خلق الله تعالى آدم من التراب، فعاش آدم في الجنة في جوار ربه، طابت له الحياة، ولكن بعد فترة قصيرة طلب آدم المزيد من الجمال والكمال، المزيد من العوالم والكواكب، فخلق الله من ذراعيه حواء، ليسكن بها، ويسعى وراء الكائنات. وكانت في الجنة شجرة محرمة، لكن ضحك الشيطان على حواء التي ضحكت على آدم، فأكل آدم وأكلت حواء منها، وفجأة اكتشفا أنهما عاريان تماما، فراح الاثنان يتغطيان بأوراق الشجر، وبعد أن ظهرا عاريين تماما، كان لا بد أن يخرجا من الجنة ويكفرا عن هذه الخطيئة الكبرى، نزل الاثنان من الجنة على الأرض، وبدأت الحياة فيها، وكانت حياتهما على هذه الأرض تكفيرا وتطهيرا واستمرارا في الخطايا والتفكير عنها. وقبل ذلك عندما طلب الله إلى الملائكة أن يسجدوا لآدم، فسجدوا كلهم طوعا إلا إبليس، وكان كبير الملائكة، رفض إبليس أن يسجد آدم لأنه مصنوع من النار والنور، وآدم خلق من الطين والتراب، والنور أشرف من التراب، ولكن فوجيء بأن آدام أهم عند الله من إبليس، لقد أصبح آدم أقرب إلى الله، وأن آدم له العقل والقلب، وحب المعرفة والقدرة على التطوير والإبداع، وأهم ذلك أنه ولد ليموت، فالحياة بلا موت قاسية، فعندما يطول العمر وتكثر الأوجاع يتمنى الإنسان الموت لأنه أرحم من الحياة. وكان آلهة الإغريق يحسدون الإنسان لأنه يموت، وكانوا يجعلون أنفسهم بشرا ليتمتعوا باللذات البشرية، فهم يحسدون الإنسان على أنه فان، وليس خالدا. وقد مضى على الإنسان حين طويل من الدهر كان يشعر بأنه سيد الأرض، والأرض مركز الكون، فالشمس تدور حول الأرض، والنجوم في السماء عبارة في ثوب الفضاء، خلقها الله ليتفرج عليها الإنسان ويمتع ناظريه، والفضاء أزرق لأن هذا اللون يريح العين، فالكون كله من أجل الإنسان. منذ البداية يحاول الإنسان دائما أن يتوافق مع الدنيا حوله، مع الكون، مع نفسه وغيره من الناس، بين القديم والجديد، بين الأمل واليأس، فالإنسان ما زال حيا يتقدم ويتطور ويبنى الأرض ويهدمها، ويصعد إلى الكواكب الأخرى، بكل عيوبه على الأرض وبكل صفاته العبقرية. * الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة عالية كولكاتا - الهند