنترنت من علامات تجارية وتجار تجزئة خارج بلدانهم الأصلية في العام الماضي. كما يعتبر ثلث المتسوقين أن التسوق عبر الحدود هو السبب الأول الذي يدفعهم للتسوق عبر الإنترنت. ويمثل هذا الأمر فرصة رائعة لكل من التجار العالميين والإقليميين لتوسيع حضورهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتُشير البيانات إلى أن 4 من أصل 5 تجار أوروبيين سيباشرون بالبيع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذا العام. إلا أن التجارة عبر الحدود أمر لا يخلو من التحديات، إذ توجد فروق محلية دقيقة لا بد للبائعين عبر الحدود الالتزام بها. ويجب على التجار الدوليين الحصول على الدعم والتوجيه المحلي الذي يلبي احتياجات الأسواق التي يستهدفونها. وغالباً ما يكون المنطلق الأهم هو تزويد قاعدة العملاء المستهدفة بطرق دفع سلسة. فعلى سبيل المثال، تعد منصات الدفع المحلية الخاصة بكل بلد سمة مميزة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتُظهر أحدث البيانات أن هناك أكثر من 30 مليون بطاقة "مدى"، وهي شبكة بطاقات محلية في المملكة العربية السعودية، قيد التداول حالياً، كما أن حجم المعاملات باستخدام بطاقات مدى هذه يزداد بنسبة تزيد على 300 ٪ على أساس سنوي. ومن الضروري أن يقدم التجار العالميون هذه الأنواع من البطاقات المحلية كخيار دفع عند قيامهم بأعمال تجارية في المنطقة. وإذا لم يتم الالتزام باحتياجات المستهلك، فقد تخسر الشركات هؤلاء العملاء المحتملين. ولا بد من الإشارة إلى أن التجار في المملكة العربية السعودية سيستفيدون من وجود شركاء دفع موثوقين يساعدونهم في التعامل مع هذه الاتجاهات المتنامية ويمكن للشركات أن تزدهر في اقتصاد رقمي متزايد، من خلال تنشيط المزيد من منصات الدفع الرقمية، وبناء قدرات مثل خيار "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، وصياغة استراتيجيات نمو عبر الحدود.