جاءت مضامين كلمة صاحبِ السموِّ الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليِّ العهد رئيسِ مجلس الوزراء - حفظه الله - لتؤكد عزم المملكة المضي قدما في ملف تمكين المرأة خلال جلسة مجلس الوزراء للميزانية العامة للدولة للعام المالي 1444 / 1445ه (2023م)، التي عقدها مجلس الوزراء في قصر اليمامة بمدينة الرياض، مشيدا سموه بارتفاع المشاركة الاقتصادية للمرأة م 17.7 % إلى 35.6 %، وجاء اهتمام القيادة الرشيدة بالمرأة وسعياً لتحقيق تطلعات حكومة المملكة في تمكين المرأة، وبما يحقق الأهداف المنشودة في إطار رؤية المملكة 2030. وتسعى المملكة من خلال مبادرة تمكين المرأة ضمن ميزانيتها العامة لتكوين نهج شامل ومرّكّز بشأن أنشطة وسياسات تمكين المرأة السعودية من خلال تسهيل وصولها إلى الموارد المتاحة لتمكينها من النمو والازدهار وتقليص الفجوة بين الجنسين بما يتماشى مع قيم المملكة ومبادئها وبما يُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لتحقيق نمواً اقتصادياً قوياً ومستداماً وشاملاً. وتهدف هذه المبادرة إلى تضمين السياسات المتعلقة بتمكين المرأة في السياسات المالية وإدارة المالية العامة وذلك من خلال تضمينها في عملية إعداد الميزانية العامة للدولة، حيث ستقوم المملكة ابتداءً من ميزانية العام 2023م بتطبيق هذا النهج في عمليات إعداد الميزانية العامة للدولة. وتتضمن المبادرة العديد من الأهداف التفصيلية. انطلاق الرؤية حققت المملكة خلال السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً في مجال تمكين المرأة في جوانب متعددة، ويأتي ذلك إدراكاً من القيادة الرشيدة - أيدها الله - بأهمية تشجيع وتمكين جميع أفراد المجتمع على تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 0302. وفي هذا الإطار، قامت حكومة المملكة بتنفيذ العديد من الإصلاحات والمبادرات التشريعية والاجتماعية والاقتصادية التي أسهمت برفع مستوى مشاركة المرأة السعودية في القطاعين العام والخاص أكثر من أي وقت مضى، وقد تضمنت تلك الإصلاحات ما يتعلق بسوق العمل، حيث ينص نظام العمل على عدد من الحقوق والواجبات بشكل يحقق مفهوم العدالة بين الرجل والمرأة. فقد نصت المادة الثالثة من النظام على الآتي: "العمل حق للمواطن، لا يجوز لغيره ممارسته إلا بعد توافر الشروط المنصوص عليها في هذا النظام، والمواطنون متساوون في حق العمل دون أي تمييز على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى، سواءً أثناء أداء العمل أو عند التوظيف أو الإعلان عنه". كما تضمن الباب التاسع من نظام العمل نصوصاً تتعلق بتشغيل المرأة بالشكل الذي يضمن حقوقها، كما قامت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية برفع سن تقاعد المرأة إلى 60 عاماً، ومن الإصلاحات التي عززت من مشاركة المرأة في تنمية الوطن والاقتصاد هو عدم التمييز بين الجنسين سواءً في الحصول على خدمات التمويل أو في الأجور والوظائف أو ساعات العمل، ومنع فصل المرأة خلال فترة الحمل، وضمان استمرار دفع الرواتب خلال إجازة الوضع. كما ساهمت سياسات تمكين المرأة في رفع نسبة مشاركتها في مجالات العمل والمناصب القيادية وعددٍ من المجالات شملت الرياضة والعدل والتقنية والتجارة والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والقطاع المالي ومجالات أخرى متعددة؛ بالإضافة إلى تعزيز التحصيل العلمي للمرأة وتشجيع مشاركتها في مختلف التخصصات العلمية، حيث إن النظام التعليمي في المملكة يقوم بشكل أساسي على تحقيق مفهوم العدالة بين الرجل والمرأة في كل جوانبه 5 كما أن هذه السياسات ساهمت في تعزيز صحة المرأة كعيادات صحة المرأة والطفل، ولا تزال هذه الجهود مستمرة لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وبالرغم من الأزمات العالمية الحالية، وتوقعات انكماش الاقتصاد العالمي، إلا أن معدلات مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة مازالت تشهد تحسناً ملحوظاً، فقد ارتفع المعدل من 23 % في الربع الثاني من عام 2021م إلى 35.6 % في نفس الربع من عام 2022 كما انخفضت معدلات البطالة بين السعوديات من 22.3 % خلال الربع الثاني من عام 2021م إلى 19.3 % خلال نفس الربع من عام 2022م، وارتفعت نسبة السعوديات في الخدمة المدنية من 39.8 % في 2017م إلى 51.1 % في الربع الثالث من عام 2021م. وتُعد المملكة العربية السعودية من الدول التي وقّعت على اتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW) بالإضافة إلى أن المملكة تُعد من ضمن الدول الملتزمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومن ضمنها الهدف الخامس، وللوفاء بهذا الالتزام وبما يتواءم مع مساعي رؤية المملكة 2030. قرارات مهمة للمرأة السعودية ولتمكين المرأة قامت حكومة المملكة بتطبيق العديد من القرارات، منها على سبيل المثال إنشاء مجلس شؤون الأسرة في عام 2016م، حيث يقوم هذا المجلس بتمثيل فئات المجتمع المختلفة ومنها المرأة في المنظمات والهيئات الدولية، كما يقترح المجلس التنظيمات ويتابع التوصيات والاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة في المنظمات الدولية، ويوحد كافة جهود القطاعات الحكومية فيما يتعلق بقضايا الأسرة بكافة فئاتها وأهداف رؤية المملكة 2030. وأشار تقرير المرأة والأعمال والقانون الصادر من البنك الدولي إلى التقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في مجال تمكين المرأة في العديد من المجالات نتيجة الإصلاحات التي قامت بها المملكة مؤخرًا، والذي بدوره أدى إلى تحسن مؤشر المملكة في التقرير. وتأتي زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل وتمكينها لتقلد المناصب القيادية ضمن إطار برنامج التحول الوطني الذي تم إطلاقه في عام 2016م الهادف لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، ومنها تمكين كافة فئات المجتمع من دخول سوق العمل، والمتضمنة زيادة مشاركة المرأة بسوق العمل في مختلف المجالات والمستويات الوظيفية، والعمل على إزالة الحواجز التي تحول دون انضمامها لسوق العمل من خلال توفير الأدوات والوسائل المُمكنة لها بالإضافة إلى زيادة حصة المرأة في المناصب القيادية. حيث قامت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من خلال الإدارة العامة لتمكين المرأة ومجموعة من المبادرات والبرامج على زيادة مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية والتنموية وتعزيز مشاركتها في القوى العاملة في جميع القطاعات الحكومية والخاصة وذلك لتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني، كأحد برامج رؤية المملكة 2030، حيث عملت الوزارة بالاستثمار في المهارات والتدريب وزيادة حصة المرأة في المناصب القيادية والقوى العاملة والعمل على تقليص الفجوة بين الجنسين في وظائف القطاعين العام والخاص وتعزيز بيئة العمل لها من خلال العديد من المبادرات والبرامج، ومنها مشروع تحقيق التوازن بين الجنسين الذي يأتي ضمن مشاريع مبادرة تمكين المرأة في الخدمة المدنية وتعزيز دورها القيادي إلى إحداث التوازن بين الجنسين في كلا القطاعين العام والخاص، والتغلب على العقبات التي تقف حائلاً أمام ذلك، حيث تمت مراجعة جميع التشريعات واللوائح والتدقيق في جميع ممارسات وإجراءات الموارد البشرية من منظور الجنسين للتحقق من الفجوات وتقييم الاحتياجات التدريبية والخروج بالتوصيات التي ساهمت في إصدار دليل إرشادي لتعزيز ممارسات الموارد البشرية الداعمة لتحقيق التوازن بين الجنسين، والتي تحد من عدم تكافؤ الفرص للجميع، ويهدف المشروع إلى تحقيق التوازن بين الجنسين في جميع الوظائف بالتركيز على ثلاث محاور وهي: البيئة الممكنة، والمستوى المؤسسي، والمستوى المجتمعي والفردي. وقامت الوزارة بإطلاق برنامج تدريبي يستهدف القياديات والموظفات المتوقع حصولهن على منصب قيادي في مختلف القطاعات، وذلك بهدف توفير بيئة مثالية تمكنهن من الحصول على المعلومات التي من شأنها إثراء المعرفة لدى القيادية وتزويدها بجميع ما تحتاجه لتكون نموذجًا متخصصة، كما تحصل المتدربة عند الانتهاء من التدريب على شهادة معتمدة من الجهة المالكة للبرنامج، ويتم دعم الشركات المشاركة بأوجه مختلفة، وتستهدف هذه المبادرة توظيف وتدريب 100,000 امرأة. وذلك لتقليل البطالة ورفع نسبة مشاركة السعوديات في سوق العمل، وذلك من خلال تمكينهن من الاستفادة من الفرص المتاحة والعمل وفق العقود المرنة، وقد بلغ عدد المستفيدات 38,302 مستفيدة خلال الفترة من الربع الثاني لعام 2019م حتى شهر ديسمبر لعام2021م. وتعمل هذه المبادرة على تطوير برامج تدريبية تستهدف العاطلات عن العمل، حيث يتكون البرنامج من تدريب على رأس العمل من قِبل الشركة الموظفة بالتوازي مع برنامج تدريبي (مهارات فنية وشخصية) من قبل جهات التدريب. وتمكن المبادرة الباحثين والباحثات عن عمل وصاحبات وأصحاب الأعمال من التعاقد بمرونة، بحيث يكون أجر العامل فيه على أساس الساعة، ويهدف البرنامج إلى استحداث أنواع جديدة من الوظائف لتمكين الباحثين والباحثات عن العمل من الانخراط في سوق العمل ورفع مهاراتهم وخبراتهم، رائدًا يحتذى به، وقد تم التعاون مع معهد إنسياد INSEAD الفرنسي لأداء برنامج التدريب. حيث يمثل المستهدف تدريب 1700 قيادية، وبلغ عدد المتدربات 859 متدربة من شهر يوليو لعام 2019م حتى شهر ديسمبر لعام 2021م. ويهدف صندوق تنمية الموارد البشرية إلى دعم جهود تأهيل القوى العاملة الوطنية وتوظيفها في القطاع الخاص والقطاع غير الربحي، وقد قام برنامج دعم التوظيف (برنامج مقدم من صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف")، حيث يهدف البرنامج إلى تقديم دعم للتوظيف النوعي الموجه، بحيث يتم دعم نسبة من راتب الموظف أو الموظفة وفق ضوابط محددة، وتستحق المنشأة دعمًا إضافيًا وفق الحالات التالية (توظيف النساء، وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، والتوظيف في القرى والمدن الصغيرة، والتوظيف في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتوظيف في المهن الحرجة)، وبلغ عدد المستفيدات من البرنامج ما يقارب 115,491 مستفيدة من عام 2018م حتى الربع الثالث لعام 2021م. وبرنامج قرة هو بوابة إلكترونية موحدة تجمع كل ما يخص قطاع ضيافة الأطفال في المملكة، وهي تهدف إلى توفير أداة للتواصل الفعال بين أولياء الأمور ومراكز ضيافة الأطفال لتسويق وعرض خدماتهم للعوائل الباحثة عن هذه المراكز، وذلك لدعم وتمكين المرأة من الالتحاق بسوق العمل والاستمرار فيه، كما يساهم صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" بتغطية جزء من تكلفة رسوم تسجيل طفلين بأحد المراكز المسجلة في بوابة قرة وذلك بحد أقصى 800 ريال شهريا للطفل الواحد لمدة أربع سنوات تتناقص تدريجيًا، واستفاد من البرنامج ما يقارب 5,240 مستفيدة خلال الفترة من ديسمبر 2021م. وهناك برنامج وصول الذي يهدف إلى تمكين المرأة من العمل في القطاع الخاص ورفع مشاركتها في سوق العمل عن طريق مساعدة النساء العاملات في تحقيق الاستقرار الوظيفي من خلال تخطي صعوبات المواصلات من وإلى مكان العمل. ويساهم الصندوق بتغطية 80 % من تكلفة النقل لكل رحلة بين العمل والمنزل بحد أقصى 1,100 شهريًا للمستفيدة، وقد خدم البرنامج ما يقارب 172,501 امرأة خلال الفترة من عام 2018م حتى الربع الثالث لعام 2021م. كما قامت أكاديمية الحوار للتدريب التابعة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بإطلاق برنامج دبلوم تمكين المرأة في مهارات حوار القيادة بهدف تزويد المرأة القيادية بالمهارات الاتصالية والمعرفية اللازمة لنجاحها في عملها في قيادة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية بما يسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، وهذا الدبلوم معرفي وتنموي يرمي إلى صناعة النموذج الخاص بحوار القيادة النسائية وتطوير مهارات وقدرات المرأة التي سلكت طريق القيادة وذلك لتمكينها من مهارات التواصل والحوار في بيئة العمل والمنزل ورفع إنتاجيتها، حيث بلغت أعداد المشاركات في البرنامج 189 مشاركة من 23 جهة مختلفة، وتم تقديم 25 برنامجًا تدريبيًا في مجال القيادة والتمكين والحوار وغيرها.