تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبًا في اليوم الثاني من شهر ديسمبر 2022 بالذكرى الحادية والخمسين لقيام اتحادها الذي نضج بإجماع حكام إمارات أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القوين في الثاني من ديسمبر عام 1971م واتفاقهم على الاتحاد فيما بينهم، حيث أقروا دستورًا مؤقتًا ينظم الدولة ويحدد أهدافها، قبل أن تعاضدهم إمارة رأس الخيمة بانضمامها للاتحاد في العاشر من شهر فبراير من عام 1972م. وتزدان في كل عام شوارع ومدن المملكة العربية السعودية وميادينها بأعلام دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، احتفاءً بهذه المناسبة، ما يعكس عمق العلاقات بين البلدين على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين. وشهدت العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تطورًا استراتيجيًا في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز علاقات التعاون التاريخية في مختلف المجالات تحقيقًا للمصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصهما على دعم العمل الخليجي المشترك، وتمثل هذا التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة والاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الإستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارًا وأمنًا واستقرارًا والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة. وتعد الشراكة السعودية الإماراتية نموذجًا رائدًا ومتميزًا على المستويين الإقليمي والعالمي في التعاون والتطوير المستمر للعلاقات، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بما يخدم مسيرة الازدهار والتنمية المستدامة التي يشهدها البلدان الشقيقان، فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات أكبر اقتصادين عربيين، ومن خلال عملهما المشترك والمتواصل لتوسيع مجالات التعاون في مختلف القطاعات الحيوية، تسهمان في دفع مسيرة التنمية في المنطقة نحو آفاق جديدة، ومستمرة في تطوير هذه الشراكة الإستراتيجية وفق رؤية واضحة يقودها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي منذ إنشائه قبل 4 سنوات، الذي أشرف على إطلاق خطط تنموية ومبادرات ومشاريع نوعية لها دور جوهري في توليد ثروة من الفرص التجارية والاستثمارية والتنموية أمام قطاع الأعمال في البلدين وعلى مستوى منطقة الخليج والوطن العربي. وتعد المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات على مستوى الدول العربية، والثالث على المستوى العالمي، فقد نمت التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات والسعودية بنسبة 92.5 % خلال السنوات العشر الماضية لتصل إلى 124.7 مليار درهم بنهاية العام الماضي 2021، مقابل 64.8 مليار درهم في عام 2012. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الحالي 2022م (65.7 مليار) درهم (17.74 مليار دولار)، بحسب المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء. وبلغ إجمالي الصادرات غير النفطية من الإمارات للسعودية خلال السنوات العشر الماضية نحو 205.5 مليارات درهم، وإعادة التصدير 471.7 مليار درهم، والواردات 227 مليار درهم. وتحتل المملكة العربية السعودية المركز الرابع في قائمة الشركاء التجاريين للإمارات خلال السنوات العشر الماضية بقيمة تقدر ب904.3 مليارات درهم مشكلة ما نسبته 5.6 % من إجمالي التبادل التجاري للإمارات مع العالم خلال الفترة من 2012 -2021. واحتلت السعودية المركز الأول في قائمة الدول المستقبلة لإعادة الصادرات من الإمارات خلال السنوات العشر الماضية بقيمة قاربت 423 مليار درهم وبمساهمة تبلغ 9.4 % من إجمالي إعادة التصدير خلال تلك الفترة. وجاءت المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية ضمن قائمة أهم الدول المستقبلة للصادرات الإماراتية غير النفطية بقيمة بلغت 206 مليارات درهم وبحصة بلغت 9.5 % من إجمالي صادرات الإمارات غير النفطية خلال الفترة نفسها. ويشمل التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين قطاعات حيوية وإستراتيجية، مثل: الابتكار، والتكنولوجيا والصناعة، والخدمات واللوجستية، والأمن الغذائي، والسياحة، والتعدين والنفط والغاز الطبيعي، والقطاع العقاري والبناء والتشييد، وتجارة الجملة والتجزئة، والقطاع المالي والتأمين. ويمتلك اليوم أكثر من 11 ألف سعودي رخصة اقتصادية في دولة الإمارات حتى سبتمبر 2021، وفي المقابل تستثمر أكثر من 140 شركة إماراتية في السعودية. وتشكل السياحة والاستثمار السياحي أحد المحاور الحيوية للتعاون بين البلدين، ما انعكس على تصدر دولة الإمارات قائمة الوجهات السياحية المثيرة للاهتمام لدى السائحين السعوديين عند السفر للخارج، حيث استقبلت دولة الإمارات خلال النصف الأول من العام الجاري 2021 نحو أكثر من 200 ألف نزيل سعودي في فنادقها. وقد اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي وضع نهجها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- بالحكمة والاعتدال وارتكازها على قواعد استراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على الالتزام بميثاق الأممالمتحدة واحترامها المواثيق والقوانين الدولية، إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بجانب الجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية والوقوف، إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفاعل في دعم الاستقرار والسلم الدوليين. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتألف من سبع إمارات هي (أبوظبيودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان وأم القيوين)، من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود متصلة ويتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها. وترتكز الخطط الإستراتيجية لاقتصاد دولة الإمارات بشكل رئيس على الاقتصاد الرقمي بالنظر إلى ما يعنيه التحول السريع للأنظمة التقليدية إلى الرقمية من تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والإسهام في خلق فرص حقيقية للاستثمار الأجنبي المباشر، وفرص حقيقية للكوادر المواطنة للاستفادة من التحولات المصاحبة لمرحلة التحول. وتمتلك الإمارات مجموعة من عناصر القوة التي تؤهلها لبناء أحد أقوى الاقتصادات الرقمية في العالم حيث تحتل المرتبة الأولى دوليًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكفاءة الحكومة، والمرتبة الأولى عالميًا في تغطية شبكة الهاتف الخليوي، كما تحتل المرتبة الثانية في المشتريات الحكومية للتكنولوجيات المتقدمة، والرابعة في كل من اشتراكات الهاتف الخليوي لكل 100 ساكن وفي تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الحصول على الخدمات الأساسية وفي استخدامها من الأعمال إلى المعاملات التجارية وفي القوانين، فضلًا عن احتلالها المركز السادس في استخدام الشبكات الاجتماعية الافتراضية والمركز السابع في تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نماذج الأعمال التجارية وفي مستوى الشركة. لقد نجحت حكومة دولة الإمارات في تطوير واعتماد العديد من التشريعات والسياسات والإستراتيجيات الحكومية المحفزة للاقتصاد الوطني، وتنويع الاقتصاد ودعم التحول للاقتصاد الرقمي وتوظيف التكنولوجيا والعلوم والابتكار في رفد واستشراف مستقبل القطاعات الاقتصادية الواعدة، منها: الإستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، والاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، وسياسة الإمارات للصناعات المتقدمة، وإستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، وإستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والإستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031 وغيرها من المبادرات والتشريعات. ونما الناتج المحلي الإجمالي للإمارات /بالأسعار الثابتة/ بنسبة 87 % إلى 1.49 تريليون درهم بنهاية 2021، مقابل 727 مليار درهم بنهاية عام 2004، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء. وأظهرت البيانات أن الزيادة المحققة في قيمة الناتج المحلي الإسمي بين 2004 و2021 بلغت أكثر من 946 مليار درهم، فيما بلغت الزيادة المحققة في قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفترة نفسها ما يزيد عن 695.5 مليار درهم، فيما بلغ معدل نمو حصة الفرد من الناتج المحلي /بالأسعار الثابتة/ نحو 7.9 %. ووصلت مساهمة تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لنحو 199.4 مليار درهم بنمو بنسبة 8.3 %، فيما وصلت مساهمة الصناعات التحويلية إلى 166.69 مليار درهم بزيادة بنسبة 12.5 %، وبلغت مساهمة الأنشطة المالية وأنشطة التأمين نحو 121.01 مليار درهم بارتفاع 2.1%، والإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي الإجباري 88.9 مليار درهم والأنشطة العقارية 79.8 مليار درهم بنمو 5.6 %، والنقل والتخزين 62.5 مليار درهم بزيادة 8.1 %. إن ارتفاع نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية بدولة الإمارات في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات لتصل إلى 73.5 % بالأسعار الثابتة خلال الربع الأول من عام 2022، يمثل إنجازاً نوعياً جديداً للاقتصاد الوطني ويأتي ترجمة للجهود الحثيثة التي تقوم بها جميع الجهات المحلية والاتحادية ومن بينها وزارة الاقتصاد لتعزيز مسيرة تحول اقتصاد الدولة نحو قطاعات المستقبل والاقتصاد الجديد ويرسخ تنوع مصادره بعيداً عن النفط. وفي مجال قطاع البنوك ارتفع صافي أرباح 10 بنوك وطنية مدرجة في أسواق المال المحلية على أساس سنوي بنسبة 38 % خلال الأشهر التسعة الأولي من العام الجاري 2022م ، بما يعكس قوة ملاءتها المالية وتمتعها بإيرادات قوية وسيولة مرتفعة. فقد بلغت الأرباح الصافية للبنوك خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2022 إلى 27.93 مليار درهم مقابل نحو 20.19 مليار درهم الفترة نفسها من العام الماضي 2021، بزيادة تعادل 7.73 مليارات درهم. ووصلت أرباح 7 بنوك مدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية خلال الأشهر التسعة الأولي من العام الجاري إلي 19.86 مليار درهم بزيادة بمقدار 26 % مقارنة بنحو 15.76 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي، فيما بلغت أرباح 3 بنوك مدرجة في سوق دبي المالي نحو 8.06 مليارات درهم خلال 9 أشهر بارتفاع بنسبة 81.7 % مقابل 4.43 مليارات درهم في الفترة المقابلة من 2021م وحلت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً وال19 عالمياً، من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر حسب تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي للعام 2022 الصادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد". وتبوأت الدولة المرتبة 17 عالمياً في تدفقات الاستثمارات الصادرة إلى دول العالم بإجمالي 22.5 مليار دولار وبنسبة نمو 19 % عن العام 2020م وحول الاستثمار الأجنبي بدولة الأمارات العربية المتحدة فقد جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في عام 2021 تصل قيمتها إلى 20.7 مليار دولار أمريكي بنسبة نمو 4% عن العام 2020، لتتصدر المرتبة الأولى عربياً مستحوذة على 40 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مجموعة الدول العربية، والبالغة 52.9 مليار دولار أمريكي. وحلت دولة الإمارات في المرتبة الخامسة عالمياً في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة المُعلن عنها حسب الوجهة في عام 2021 بعدد 535 مشروعاً، حيث شهدت ارتفاعاً بنسبة 39 % مقارنة بعدد المشاريع في نهاية عام 2020، والتي بلغت 384 مشروعاً. واصلت دولة الإمارات خلال عام 2022 تصدر المشهد السياحي العالمي، ونجحت في المحافظة على ريادتها الإقليمية والعالمية وجهة مميزة ومكانًا مفضلًا للزيارة والإقامة والعمل. وسجل القطاع السياحي في الدولة أداء استثنائيًا خلال النصف الأول من العام الجاري وحقق نقلة نوعية في النتائج والمؤشرات التي أكدت التعافي من جائحة كوفيد- 19 والدخول في مرحلة جديدة من النمو والازدهار، حيث تجاوزت إيرادات القطاع 19 مليار درهم /5.17 مليارات دولار/، فيما فاق عدد نزلاء الفنادق ال 12 مليون نزيل. وتثبت الأرقام والنتائج المسجلة على المستوى الاتحادي والمحلي نجاح الخطط والإستراتيجيات التي اعتمدتها دولة الإمارات لتطوير قطاعها السياحي والقائمة على تبني التوجهات المستقبلية والتركيز على الابتكار والتحول الرقمي في هذا القطاع لزيادة الإيرادات والنمو وتعزيز فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولا تقتصر جاذبية الإمارات السياحية على الخيارات السياحية الفريدة والمميزة التي تقدمها للسياح سواء لقاصدي الترفيه والتسوق أو سياحة الأعمال والمؤتمرات، بل تمتد أيضاً إلى ما تتمتع به الدولة من أمن وأمان وازدهار اقتصادي وبنية تحتية متطورة. كما شهدت دولة الإمارات قفزات غير مسبوقة في استقرار وتنافسية الاقتصاد وبيئة الأعمال وجاذبية سوق العمل، فحققت المركز الأول عالميًا في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي ومؤشر سوق العمل، والخامس عالميًا في التوظيف واستقطاب المهارات، والمركز ذاته في المؤشر العالمي لريادة الأعمال، والسادس عالميًا في نصيب الفرد من الدخل القومي، والتاسع عالميًا في مؤشر التنافسية العالمي، وال16 عالميًا في سهولة ممارسة الأعمال، وال36 عالميًا في مؤشر الابتكار العالمي، والأول عربيًا في مؤشر التنافسية العالمي، وسهولة ممارسة الأعمال، ومؤشر الابتكار العالمي، والمؤشر العالمي لريادة الأعمال. وحازت دولة الإمارات على مراكز ريادية على مستوى العالم في مؤشرات التنافسية لقطاع الطاقة عمومًا والطاقة النظيفة تحديدًا، وذلك بعدما توافقت 7 مرجعيات دولية على تصنيفها ضمن قائمة الدول ال10 الكبار عالميًا في 18 مؤشرًا خاصًا بالقطاع خلال العام 2020م واصلت دولة الإمارات حضورها الدولي الفاعل على صعيد إغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية التي شهدتها العديد من الدول والأقاليم حول العالم منذ بداية العام الجاري وأسهمت المساعدات المادية والعينية التي قدمتها في هذا المجال في إنقاذ حياة الملايين من البشر والتخفيف من معاناتهم. وتعد الإمارات حجر الأساس في بناء المنظومة العالمية لمواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية وذلك بفضل مبادراتها الجريئة ونهجها الإنساني المتفرد الذي يقوم على تقديم العون والإغاثة لمستحقيها دون تمييز لجنس أو عرق ودين بعدما جعلت الحاجة.. المعيار الوحيد لتقديم المساعدة. ولم تغب الإمارات عام 2021 عن الساحات والمناطق التي تعرضت للكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والبراكين والحرائق وكانت حاضرة بقوة من خلال تقديم الإغاثات ومساندتها ودعمها للمتضررين والمنكوبين.. وتميزت برامج الدولة الإنسانية للمتأثرين في تلك المناطق بالتنوع والجودة والوصول المبكر للمستهدفين.