في أول رحلة من نوعها ضمن برنامج ناسا لاستكشاف كوكب الزهرة في أوائل الستينات الميلادية، فشلت الرحلة بسبب خطأ بسيط، أنهى الفريق الهندسي كل ما تحتاجه الرحلة من متطلبات بنجاح: هيكل المركبة، ،معدات الاتصال اللاسلكي، ،بطاريات الطاقة المربوطة بالشرائح الشمسية، ،مستشعرات الغبار الكوني، والحسابات الدقيقة لمسار المركبة؛ وبرمجت المركبة لتنفيذ المهمة إلا أن شيئاً واحداً ظل مفقوداً واكتشف بعد فوات الأوان. بعد التحقيق في أسباب فشل المهمة التي أطلق عليها (البحار-1)، وجد أن برنامج المركبة افتقد شَرطة في الشفرة المصدرية كانت سبباً في تغذية المركبة بحسابات خاطئة خرجت بها عن المسار. كانت المعادلات الرياضية التي تنفذها برمجيات المركبة مكتوبة بأحرف رمزية موسومة أحياناً بشرطة أو رقم. كانت دور الشرطة التفريق بين رمزين: رمز سرعة المركبة ورمز متوسط السرعة. ونتيجة للخلط بين الرمزين توقفت المركبة عن الاستجابة لأوامر محطة الإطلاق، بعد أن أعلن عن سبب الخطأ الذي تسبب في فشل المهمة، قيل إنها الشرطة الأكثر كلفة في التاريخ. لم يكن الخطأ البرمجي هو الوحيد الذي تعرضت له المهمة، فقبل 79 دقيقة من الإطلاق احترق فتيل في الدائرة الكهربائية، ما تسبب في توقف الإطلاق وإعادة جدولته لإصلاح العطل، بعد استبدال الدائرة الكهربائية، بدأ العد التنازلي وأطلقت المركبة بنجاح، أثناء الإطلاق، توقفت المركبة عن الاستجابة لأوامر المحطة التي لاحظت انحرافاً في المركبة عن المسار، ونظراً لفشل محاولات التصحيح، وقبل 6 ثوان من الانفصال للمرحلة الثانية من الإطلاق، أرسل الأمر للمركبة بتفجير نفسها. مقارنة بالأخطاء الأخرى، ظهر الخطأ البرمجي مفاجأة غير متوقعة، في بداية الستينات، كانت البرمجيات في طورها الأول، ولم يكن مفهوم هندسة البرمجيات قد تكون بعد، كانت المعادلات الرياضية التي تنفذها البرمجيات مكتوبة باليد، وعلى المبرمج أن يحولها إلى لغة البرنامج، وهي لغة (فورتران) الشائعة ذلك الوقت. كانت الخبرة الهندسية في بناء المعدات الأخرى، أقرب إلى المفهوم الهندسي المعروف، فهي عكس البرمجيات، معدات ملموسة ترى بالعين المجردة، ولأجل ذلك كانت عمليات اختبار البرمجيات المتبعة بدائية ولا تتناسب مع حجم المشروع وتعقيداته. السبب الجذري للخطأ البرمجي ما زال موجوداً حتى اليوم. بعد ذلك، كان لفريق ناسا دور كبير في تشكيل مفهوم هندسة البرمجيات، وقد ساهمت في إيجاد وسائل جديدة لمعالجة السبب الجذري للمشكلة، ففي برنامج أبولو لاستكشاف القمر، تبنت ناسا منهجاً جديداً لتطوير البرمجيات لم يسبق إليها أحد، ورغم نجاح المنهج الجديد، لا أحد يعرف لماذا لم تتوسع ناسا في استخدامه، ومع مرور الوقت، لم تتوقف مساهمات ناسا في تطوير وسائل جديدة لتجاوز مشكلات البرمجيات سواء على مستوى التطوير أو الاختبار، إلا أن عدداً من المنهجيات التي طورت في ناسا ونجحت لديها فشلت في تحقيق الانتشار الذي تستحقه. --