تحولت الحرب بين روسياوأوكرانيا، إلى ما يشبه الواجهة لتجارة الأسلحة. فنحن نعرف أن الدول المنتجة للأسلحة تحرص سنوياً على إقامة المعارض الحربية لأهم ما لديها من عتاد عسكري، وذلك من أجل إتاحة الفرصة للزبائن المحتملين للتعرف على خصائصه ومميزاته، بهدف إقناعهم بأهمية هذه الأسلحة لأمنهم واستقرارهم. فتجارة السلاح في العالم، كما يشير تقرير المعهد الدولي لبحوث السلام في ستوكهولم SIPRI، وصل حجمها عام 2021 إلى أرقام فلكية 592 مليار دولار. ولذلك، فإن الأزمة الأوكرانية، هي فرصة ذهبية لكبار منتجي الأسلحة، لإبراز ما ينتجونه هذه المرة، ليس في المعارض، وإنما في ساحة القتال الحقيقية. حيث نلاحظ حرص شركات الأسلحة في دول الغرب، على تصدير عتادهم إلى أوكرانيا، لمواجهة الهجوم الروسي، واستعراض كفاءته في ميدان المعركة. وهم بذلك يتوخون تحقيق هدفين: هزيمة روسيا في ساحة القتال، وإلغاء دورها، كلاعب سياسي يحسب له ألف حساب. والثاني، تسويق أسلحتهم وبيعها إلى أكبر عدد من الزبائن. وهو أمر مترتب على الهدف الأول، أي مدى نجاح أوكرانيا في إلحاق الهزيمة بروسيا. وتجدر الإشارة هنا إلى تحذير الرئيس الأمريكي أيزنهاور في خطاب الوداع من «المجمع العسكري الصناعى». فهذا المجمع مسؤول عن إثارة النزاعات والحروب في كافة أنحاء العالم، بهدف تسويق ما ينتجه، والحصول على أكبر حصة من سوق الأسلحة في العالم- فهنيئًا مريئًا لهم على هذه الشطارة. من جهتها، فإن روسيا، التي تعتبر من كبار تجار الأسلحة، حيث تصل مبيعاتها إلى نحو 14 مليار دولار في العام، هي الأخرى حريصة على إظهار مدى جدوى أسلحتها في مواجهة الأسلحة الغربية. ولكن، هذا سوف يعتمد على تحقيق روسيا للأهداف التي أعلنتها عندما شنت الهجوم على أوكرانيا في 24 فبراير 2022. فمن الواضح، إن الأسلحة التي زود الغرب بها أوكرانيا، قد تمكنت من إبطاء الاندفاع الروسي، بل وانسحاب القوات الروسية من بعض المدن التي استولت عليها، مثل إيزيوم وكوبيانسك وخيرسون وغيرها. ولكن منذ ذلك الحين وجبهة القتال شبه مستقرة، مع بعض التقدم الروسي، كما حصل في سوليدار ومارينكا، وربما تتمكن القوات الخاصة فاغنر، خلال الأيام القادمة من السيطرة على أرتيموفسك والتي تسميها أوكرانيا باخموت. وهذا بدوره قد يفتح الطريق للسيطرة على سلوفيانسك وكراماتروسك- التي تعتبر عاصمة إقليم دونيتسك. من ناحية أخرى، فإن تمكن القوات الروسية من السيطرة على إقليم دونيتسك، سوف يعني تحقيق روسيا لأهم أهدافها، بضم نوفوروسيا اليها، أي روسيا الجديدة. وهو اسم قديم، كانت تطلقه الإمبراطورية الروسية على الأقاليم الواقع في جنوب شرق أوكرانيا. ولكن هذا سوف يعني، أن السلاح الروسي، قد أثبت جدارته في ميدان المعركة. فإذا حصل ذلك، فإن السلاح الروسي سوف يزداد الطلب عليه في العالم.