مرَّت المملكة بالعديد من المراحل خلال تاريخ تأسيسها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وتبقى المرحلة الأولى ونقطة البداية ذات أهمية كبيرة؛ لأنها البذرة والنواة التي مهَّدت لنمو شجرة المملكة المثمرة التي أظلَّت بأغصانها العظيمة وثمارها اليانعة معظم أراضي شبه الجزيرة العربية منذ بدايات القرن العشرين، فقد تأسست الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله تعالى- في عام 1727م، واستمرت هذه الدولة لأكثر من 90 سنة حتى عام 1818م، حتى انهارت على أيدي جيوش الدولة العثمانية بقيادة إبراهيم باشا. وعلى هذا فإن يوم التأسيس السعودي من أهمَّ المناسبات الوطنية التي كان لها أثر كبير في تاريخ المنطقة وحاضرها، ولذلك أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مرسوماً ملكياً يعتمد فيه تاريخ هذا الاحتفال في 22 من شهر فبراير من كل عام، وقد أعطى أهمية كبيرة لهذه المناسبة وجعلها إجازة رسمية في جميع الجهات والمؤسسات الحكومية في أنحاء المملكة، وذلك إحياءً لذكرى تولي الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- الحكم في إمارة الدرعية في الربع الأول من القرن الثامن عشر الميلادي، وقد كانت تلك الذكرى بداية لتولي آل سعود الحكم في شبه الجزيرة العربية، والتي توجَّها الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود بقيام المملكة العربية السعودية. وقد كانت البذرة التي تركها الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- متشوقة للنمو مرة أخرى، فقد تأسست الدولة السعودية الثانية بعد ذلك بفترة قصيرة وتحديداً في عام 1824م، حيث أنشأها الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، واستطاع توحيد معظم أراضي شبه الجزيرة العربية، والتي استمرت حتى عام 1891م، حتى انهارت على أيدي أسرة آل رشيد الحاكمة في المنطقة، وفي عام 1902م عاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود واستعاد الحكم في مدينة الرياض ليؤسس الدولة السعودية الثالثة. استطاع الملك عبدالعزيز آل سعود وخلال ما يقارب من ثلاثين سنة أن يبسط نفوذ الدولة السعودية الثالثة على معظم أراضي شبه الجزيرة العربية، وفي عام 1932م تمَّ الإعلان عن قيام المملكة العربية السعودية، التي تعدُّ اليوم من أهم الدول في المنطقة بل وعلى مستوى العالم، إذ تلعب دوراً كبيراً اقتصادياً وسياسياً في التوازن الدولي نظراً لمكانتها العالية بين الدول، وبسبب ما تمتلكه من احتياطات النفط الهائلة التي تزود بها العالم أجمع، وما هذا إلا تجسيد للحلم الذي بدأه الإمام محمد بن سعود قبل ما يقارب من ثلاثة عقود، وكان ذلك اليوم جديراً بأنَّ يتخذه خادم الحرمين يوماً للاحتفال بتأسيس المملكة العربية السعودية. لم يكن يوم التأسيس في تاريخ المنطقة عموماً وتاريخ المملكة خصوصاً يوماً عادياً، فقد كان يوماً عظيماً أقيمت من خلاله دولة تعدُّ اليوم من أهم دول العالم، وتقف في مصاف الدول الكبرى، ومن حقنا أن نحتفل بهذا اليوم العظيم، وندعو الله تعالى أن يحفظ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ويحفظ المملكة وشعبها العظيم.