سعت الكاتبة غالية مطر الزهراني في كتابها "سيميائية الشخصية في رواية خاتم" إلى تقديم تحليل سيميائي وصفي لشخصيات الرواية للكاتبة رجاء عالم، إذ تكمن إشكالية الدراسة في أن الرواية قدمت شخصية رئيسة مزدوجة، (ذكر-أنثى). وبناء على هذا الازدواج بنيت الشخصية الرئيسة، وشكلّت علاقاتها مع الشخصيات الأخرى. من هنا تطرح هذه الإشكالية جملة من التساؤلات التي سيحاول الكتاب الإجابة عنها، ولعل من أبرزها: سؤال عن ماهية الشخصية الروائية؟ وعن بناء العلاقات بين الشخصية الرئيسة والشخصيات الأخرى الفاعلة وملاءمة أسماء الشخصيات لوظائفها، ودور تلك الأسماء في إبراز طبيعة الشخصية الرئيسة ودورها في تنامي الأحداث. وفي قراءة معمقة للكتاب نجد أن المؤلفة تناولت الشخصيات وقامت بتحليلها من خلال المنهج السيميائي الذي يُعنى بالتحليل المُفصّل في وصف الشخصيات من خلال العتبات النصية، وتعدد الدلالات، والملامح الجسدية والنفسية، وتقصّي علاقات الشخصيات بالحدث، والزمان، والمكان. وبناء على ذلك، فقد قُسم الكتاب إلى مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول، وخاتمة؛ تناول التمهيد المصطلحات الرئيسة للبحث، فتوقف عند مفهوم السيميائية، لغة واصطلاحاً، ومفهوم الشخصية، والتعريف بالكاتبة وملخص الرواية. وتطرق الفصل الأول إلى العتبات ودوال الشخصية ومدلولها، من خلال مبحثين: الأول عُني بالعتبات فوقف عند مكونات غلاف الرواية، ودلالاتها السيميائية. التي كشفت ولو بشكل جزئي عن سمة النص، وسمة العنوان، وبالتالي عن سمة الشخصية التي تدور في فلك دلالة قوامها الخفاء والتّستر. وقام المبحث الثاني على دالّ الشخصية ومدلولها. والذي أجادت به الكاتبة في تسمية الشخصيات بما يتناسب مع دال الأسماء كالمطابقة والمخالفة والمهمشة، أما من حيث المدلول فقد ظهرت الشخصيات بمواصفات ووظائف واضحة نوع ما، في حين غابت الدلالة الواضحة عن شخصيات أخرى في الرواية، فغابت ملامحها، وهي في مجملها من الشخصيات الثانوية غير المؤثرة في السرد. وجاء الفصل الثاني تحت عنوان "تصنيف الشخصية وملامح أبعادها"، وتوزّع على مبحثين، درس المبحث الأول: الشخصية وتصنيفاتها، من حيث التباين الطبقي والانتماء المجتمعي والذي رُسم في الشخصيات التاريخية والمجازية والأسطورية. وقد توسعت الكاتبة في توظيف هذه الشخصيات ونسج العلاقات بينها حيث ظهرت مقنعة وغير مقحمة في النص، وغير مقتضبة أو ناقصة، هذا بالإضافة إلى توظيف بعض الشخصيات حسب تصنيف فيليب هامون. ودرس المبحث الثاني: البنية العاملية للشخصية وملامح أبعادها. من خلال النموذج العاملي الذي وضحه "غريماس" وذلك في وضع العملية السردية في نظام حسابي يقوم على مستويين سطحي وعميق، بيد أن الكاتبة لم تتبع مسارًا تدريجيًا في تحديد أبعاد الشخصية وإنما جعلتها تنطلق في الفضاء السيميائي. وأُفرد الفصل الثالث لدراسة: علاقة الشخصية بالعناصر الأخرى، فاشتمل على مبحثين، درس المبحث الأول: علاقة الشخصية بالحدث، كانت الشخصيات كوحدة دلالية اكتسبت سماتها من خلال الحدث المستند إلى الأفعال ومن خلال التحامها مع بقية عناصر السرد، فقد كان ازدواج الهوية لدى (خاتم) هو المسيطر الفعلي لسير العلاقات بين الشخصيات الرئيسة، كما كان الحافز السردي الوحيد الذي أدى إلى النهايات المأساوية لشخصيات الرواية. واهتم المبحث الثاني ب: علاقة الشخصية بالمكان والزمان. فقد اعتمدت الكاتبة على تقنيتي السرعة والإبطاء والتي بدورها تضافرت لتحقيق وظيفة مقصودة من الكاتبة، كما حمل الإطار المكاني بكل دلالات الانغلاق والانفتاح - دلالات سيميائية - مرتبطة بالشخصيات، وهذا ما لمحنا أثره في دلالات بيت الشيخ "نصيب" دلالات الانغلاق وبيت الشيخة "تحفة" دلالات الانفتاح، وبها ساهمت هذه البنى المكانية في تشكل الشخصيات والتأثير فيها. وختم الكتاب بخاتمة اشتملت على أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة، ولعل من أبرزها نجاح عتبة الغلاف في خلق تصور واضح في ذهن القارئ لعالم النص، وقد تناغمت مكونات الغلاف مع العنوان "خاتم" سيميائيًا فكشف التناغم عن مقولات الرواية؛ ف "خاتم" هي الشخصية الرئيسة التي يدور حولها الصراع والحدث السردي، وهي المحرك الرئيس للأحداث في الرواية، من هنا كان العنوان مع الغلاف اختزالًا سيميائيًا لمضمون الرواية الكتابي، بكل ما يحمله العنوان من دلالات رئيسة وفرعية.