كم من أسرة تشتت، وكم من أطفال أبرياء ضاعوا بسبب مكابرة أحد الزوجين اللذين نسيا أو تناسيا أن الحياة الزوجية رباط مشترك يجمع بين شريكين قد يمتد بهما هذا الرباط مدى الحياة، وقد تعترضه بعض الصعوبات والعوائق التي قد تعجل بانفكاك عرى هذا الرباط وتعجل بالانفصال. لذا عمل الإسلام على أن تعيش الأسرة المسلمة حياة ملؤها الطمأنينة والحب والهناء، مع الأخذ في الاعتبار أنه لن تكون هناك أسرة بمعزل عن المشاكل والمنغصات؛ فظروف الحياة المتغيرة قد تشكل عوائق يصعب اجتيازها لدى البعض بينما قد تعزز تلك العوائق الرباط المشترك بين الزوجين إذا كان هناك تفاهم وثقة متبادلة بين الطرفين، لذلك وضع الإسلام العديد من السبل والحلول لما قد يعترض الحياة الزوجية من منغصات ومشكلات قد تكدر صفو الحياة الزوجية وتعمل على إحداث الفرقة والشتات بين الزوجين ومن ضمن تلك الحلول الطلاق، والطلاق أبغض الحلال إلى الله، إلا أنه يعتبر الحل النهائي والعلاج الأخير للحالات المستعصية التي لا يمكن فيها الإصلاح بين الزوجين والجمع بينهما، ويكون فراقهما خيرا من اجتماعهما، والطلاق على أنه علاجٌ نهائي وحلٌّ أخير للمشاكل المستعصية بين الزوجين، إلا أنه لم يشرع ليكون وسيلة إذلال للمرأة، ولا سيفاً مسلطاً على عنقها يهددها به الزوج كلما أراد بحقٍّ أو بغير حق، بل هو فكٌّ لعقدة النكاح كما فسَّره الفقهاء ليستأنف كلٌّ من الزوجين حياته كما يختار، وهو يكره لعدم الحاجة، ففي حديث ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» أخرجه أبو داود والحاكم وصححه، وعن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق»، حيث مما لا شك فيه أن ديننا الإسلامي قد جعل الطلاق في أضيق الحدود، وفي حالة استحالة العشرة بين الزوجين، وبما لا تستقيم معه الحياة الزوجية، وصعوبة العلاج إلا به وحتى يكون مخرجاً من الضيق وفرجاً من الشدة. لذا فليتق الله الأزواج في زوجاتهم وليبتعدوا عن إيقاع الطلاق ما أمكن إلى ذلك سبيلا، رغبة في التئام لأسرة المسلمة والمحافظة عليها من التشتت والضياع.. والله الهادي إلى سواء السبيل.