في سوق إعلامي يصل حجمه إلى أكثر من 20 مليار ريال سعودي من الطبيعي أن تتحول البوصلة الإعلامية على مستوى المنطقة للسوق الأكبر إعلاميا واعلانيا، لذلك تأتي تظاهرة الكرنفال الإعلامي العالمي الذي تستضيفه الرياض خلال هذا الأسبوع ليجسد المكانة الحقيقية للسعودية كبلد رائد إعلاميا ومؤثر بصورة كبيرة بمستقبل الإعلام على مستوى المنطقة. خطوة مميزة وجريئة قامت بها هيئة الإذاعة والتلفزيون بتحويل «المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في دورته الثانية والعشرين» إلى مهرجان عالمي بكل ما تعنيه الكلمة، بمشاركة اكثر من 1000 إعلامي من مختلف دول العالم، وحضور مميز لعدد من الهيئات الدولية منها اتحاد الإذاعات العالمية، واتحاد الإذاعات الأوروبي، واتحاد الإذاعات الآسيوي، واتحاد الإذاعات الإفريقي، والمؤتمر الدائم للوسائل السمعية والبصرية في حوض البحر الأبيض المتوسط، والمعهد الآسيوي للتنمية الإذاعية، وتلفزيون الصين المركزي، والاتحاد الدولي للاتصالات، والمركز المتوسط للاتصال السمعي والبصري. المميز في مواضيع المهرجان أنها تنظر للإعلام بنظرة مستقبلية من خلال المحاور الرئيسية التي ترتكز عليها أجندة الكرنفال الإعلامي الكبير، منها على سبيل المثال «الإنتاج المحلي في التلفزيون والإذاعة التحول المستقبلي»، «البودكاست والإعلامي الجديد»، «العمل الإعلامي المستقل Freelance، فرص جديدة لصناع المحتوى بالتطبيق على الأفلام الوثائقية» وجميع المناقشات ستكون استشراف للمستقبل بعيدا عن التقليدية التي عادة ما ترتبط بالإعلام العربي وتأخره الكبير بهذا المجال! التظاهرة الإعلامية التي تشهدها الرياض هي انعكاس طبيعي للواقع المزدهر الذي تعيشه المملكة بمكانتها الطبيعية ورؤيتها المستقبلية، فلو نظرنا لواقع الإعلام العربي منذ أكثر من عقدين تقريباً وكذلك الإنتاج الفني، نجد أن الدور السعودي كبير جداً بهذا المجال، فأكبر الامبراطوريات الإعلامية نشأت بأموال سعودية وكذلك الحال بالإنتاج الفني سواء الدرامي أو الغنائي، ولكن لظروف معينة لا تجهل على الكثيرين، لم نستطع إبراز هذا الدور أو احتواءه على الأقل، فشاهدنا حولنا هجرة للإعلام السعودي وللإعلاميين كذلك، والحال وبصورة محزنة على المال السعودي المستثمر بالإعلام بصورة عامة، لذلك الخطوات التصحيحية التي تشهدها بلادنا بمختلف المجالات ستعيد الأمور لنصابها، وما احتضان الرياض لهذا الكرنفال الإعلامي الكبير إلا بداية لمرحلة إعلامية كبيرة تليق بالمكانة السياسية والاقتصادية للمملكة، لتكون الفترة من 9 إلى 12 نوفمبر الحالي شاهداً حضارياً لواقع حقيقي وطبيعي لدولة رائدة بالمجال الإعلامي وداعمة للإعلام ومتفهمة لدوره الحيوي. نحن أمام مرحلة مهمة ليواكب الإعلام النهضة التي نعيشها، وما هذه الفعالية الكبرى وغيرها من الفعاليات المماثلة إلا أداة من الأدوات المهمة التي في إيصال الصورة الحقيقية للواقع الذي نعيشه، فثقافة المهرجانات الإعلامية هي فرصة لإطلاع أكبر عدد من الإعلاميين لواقع حقيقي نعيش مستقبله، فشكراً لمن يقف خلف هذا المحفل ويقدم صورة مشرفة للسعودية الجديدة.