برعاية صاحب السمو الملكي الفريق الركن نايف بن ماجد آل سعود رئيس الجهاز العسكري، أقامت وزارة الحرس الوطني على مسرح الوزارة ندوة عامة بمناسبة حلول ذكرى يوم التأسيس نظمتها مجلة الحرس الوطني والشؤون الثقافية بالوزارة، بحضور عدد من كبار المسؤولين مدنيين وعسكريين وجمع من منسوبي وزارة الحرس الوطني. وعند وصول سمو رئيس الجهاز العسكري تجول على الأنشطة المصاحبة للندوة، واطلع على جناح المجلة الذي يقدم نبذة عن تاريخ مجلة الحرس الوطني وأعدادها القديمة وأبرز محطاتها، وجناح الشؤون الثقافية التعريفي الذي يلقي الضوء على الأنشطة والفعاليات التي تقدمها الإدارة لمنسوبي الوزارة وأسرهم، وكذلك جناح الإدارة العامة للأمن الوقائي والمؤثرات العقلية، وقدم فصيل الشرف من وكالة شؤون الأفواج مشاركة بلباس يحاكي يوم التأسيس والبنادق القديمة والسيوف، وركن الرسم الذي ضم مشاركة بعض هواة الرسم والخط العربي من منسوبي الوزارة. عقب ذلك بدأت الندوة بكلمة ألقاها رئيس التحرير المقدم الركن دغيليب بن ساير القوس، عبر فيها عن الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني على موافقته على إقامة هذه الندوة، التي تعد نشاطاً ثقافياً واحتفالياً بهذه المناسبة الغالية من جهة، ورافداً تحريرياً للمجلة من جهة أخرى، كما قدم الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الفريق الركن نايف بن ماجد آل سعود رئيس الجهاز العسكري على دعمه ورعايته لهذا الاحتفال، ثم قدم فيلمًا مرئيًا عن ذكرى يوم التأسيس أنتجه مركز الاتصال والإعلام بالوزارة. بعد ذلك بدأت الندوة التي تولى إدارتها باقتدار وحضور منبري لافت مازج بين الشعر والنثر؛ الإعلامي الأستاذ مفرح الشقيقي، ليبدأ الدكتور عبدالله الغذامي ورقته بكلمة حول الرمزية الثقافية ليوم التأسيس وما تمثله من دلالات وقيم، مستعرضا أهم ما تبرزه هذه الذكرى وما تستدعيه، مشيراً إلى أن يوم التأسيس غُرست فيه بذرة لدولة ستكون عظيمة وتظل -بإذن الله- عظيمة؛ ولفت إلى أن الاستعمار لم يجرؤ على الدخول إلى أرضنا كلها. ومضى الغذامي في استعراض قصة التأسيس وما فعلت الأرض مع موحد المملكة عبدالعزيز؛ ذلك الشاب المتقد الذي لا يملك شيئاً سوى أنه يحمل روحه على كفيه، وجمع مجموعة من الرجال، ولم تخنه الأرض؛ عرفته وعرفت أن هذا عبدالعزيز، ووقفت معه، ودعا الغذامي إلى تأمُّل لحظات المصمك، اللحظات الأولى قائلاً: كلما أتأملها خطوة خطوة أنبهر من هذه المغامرة.. كيف مشى وغامر إلى أن فتح هذا الباب الذي كان مستعصياً.. كان الباب سيحمس أمير الرياض في ذلك الوقت، لكن الباب سمح لسهم أن يأتي إليه وينفتح أمام عبدالعزيز ليدخل ويعيد الدولة الثالثة. لاحظوا العلاقة بين الأرض والباب.. تراب الأرض وأبواب الأرض ومفاتح الأرض ومداخل الأرض كيف تعاملت معه؟! تعاملت بالوفاء. ونوه في معرض حديثه بالرؤية 2030 وبأثرها في صناعة مستقبلنا؛ وهو ما يجعلنا نفتخر، ويضيف: قد قلت عن محمد بن سلمان -أمامه مرة- إنه حول ثقافتنا من ثقافة المجاز إلى ثقافة الإنجاز. وختم الدكتور عبدالله ورقته بالتأكيد على أن لنا تاريخا عظيما، وكنا وما زلنا نحتاج إلى مستقبل عظيم، ونحن -ولله الحمد- نتجه لهذا المستقبل، ولنحتفل ونبتهج بالتأسيس، ومعه نحتفل ونبتهج برؤية 2030. وقدم كل من الدكتورة فاطمة القحطاني أستاذة التاريخ بجامعة الملك سعود، والأستاذ بندر بن معمر الباحث في التاريخ السعودي، ورقتين علميتين بمناسبة يوم التأسيس، تحدثت في إحداها الدكتورة فاطمة عن نشأة الدولة السعودية؛ حيث اعتبرت أن قيام الدولة السعودية الأولى في الدرعية عام 1139ه/1727م يمثل تأسيساً لوحدة سياسية عظيمة، وتأسيساً لمجتمع موحد متماسك؛ حيث تمثل هذه الفترة منعطفاً تاريخياً خطيراً غير شكل الحياة في الجزيرة العربية في عصرها الحديث. كما تمثل فترة التأسيس المرحلة الانتقالية من دولة المدينة في الدرعية إلى الدولة العظمى التي تضم أقاليم ومساحات شاسعة. فقد كانت المنطقة تحتاج إلى دولة مركزية كبيرة تعمل على خلق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتبسط الأمن وتوقف حالة الفوضى والصراع بين القبائل والكيانات السياسية المتشرذمة في المنطقة، وتقوم بإصلاح سياسي واجتماعي، وذلك ببناء دولة تضم جميع الأطياف رغم كل التحديات والصعوبات المتمثلة في ضعف الإمكانيات الاقتصادية والعزلة التي كانت تعاني منها نجد في تلك الفترة، فضلاً عن صعوبة مناخها وتضاريسها، ليصنع محمد بن سعود معجزة كبيرة في التاريخ الحديث للجزيرة العربية. واعتبرت القحطاني أن قيام الدولة السعودية في الدرعية كان ضرورة تاريخية حتمية في ظل الفوضى والانحدار السائدين؛ وكان لا بد من ظهور إصلاح وتجديد، وهذا بالفعل ما حصل في نجد في تلك الفترة فقد قيض الله لها الإمام محمد بن سعود الذي امتاز بالحكمة والشجاعة والفكر المستنير، حيث عمل على توطيد أمور الدرعية الداخلية جاعلا منها واحدة من أقوى البلدان في نجد. فيما تحدث الأستاذ بندر بن معمر عن القوة العسكرية السعودية من التأسيس إلى الرؤية.. الحرس الوطني أنموذجا، بدأها بالتنويه بأهمية وزارة الحرس، عادّاً إياها حصناً من حصونه المنيعة، ومؤسسة من مؤسساته الحضارية، ومعلماً من معالمه التنموية، وأنه الامتداد والعمق لجذور القوة العسكرية السعودية، التي تأسست مع بدايات تكوين الكيان السياسي للدولة السعودية بقيادة الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-، وتوحيد الجزيرة العربية تحت حكم عربي مستقل، أو بمعنى آخر إعادة الحكم العربي للجزيرة العربية، مهد الحضارة ومنطلق الرسالة كانت المنعطف الأبرز والعلامة الفارقة في تاريخ العرب وجزيرتهم خلال 10 قرون أو تزيد. واعتبر بن معمر أن السعوديين هم ورثة هذه الحضارة (الحضارة العربية)، وهم الأمناء على هذه الرسالة (الإسلام)، بعد أن أهملت الجزيرة لما يقارب عشرة قرون، وشوّه تاريخ عربها، وأصبح انتماء بعض العرب إلى حضارات مختلفة. ومضى بن معمر في ورقته مستعرضاً أهمية الجزيرة العربية واعتبرها مهد الحضارات؛ وأنه حين نقارن بينها وبين حضارة الجزيرة العربية التي يزيد عمرها على عشرة آلاف سنة، وهي أقدم من تلك الحضارات جميعها (حضارة المقر، وأثبتت الحفريات الأخيرة والتنقيبات والبحوث والنقوش أن الجزيرة العربية هي موطن الإنسان الأول، وهي مهد الحضارات. ونستنتج من ذلك أن الدولة السعودية تمثل الامتداد لحضارة عمرها آلاف السنين، وهي امتداد ووريث للحكم العربي المستقل للجزيرة العربية في صدر الإسلام. كما تخلل الندوة عدد من القصائد الوطنية للشاعر جاسم الصحيح منها قصيدته «حكاية الوطن»: وَطَنٌ عليهِ يُعَرِّشُ (القرآنُ) فظِلالُهُ (الآياتُ) و(التِّبيَانُ) حَفَرَتْهُ فينا الذكرياتُ؛ فحينما ننسَى، يُذَكِّرُنا بهِ النسيانُ! وتَفَحَّصَ الأسلافُ (حِمضَ) تُرَابِه فرَأَوا بأَنَّ تُرَابَهُ إنسانُ شيخٌ وما غَلَبَتْ عليهِ خديعةُ ال- أحجارِ ساعةَ يَهرَمُ البُنيانُ يمتدُّ من موجِ (الخليجِ) ذراعُهُ وتُتِمُّهُ في (جِدَّةَ)، الشُّطآنُ ويُطِلُّ من أُفُقِ (الرياضِ) جبينُهُ فتُضِيءُ ملءَ جنوبِهِ، (جازانُ) لم يَتَّحِدْ فيهِ المكانُ بآخَرٍ حتَّى تَوَحَّدَ منهما الوجدانُ هِيَ بصمةُ (التوحيدِ) عَمَّقَ خَتمَها في الأرضِ -من (عبد العزيزِ)- بنانُ وَطَنٌ عَشِقْنَاهُ فكانَ دليلَنا للعالمينَ، بأَنَّنا شُجعانُ فالعشقُ أَوَّلُ ما يكونُ شَجاعةٌ.. ما خاضَ شوطَ العاشقينَ جبانُ! وقدم كل من الإعلامي عبدالله الشهري والدكتور الفنان راشد الشمراني مداخلتين عن هذه المناسبة. ثم استقبل المتحدثون أسئلة الحضور وأجابوا عن استفساراتهم ومداخلاتهم. وفي نهاية الندوة استلم المشاركون الدروع التذكارية من يد صاحب السمو الملكي الفريق الركن نايف بن ماجد آل سعود رئيس الجهاز العسكري بالحرس الوطني، بعدها قدم المشرف العام على مجلة الحرس الوطني جابر القرني والمشرف العام على الشؤون الثقافية بالوزارة د. عبدالله الميموني هدية تذكارية لسمو رئيس الجهاز العسكري. د. عبدالله الغذامي متحدثاً عن مسيرة التأسيس الأمير نايف آل سعود مكرماً فاطمة القحطاني الضيوف خلال الندوة جانب من المداخلات المقدم دغيليب القوس يستعرض تاريخ مجلة الحرس الوطني أطفال يشاركون في يوم التأسيس بزيهم الوطني