تبدأ العلاقات الثنائية بين الجانبين السعودي والإيراني صفحة غاية في الأهمية وفي وقت وظرف دولي أحوج ما يكون لانتصار رؤى السلام وتغليب مصالح دول العالم قاطبة، وهي المبادئ والقيم التي تعززها الرؤية المباركة 2030.. في تغريدة مثالية تفيض حكمة ورزانة سعودية معهودة لسمو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود، قال فيها: "يأتي استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، انطلاقاً من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، وحرصها على تكريس ذلك في المنطقة. يجمع دول المنطقة مصير واحد، وقواسم مشتركة، تجعل من الضرورة أن نتشارك سوياً لبناء أنموذجٍ للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوبنا". في المقابل مبكراً وقبل شهرين كاملين وتحديدًا في 13 يناير الماضي أعرب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مؤتمر صحفي عقده حينها مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب في بيروت، عن ترحيب بلاده بعودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وفتح السفارتين، وعن المفاوضات بين إيران والسعودية قال الوزير: "أجرينا عدة محادثات مع الجانب السعودي في بغداد وعلى هامش قمة بغداد 2". وفي العشرين من فبراير المنصرم كان انطلاقة محور التحرك الجدي الإيراني المُعلن على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية والذي أعلن عن نية طهران ورغبتها في عودة العلاقات مع السعودية إلى مسارها الصحيح، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، حينها: "إن بلاده عازمة على عودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية إلى مسارها الصحيح"، لافتاً في الوقت ذاته إلى نية بلاده ممثلة في تحرك وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وعبر تقارير نقلتها وكالة أنباء "مهر" الإيرانية الرسمية عن كنعاني ووزير خارجية إيران تصريحهما عن المفاوضات بين طهرانوالرياض بالقول: "نحن راغبون بعودة العلاقات الإيرانية - السعودية إلى مسارها الصحيح فهذا يصب في مصلحة كلا البلدين". يذكر أن العلاقات بين الرياضوطهران مقطوعة منذ عام 2016 بعد اعتداءات سافرة -أدانها العالم بأسره- لإيرانيين قاموا باقتحام وإحراق البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد. وعلى إثر ذلك صدر في الرياض "عاصمة السلم والسلام" 18 شعبان 1444ه الموافق 10 مارس 2023م بيان ثلاثي مشترك لكل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية الصين الشعبية، نص على: "إنه واستجابةً لمبادرة كريمة من فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبناءً على الاتفاق بين فخامة الرئيس شي جين بينغ وكل من قيادتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأن تقوم جمهورية الصين الشعبية باستضافة ورعاية المباحثات بين المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورغبة منهما في حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار الروابط الأخوية التي تجمع بينهما، والتزاماً منهما بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأممالمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية، فقد جرت في الفترة من 6 - 10 مارس 2023م في بكين، مباحثات بين وفدي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة معالي الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني في المملكة العربية السعودية، ومعالي الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن تقديرهما وشكرهما لجمهورية العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021م - 2022م، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها. وتعلن الدول الثلاث أنه تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، ويتضمن تأكيدهما على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 22 / 1 / 1422ه، الموافق 17 / 4 / 2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 2 / 2 / 1419ه الموافق 27 / 5 / 1998م. وأعربت كل من الدول الثلاث عن حرصها على بذل الجهود كافة لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي. لتبدأ العلاقات الثنائية بين الجانبين السعودي والإيراني صفحة غاية في الأهمية وفي وقت وظرف دولي أحوج ما يكون لانتصار رؤى السلام وتغليب مصالح دول العالم قاطبة، وهي المبادئ والقيم التي تعززها الرؤية المباركة 2030 والتي بفضل الله ومنته وتوفيقه للقيادة الرشيدة من قبل مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وعضده سمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء.. هذه الرؤية التي أضحت مؤشراتها ناجحة ومتميزة بكل دقة وعلى الصعد كافة.