نعم وبكل تأكيد يواجه العالم تحديات كبيرة استثنائية بسبب التغيرات المناخية، التي باتت تؤثر بشكل مباشر ونوعي (سلبي) على الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار السلع الذي يشهده الجميع من يتابع مشهد التغيرات المناخية المتسارع الذي يعيشه العالم اليوم من دون استثناء، وتبثه لنا شاشات التلفزة، يدرك تمامًا أننا مقبلون على مرحلة مُقلقة من النتائج غير المتوقعة، فآلاف الهكتارات الزراعية طُمرت بمياه الفيضانات، وهو ما ينبئ فعليًا بانعكاسات سلبية ليس فقط على "أمننا الغذائي"، بل على ارتفاع نسب ثورة الجياع القادمة عالميًا. في فبراير الماضي (2022)، كتبتُ مقالاً متصلًا بالموضوع الحالي بشكل مباشر وغير مباشر بعنوان (النظم الزراعية وحالات الجوع المتوقعة)، أشرت فيه باختصار إلى إشارات الجوع المقبلة في العام 2030 بسبب التحديات الصحية والمناخية وربطها بمؤشرات الأمن الغذائي والتغذية واتجاهاتها السلبية على البشرية، هو ما يتطلب إعادة توجيه السياسات الزراعية والغذائية؛ لتقليل آثار ذلك على المديين المتوسط والبعيد. نعم وبكل تأكيد يواجه العالم تحديات كبيرة استثنائية بسبب التغيرات المناخية، التي باتت تؤثر بشكل مباشر ونوعي (سلبي) على الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار السلع الذي يشهده الجميع، وفي الفترة القريبة الماضية خرج على الملأ العالمي المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، شو دونيو، مُحذرًا صانعي القرار في مختلف دول العالم من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على توفير الطعام، وقال بالنص: "سيؤثر تغير المناخ على قدرتنا على إنتاج كميات كافية من الأطعمة المغذية، ويزيد من الفقر ومن عدم المساواة، خاصة بعد تعرض أنظمة الأغذية الزراعية في جميع أنحاء العالم للتهديد". هناك تخوف عالمي مُعلن من آثار التغيرات المناخية والصحية على الكوكب، وهو ما يظهره تقرير "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2022"، الصادر بالشراكة عن خمس جهات دولية هي: "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)"، الصندوق العالمي للتنمية الزراعية"، "منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف)"، "برنامج الأغذية العالمي"، و"منظمة الصحة العالمية". التقرير الجديد يحمل في مضمونه العام الكثير من المؤشرات والاتجاهات ليس فقط بسبب التغيرات المناخية، بل ينسحب ذلك على ما أحدثته جائحة "كوفيد - 19"، واستمرار آثارها المنعكسة على العالم، لكن النقطة المركزية التي أود اقتباسها من التقرير: "بالنظر إلى الانتكاسات في الجوع والأمن الغذائي والتغذية، وفي ضوء التحديات الاقتصادية والصحية والبيئية التي يواجهها العالم، من الحاسم أن تكون الأنماط الغذائية متاحة اقتصاديًا بصورة أكبر للجميع، ومن المهم في سبيل تحقيق هذا المقصد دراسة الدعم الحالي من السياسات لقطاع الأغذية والزراعة؛ لتحديد الإصلاحات الأكثر إلحاحًا على صعيد السياسات". تشير المعلومات الأممية أنه بحلول العام 2050 من المتوقع أن يزداد عدد سكان العالم بنسبة الثُّلث، مع حدوث أعلى زيادة في البلدان النامية، وتقدِّر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أنه إذا ما استمرت الاتجاهات الحالية في نموّ الدخل والاستهلاك دون هوادة، فإنه سيتعيَّن على الإنتاج الزراعي أن ينمو بنسبة 60 % لتلبية الطلبات المتزايدة المتوقعة على الأغذية والأعلاف. فقط لفهم الوضع الحالي، فالتغيرات المناخية على الأمن الغذائي أفرزت لنا النتائج التالية: ازداد معدل انتشار النقص التغذوي من 8 % في العام 2019 إلى 9.8 % في العام 2021، وهناك 828 مليون شخص عالميًا عانوا من الجوع في 2021، وليس ذاك فحسب بل هناك 150 مليون شخص إضافي عانى أيضًا من الجوع العام الماضي مقارنة بسنة 2019، وإذا أخذنا إفريقيا كمثال فقد طال الجوع في العام 2021 نحو 278 مليون شخص. وعلى المستوى الوطني تدرك الحكومة السعودية هذه التغيرات المناخية وأثرها على البيئة الزراعية تحديدًا لذلك قامت بجهود إيجابية وبرامج فعلية تُقلل من آثر مواجهة التحديات.. دمتم بخير.