حقق العالم اكتشافات نفطية متقدمة في 2022 إذ تم إجراء ما مجموعه 178 اكتشافًا على مستوى العالم على اليابسة وفي أعماق البحار تعادل ما يزيد قليلاً على 18.7 مليار برميل من النفط المكافئ القابل للاسترداد التقليدي، ولوضع هذا في المنظور الصحيح وبمجرد تحقيق عام كامل من النتائج، يمكن أن يتجاوز عام 2019 ويكون أكثر الموارد القابلة للاسترداد اكتشافًا من عمليات التنقيب الاستكشافية على مدار السنوات الخمس الماضية خارج أميركا الشمالية. حقق 2022 بعض الاكتشافات الكبيرة، داخل بعض المسارح النفطية الجديدة في مختلف البلدان وذلك نتيجة للعمل الذي قام به المشغلون على مستوى عالٍ مثير للإعجاب في مجال الاستكشاف بعد توقفات الجائحة وما سبقها من جهود لانتقال الطاقة، كانت هناك بعض الاكتشافات الضخمة العام الماضي، وأبرزها في أميركا وإفريقيا وآسيا. واكتشفت شركتا شل وتوتال اينرجي حقلين في ناميبيا التي لم تكتشف شيئاً منذ عام 1974، عندما اكتشفت شركة شيفرون حقل كودو، والذي ظل الاكتشاف الوحيد في البلاد حتى العام الماضي، وهناك بعض الجدل حول حجم الاكتشافات، وبالتالي من المتوقع إجراء مزيد من الحفر التقييمي في أوائل عام 2023 لتحسين حجم هذه الاكتشافات. بناءً على هذين الاكتشافين وحدهما، يمكن أن تنتقل ناميبيا من دولة غير منتجة إلى واحدة من أكبر منتجي النفط في إفريقيا خلال السنوات العشر القادمة. في أميركا اللاتينية، يواصل حوض غيانا تقدمه، حيث حققت شركة إكسون موبيل العديد من الاكتشافات الكبيرة في المراكز العشرة الأولى في 2022، ولكن المشغل قام أيضًا باكتشاف خمسة حقول وكانت هذه الآبار كلها جزءًا من حملة حفر يمكن أن تشهد حفر أكثر من 30 بئراً، مع 12-15 بئراً في منطقة ستاربروك الغنية و15 بئراً داخل كتلة كانجي. عبر الحدود في سورينام، نجحت أباتشي في اكتشاف هو الأول في هذه الكتلة حيث يواجه البئر 34 مترًا من صافي رواسب النفط في خزانات تكوين أمستردام الجديدة عالية الجودة، وشهدت البرازيل اكتشافًا كبيرًا داخل حوض شرق كامبوس الفرعي في أعماق مائية تزيد على 1800 متر، وواجهت البئر فترة سميكة من مكامن كربونات ما قبل الملح ومؤشر إنتاجية جيد. من بين 178 اكتشافًا تم إجراؤها في 2022، كان إجمالي 17 اكتشافًا تضخ 12.3 من النفط المكافئ من الموارد القابلة للاسترداد، ومن بين الموارد المكتشفة عالميًا، يقع 77 ٪ في المياه العميقة بنحو 200 متر، و16 ٪ على الشاطئ و7 ٪ في مواقع أخرى. بعد النجاحات التي تحققت في عام 2022، من المحتمل أن تعيد الشركات النظر في مشاريع معينة للحفر التقييمي مما قد ينتج عنه مراجعات للموارد والمزيد من المعلومات حول النشاط التجاري. ولكن بالنسبة لعام 2023، يبدو أن عمليات الحفر ستركز بشكل أساسي على أميركا اللاتينية وإفريقيا ومناطق آسيا والمحيط الهادئ، مع عدد أقل من الآبار المخطط لها في أوروبا ورابطة الدول المستقلة وأميركا الشمالية والشرق الأوسط. يوجد في إفريقيا بئران مخطط لهما في الغابون، وبئران في موزمبيق وبئران في جنوب إفريقيا. ومن المتوقع رؤية آبار في جمهورية الكونغو وغينيا بيساو والسنغال والمزيد من الحفر في ناميبيا. بالنسبة لآسيا والمحيط الهادئ، هناك آبار مخطط لها في أستراليا وبابوا غينيا الجديدة إلى جانب آبار في إندونيسيا وماليزيا والفلبين وفيتنام. وفي أوروبا هناك المزيد من الحفر في قبرص، بعد أن اكتشفت شركة إيني العام الماضي حقلاً وهو خامس اكتشاف في المنطقة حتى الآن. ومن المحتمل أن يكون هناك ثلاثة آبار مخطط لها هذا العام. وفي الشرق الأوسط قد نرى بئر قانا 1 في لبنان يتم حفره داخل حوض بلاد الشام. وفي كازاخستان، تم التخطيط لبئر كان من المقرر أن يتم حفره خلال ديسمبر 2022. استنادًا إلى المعلومات الحالية، من المتوقع حفر 30 بئرا هذا العام 2023 وهناك بعض أهداف الاستكشاف المثيرة التي يتم حفرها في العام المقبل، ويعتبر الاستكشاف عملاً ذا مخاطر عالية ومكافآت مجزية، والخطط عرضة للتغيير، وهي حالة غير مستقرة تضخمها البيئة المتغيرة باستمرار كمثل الانتعاش من جائحة كوفيد19 وضغوط انتقال الطاقة والتغير المناخي والحرب الأوروبية والتغيرات الجيوسياسية في العالم. وفي المملكة العربية السعودية تم اكتشاف حقلين للغاز الطبيعي غير التقليدي العام الماضي في المنطقة الشرقية، جنوب غرب حقل الغوار على بعد 142 كيلو مترًا جنوب غرب مدينة الهفوف، بعد أن تدفق الغاز من البئر الأولى بمعدل 10 ملايين قدم مكعبة قياسية في اليوم و740 برميلًا من المكثفات، كما تدفق الغاز من البئر الأخرى بمعدل 16.9 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم و165 برميلًا من المكثفات، وكذلك جرى اكتشاف حقل "الدهناء" للغاز الطبيعي غير التقليدي على بعد 230 كيلو مترًا جنوب غرب مدينة الظهران، بعد أن تدفق الغاز من بئر (الدهناء-4) بمعدل 8.1 ملايين قدم مكعبة قياسية في اليوم، وتدفق الغاز من بئر الدهناء الأخرى بمعدل 17.5 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم و362 برميلًا من المكثفات. وفي 2020 تم اكتشاف حقلين جديدين للزيت والغاز في الأجزاء الشمالية من المملكة، وهما حقل "هضبة الحجَرَة" للغاز في منطقة الجوف، شرق مدينة سكاكا، بمعدل 16 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، مصحوباً بنحو 1944 برميلاً من المُكَثَّفَات، وحقل "أبرق التُّلول" للزيت والغاز في منطقة الحدود الشمالية في الجنوب الشرقي من مدينة عرعر، بمعدل 3189 برميلٍ يومياً، مصحوبا بنحو 1.1 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز في اليوم، فيما تدفق الغاز من مكمن القوّارة في الحقل نفسه، بمعدل2,4 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، مصحوباً ب 49 برميلاً يوميا من المُكَثَّفات. وبالنظر لأضخم مشاريع الاستكشاف في إفريقيا فقد تهيأ قطاع النفط والغاز في إفريقيا للتحول إلى "مركز استكشاف عالمي"، عقب طرح 18 جولة تراخيص في 2023، تمهيدًا لمنح المربعات اللازمة للتنقيب والحفر. ويأتي ذلك بالتزامن مع مواصلة القارة السمراء سعيها لتطوير الصناعة وضمان أمن الطاقة، إذ أن الجولات المتوقعة هذا العام تأتي استمرارًا للجهود المبذولة في 2022 في الإطار ذاته، بحسب منصة الطاقة المتخصصة التي رصدت جولات تراخيص النفط والغاز المرتقبة في 5 دول إفريقية هذا العام (كينيا، أنغولا، غينيا الاستوائية، أوغندا، جمهورية الكونغو)، استكمالًا للطريق الذي بدأته دول أخرى بالقارة السمراء في 2022، ومن بينها: (غامبيا، سيراليون، السودان، جنوب السودان، السنغال). وفي كينيا، تستعد وزارة الطاقة والنفط لإطلاق جولة تراخيص بحريّة هذا العام في حوض لامو، لمساحة تصل إلى 14 ألف كيلومتر. وتتوافر بالدولة الواقعة شرق إفريقيا 63 منطقة استكشافية، وتمكنت شركات النفط العالمية من الحصول على تراخيص ل26 منطقة منها، في حين تترقب الجولة الجديدة تقديم العطاءات ل35 منطقة إضافية. وفي أنغولا، تعكف الهيئة الوطنية المعنية بأعمال النفط والغاز في أنغولا على تقييم عروض جولة العطاءات وتوفر مساحات برّية محدودة للطرح عبر مناقصة عامة في 2023. وتتضمن تلك المساحات 4 مربعات في حوض الكونغو الواقع وسط إفريقيا، و8 مربعات إضافية في حوض كوانزا. وتعكف الدولة الواقعة وسط إفريقيا على زيادة معدل احتياطيات الهيدروكربونات والتصدي لوتيرة الإنتاج البطيئة، في ظل تراجع المشروعات القديمة. وفي غينيا الاستوائية، تسعى وزارة المعادن والهيدروكربونات لمواصلة النجاح الذي حققته عام 2019، بطرح جولة تراخيص منحت خلالها 7 شركات 26 ترخيصًا للتنقيب عن النفط والغاز في 9 مناطق، وعلى المسار ذاته، تطرح الوزارة هذا العام جولة عطاءات جديدة للإيجارات، بغرض إنعاش أنشطة المنبع، وزيادة معدل إنتاج النفط والغاز. أما أوغندا، فهي تتطلع إلى محاكاة التطور الذي لحق بقطاع النفط في جنوب السودان الجارة لها، إذ إنها لم تستكشف حتى الآن سوى 40 % من أراضيها الصالحة للتنقيب عن النفط والغاز. وتطمح الدولة الواقعة شرق القارة السمراء في النهوض من عثرتها بمجال التنقيب عن الهيدروكربونات، مقارنة بدول إفريقية أخرى. ومن المقرر إجراء الجولتين في مايو القادم بهدف الاستفادة من الموارد المتاحة للاحتياطات المقدّرة بنحو 6.5 مليارات برميل.