تخفيض أوبك+ لإنتاجها ب 100 ألف برميل يوميا لأكتوبر المقبل، أعطى إشارة لأسواق النفط بأنها قادرة على تصحيح مسارها وإعادة توازنها في أي وقت تراه، فما زالت تمتلك الأدوات التي تمكنها من قيادة أسواق النفط وتأثير عليها، وهذا ما أكده الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في إجابة على سؤال Energy Intelligence في 7 سبتمبر 2022 "ما الرسالة التي كان من المفترض أن ينقلها خفض أوبك بلس الأخير؟" بقوله "كان هذا القرار تعبيرا عن استعدادنا لاستخدام جميع الأدوات الموجودة في مجموعتنا ويظهر هذا التعديل البسيط أننا منتبهون واستباقيون من حيث دعم استقرار السوق لصالح المشاركين في السوق والصناعة". هكذا تعمل أوبك+ نحو توازن العرض والطلب في نطاق طاقتها الفائضة ولا تحدد الأسعار، ولكن نقطة التوازن تشكل أسعار التوازن ومن خلال متابعة تغيرات الأسعار في الأشهر الماضية يتضح أن أسعار التوازن تتأرجح بين 90 - 105 دولارات. وقد حققت أوبك نجاحا كبيرا في موازنة أسواق النفط من خلال استراتيجية تحديد الحصص الشهرية بناءً على خطوط الاساس للمنتجين، وهو سر النجاح وقوة التماسك بين مجموعة أوبك+ في حالة نمو الطلب ونقص المعروض أو في حالة زيادة المعروض وتراجع الطلب، وبهذا ساهم تعامل أوبك+ مع اساسيات أسواق النفط والمتغيرات المستجدة بخفض إنتاجها في تعزيز الثقة في أسواق النفط والحد من الاضطرابات التي تشهدها الأسواق حاليا والتفسيرات الخاطئة لارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ الطلب العالمي على النفط والذي ما زال مرتفعا وسينمو مع قرب موسم الشتاء، كما أنها على استعداد لمواجهة تداعيات الاتفاق النووي الإيراني عن حدث والحد الاقصى لأسعار النفط الروسي من قبل الاتحاد الأوربي واستمرار الفدرالي لرفع أسعار الفائدة. ولهذا تفاعلت الأسعار لحظة إعلان أوبك+ خفض إنتاجها في 5 سبتمبر 2022، حيث ارتفع سعر برنت إلى 94.09 دولارا أو 1.9 %، بينما ارتفع غرب تكساس إلى 88.30 دولارا أو 2 % الاثنين ما قبل الماضي ولكنها عكست اتجاهها خلال الأسبوع الماضي، إلا أن التأثير اللاحق لقرار أوبك+ قفز بسعر برنت الى 92.84 دولارا أو 4.14 % وغرب تكساس إلى 86.79 دولارا أو 3.89 % يوم الجمعة الماضية. رغم ارتفاع المخزون الأميركي ب 8.8 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 2 سبتمبر الحالي (EIA). إن رمزية خفض أوبك+ لإنتاجها مع ان إنتاجها الفعلي أقل من المقرر، إلا أن له تداعيات على تحريك أسواق النفط وما ستقدم عليه أوبك+ في الأسابيع المقبلة وتنبيه لمن يعتقد أنها قد تتراخى في الالتزام بخططها أو أن العوامل السياسية ومخاوف الركود والطلب الصيني سيؤثران على سلوكها الإنتاجي، فقد يتحول تخفيضها الرمزي إلى فعلي في أي وقت، إذا ما لم يتلقَ المتعاملون في أسواق النفط رسالتها بوضوح ويدعون عوامل السوق تعمل على توازنها.