كان يوم الأحد 31 يوليو يوماً تاريخياً بالنسبة لإنجلترا، فقد فاز فريق كرة القدم النسائي the Lionesses بنهائي كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم للسيدات، عقب الفوز على ألمانيا بنتيجة 2-1، فقد حان الوقت لاستبعاد فكرة أن "كرة القدم النسائية ليست كرة قدم حقيقية"، إن ما أعاق النساء عن كرة القدم ليس القدرة بل الفرصة. ففي عام 1921، منع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم النساء من اللعب في ملاعب دوري كرة القدم قائلاً: "... إن لعبة كرة القدم غير مناسبة تماماً للنساء ولا يجب تشجيعهم"، وقد أدى ذلك الحظر إلى إيقاف مباريات السيدات بصورة فعلية، واستغرق الأمر اتحاد كرة القدم 50 عاماً لرفع ذلك الحظر، كما استغرق ذلك 50 عاماً أخرى لتطوير كرة القدم النسائية كصناعة رياضية نتيجة لذلك، ويبدو الآن أننا قد وصلنا لتلك الغاية أخيراً. ففي 31 يوليو، اكتظ ملعب ويمبلي بنحو 87192 متفرجاً، وهو ما أدى إلى تحطيم الرقم القياسي لسجل الحضور مقارنة بمباريات نهائيات كأس الأمم الأوروبية السابقة (بما في ذلك مباريات نهائيات الرجال). إن كرة القدم ليست الرياضة الوحيدة التي تترك فيها النساء بصماتهن، وتعد دورة ألعاب الكومنولث 2022 في برمنغهام أول حدث مهم متعدد الرياضات يضم عدداً من الميداليات للسيدات يفوق عدد ميداليات الرجال، حيث تم إدراج 135 مسابقة ميدالية للسيدات، ولقد أدركت الهيئات الرياضية أخيراً الإمكانات الهائلة للرياضة النسائية، وكان الاستثمار الذي تلا ذلك أمراً حيوياً في النجاح الذي نراه اليوم. كما حدث تغيير مماثل هنا في المملكة العربية السعودية وبوتيرة سريعة، إذ أتذكر تشجيعي لأول رياضية سعودية على الإطلاق تنافس في الأولمبياد، في دورة الألعاب الأولمبية بلندن 2012، وبعد مرور عشر سنوات فقط، أقامت المملكة العربية السعودية دوريات لكرة السلة وكرة القدم للسيدات مع فرق في كافة أرجاء المملكة، وتتنافس النساء الرياضيات على المستوى الدولي ضمن مجموعة واسعة من الرياضات ما بين سباقات المضمار والميدان والجودو والمبارزة إلى القفز الاستعراضي ورياضات السيارات. ففي كل مكان تنظر إليه، ستجد "الأوائل"، مثل: سارة الجمعة، أول رياضية تتأهل للألعاب البارالمبية، وريما الجفالي، أول سائقة سباقات وسفيرة للنسخة الأولى من سباق جائزة السعودية الكبرى ضمن بطولة العالم الفورمولا 1 التي أقيمت في جدة. وفي وقت سابق من العام الجاري، التقت معالي وزيرة الدولة للثقافة والرياضة السيدة نادين دوريس بفريق كرة القدم النسائي السعودي، وقد كان من دواعي سرورها أن تهنئهن بالفوز بأول مباراة دولية لهن. ويجب أن يبدأ إشراك المرأة في الرياضة منذ سن مبكرة، حيث تقوم الأندية الرياضية مثل اتحاد جدة -الذي قمت بزيارته مؤخراً- بعمل رائع فيما يتعلق بجذب الفتيات إلى ممارسة الرياضة وتنمية المواهب لديهن، حيث انضمت ستة من خريجات اتحاد جدة إلى المنتخب السعودي لكرة السلة. ولا يتعلق الأمر بتنمية مجموعة المواهب للمسابقات الرياضية فقط، بل تكتسب الفتيات اللواتي يمارسن الرياضة عادات صحية على مدار الحياة، ويتعلمن مهارات مهمة وحيوية، مثل: العمل الجماعي والالتزام والمرونة. تعد تنمية القوى العاملة الرياضية النسائية أمراً بالغ الأهمية أيضاً، ففي السنوات الأخيرة، شهدت المملكة المتحدة زيادة كبيرة في عدد المدربات والحكام والمحللين الرياضيين واختصاصي العلاج الطبيعي والمعلقين الرياضيين من النساء. كما تخطط المملكة العربية السعودية القيام بالأمر نفسه، حيث دخلت العديد من النساء بالفعل في هذا المجال، مثل: هيلة الفراج، التي أصبحت أول معلقة رياضية سعودية في مسابقة كرة القدم النسائية الخليجية. ونتطلع قدماً إلى الشراكة مع المملكة العربية السعودية في هذه الأجندة الشيقة، سواء كان ذلك من خلال تبادل الخبرات والتدريب أو ربط المؤسسات أو جلب المنظمات الرياضية البريطانية لدعم الاستثمارات السعودية في هذا المجال، إذ يبدو المستقبل مشرقاً للرياضة النسائية! * نائب السفير البريطاني بالسفارة البريطانية في الرياض