صدر مؤخراً قرار مجلس الوزراء، القاضي بالموافقة على إنشاء أسواق حرة -حسب الحاجة- في المنافذ الجوية والبحرية والبرية، والسماح بالبيع فيها للمسافرين القادمين للمملكة والمغادرين منها، كما تم اعتماد القواعد والشروط والإجراءات الجمركية الخاصة بإنشاء الأسواق الحرة لتلك المنافذ، وفقًا لنظام الجمارك المُوحد لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث عُرِفّت الأسواق الحرة في المنافذ الجمركية؛ بأنها منافذ للبيع بالتجزئة تُتيح للمسافرين شراء السلع والمنتجات المسموح تداولها في المملكة، والتي تخضع للإعفاء من الرسوم الجمركية أو الضريبية، الأسواق الحُرة لها تاريخ (حُر، ومُتجدد) فمنذ منتصف القرن الماضي، بعد أن وقعت 52 دولة على اتفاقية الطيران المدني الدولي (المعروفة باسم اتفاقية شيكاغو)، والتي أرست أسس السفر الجوي العالمي السلمي، وتم المُصادقة عليها رسميًا في 1947، إيذانا بتأسيس منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، كان مطار شانون الدولي (Shannon Airport) في مقاطعة كلير بأيرلندا، أول مطار معفى من الرسوم الجمركية في العالم، فقد كان النموذج المقترح من أفكار رجل الأعمال الأيرلندي الدكتور «بريندان أوريجان»، حين أدرك أن العديد من الدول كانت بحاجة إلى مصادر (جديدة ومبتكرة) للإيرادات، وذلك في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقد أُفتتح أول متجر في العام 1951، وأدت شعبية السوق الحرة بمطار شانون، إلى تكرار النموذج في جميع أنحاء العالم، وفي عام 1954، قدم O'Regan اقتراحًا، بشأن المتاجر المُعفاة من الرسوم الجمركية، إلى اتفاقية نيويورك، مما أشار إلى بداية «عصر السوق الحرة» في الولاياتالمتحدة، حيث توصي اتفاقية نيويورك، لمنظمة الطيران المدني الدولي، بتطوير «إطار عمل» لبدل الإعفاء الجمركي للمسافرين، واستمرت هذه الأسواق تتطور حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. بلا شك، فالأسواق الحُرة في المملكة، ستكون قيمة مُضافة لتلك المنافذ، لتُعزز من مركز المملكة اللوجستي قارياً، وتُحسن تجربة العميل (المسافر) من وإلى المملكة، وتُعزز من دخول استثمارات نوعية، فقد أتت القواعد المُنظمة شارحة وموضحة، لاشتراطات التراخيص، والتزامات المُشغل، والمتاجر، والمستودعات، وصلاحيات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وإجراءات شطب الرُخصة أو التنازل عنها، وتصنيف المخالفات التي تُعد تهريب ضريبي، كما تجد الإشارة إلى ما نصت عليه المادة (الثالثة عشرة)، بمنع بيع وتخزين البضائع الممنوع دخولها أصلاً للبلاد، والبضائع التي منشؤها بلد تقرر مقاطعته اقتصادياً، مع إدراكنا التام لما سبق، ولكن يجب أن نعيّ تماماً بأن هذه الأسواق تتطور بسرعة هائلة خصوصاً مع زيادة تنافسية الدول لجذب السياح، والمستثمرين، من خلال إيجاد بُنى تحتية لهذه المنافذ بجودة عالية، مزودة بخدمات مترابطة غايةً في السرعة والمرونة، مع وجود سلعاً في متاجر الأسواق الحُرة بكميات، وأنواع، وأسعار، تنافسية. لقد حبا الله، المملكة بعديّد المزايا، فهي أرض الحرمين الشريفين و قِبلةُ المُسلمين، بها سياحة، لم تُكتشف بعد من قبل كثير من مُحبّي سياحة الآثار والأماكن التاريخية، ومن عاشقي الطبيعة، وهي أرض تجارةً منذُ قديم الأزل، كما وهبها الله، قيادة رشيدة تسير بخطوات واثقة، ومتزنة، وفق رؤية مُمنهجة، وشعب عظيم كريم مضياف، هذه المزايا والهبِات وغيرها كثير، تُعزز من نجاح كل خطوة للتميّز، ختاماً، المُغادرين من هذه البلد الكريم، لديهم الرغبة المؤكدة باقتناء سلعاً صُنعت في هذا البلد العظيم، فمن المناسب تخصيص أماكن لعرض وبيع السلع الوطنية بالتنسيق مع برنامج (صُنع في السعودية)، كذلك إيجاد إدارة مُختصة (للجودة والتطوير) تكون من مهامها، بناء قاعدة بيانات لقياس رضا المسافرين عبر المنافذ، واقتراحاتهم التحسينية والتطويرية، ومشاركتها مع المُشغلين للأسواق الُحرة بشكل دوري.