التطور والازدهار والرقي الذي يلمسه الجميع مع إطلاق سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لرؤية المملكة 2030، لم يأت صدفة، وإنما جاء بوضع استراتيجيات وخطط عمل عليها رجال أكفاء واصلوا الليل بالنهار، لكي يلمس هذا التطور القاصي والداني. واللافت في هذه الاستراتيجية أن عجلة التطور شملت كافة المناطق في وطننا الغالي، من دون تميز أو تفضيل، ولعل من ضمن المناطق التي أصبح يشار إليها بالبنان في مواكبة ركب التحضر والتطور منطقة الحدود الشمالية، التي أولت القيادة اهتماماً بها حيث أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز زيارة لها في نوفمبر 2018. ومن خلال المراجع التي تابعتها قبل إعداد هذا المقال، فقد وجدت أن المنطقة تمثل مكانة تاريخية وحضارية عريقة، إذ عرفت بمأوى الصقور وانتشار هوايات القنص، بالإضافة إلى معالمها الأثرية وطبيعتها الخلابة. وبسبب موقعها الجغرافي المميز فهي بمثابة البوابة الرئيسية للجزيرة العربية، جعلها ذات مكانة محورية في نقل النفط، من خلال مرور خط النفط "التاب لاين" الذي أحدث نقلة كبيرة ومهمة في تطور المنطقة وازدهارها، والذي لعب دوراً محورياً طوال 40 عاماً في نقل النفط عبر الصحراء من بقيق شرقي المملكة وحتى ميناء صيدا في لبنان. وخصص ملكان من ملوك السعودية إبان توليهما سدة الحكم، زيارتين لمنطقة الحدود الشمالية منذ نشأتها، وهما الملك سعود بن عبد العزيز ، والملك عبد الله -رحمهما الله- حيث كان للزيارتين التاريخيتين أثر مهم في تقدُّم عجلة التنمية الاقتصادية. وكما عهدناه من ولاة أمرنا أن تتسلم الأجيال راية التطور، فقد عمل أمير المنطقة صاحب السمو الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، على تعزيز مكانة المنطقة وتطويرها من خلال التركيز على إقامة مشاريع تنموية في تطوير وتمهيد الطرق. فقد تابع سمو الأمير "فيصل" بنفسه معالجة الملاحظات المرصودة حول كثرة الحوادث المرورية ومعالجة المنحنيات التي تشكل خطورة على الطريق، ورفع مستوى السلامة على الطريق للحفاظ على الأرواح والممتلكات، والعمل على ازدواج الطريق. ومن منطلق أن المنطقة بها العديد من الأماكن التراثية والأثرية، إذ تحتضن العديد من هذه المواقع التي تعود لعصور ما قبل الإسلام في بدنة ووادي الشاطئ في عرعر، فقد أمر الأمير "فيصل" بصيانة وتجديد قصر الملك عبدالعزيز التاريخي في مركز إمارة لينه، والذي أنشئ عام 1354 / 1355ه، بمساحة 4000 م2، من الطين واللِبن والحجارة، حيث إن الهدف من أعمال الصيانة إعادة وتأهيل وتوظيف المباني التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز كمراكز حضارية وثقافية، والأهمية الوطنية الكبيرة، للقصر، إضافة إلى أهميته التراثية والمعمارية والتاريخية للجذب السياحي والاستكشاف لما يحمله من تاريخ عريق. كما ساهم اكتشاف خام الفوسفات، وقيام مشروع الملك عبد الله لتطوير مدينة وعد الشمال في محافظة طريف، في جعل المنطقة ذات مناخ استثماري مميز يضعها على أعتاب نهضة كبرى، كما أنه يوجد بها إحدى المحميات الطبيعية للحياة الفطرية والمعروفة ب"محمية حرة الحرة". وإضافة إلى هذا الجهد الكبير، في خدمة المواطنين بالمنطقة، يتمتع الأمير "فيصل" بجانب إنساني لافت، فقد وجه الشؤون الصحية بالمنطقة بمتابعة الحالة الصحية للمصابين في حادث الاختناق الناتج عن إشعال الفحم في خيمة مغلقة في قرية لينة بمنطقة الحدود الشمالية، وتقديم أقصى درجات العناية للمصابين، ونقلهم لأي مستشفى مناسب لحالتهم الصحية. ومن الناحية العلمية فقد تلقى سمو الأمير" فيصل" تعليماً أهله لتولي المنصب عن جدارة واستحقاق، حيث إنه حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، وماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من أرقى الجامعات الأمريكية وهي جامعة ماساتشوستس. فالعلم هو منهج ولي العهد الأمين في تنصيب الأمراء، والمعيار الذي يختار من خلاله القيادات لتكون أسوة حسنة لجيل الشباب، لمواكبة التطور والازدهار، لتكون الأجيال القادمة قادرة على مواصلة وحصد ما زرعته القيادات في أرض وطننا الغالي. وفي الختام، أليس ما تشهده المنطقة من تطور دائم ومستمر يستحق متابعة من وسائل الإعلام أكثر تفاعلاً، عبر تكثيف عدد المراسلين بحكم مساحة المنطقة الكبيرة، وموقعها الجغرافي المميز، بحيث يتم نقل كل هذا المجهود المبذول ب"الحدود الشمالية" وحجم العمل الدؤوب الأشبه بخلية نحل لا تتوقف؟ * مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية في الرياض وعضو كرسي الإعلام الجديد في جامعة الملك سعود