قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجمعة بعد وقت قصير من مغادرته اجتماعا بقمة مجموعة العشرين مبكرا إنه لا جدوى من المفاوضات إذا كانت الدول الغربية تحث أوكرانيا للقتال وتساعدها. وفي ختام تصريحاته خلال القمة المنعقدة بجزيرة بالي الإندونيسية، ذكر لافروف أنه إذا كان الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة يرغبان في مساعدة أوكرانيا على القتال "فلن يكون لدينا على الأرجح ما نناقشه مع الغرب". وشهد هذا الاجتماع المنعقد في جزيرة بالي الإندونيسية أول لقاء بين لافروف ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن منذ بدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير. وتغيب لافروف عن جلسة ألقى خلالها وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا كلمة عبر الفيديو. واتهم لافروف الدول الغربية باستخدام منبر مجموعة العشرين لغرض غير كونها منتدى لبحث المشكلات العالمية الكبرى. وقال: "شركاؤنا الغربيون كانوا يسعون لتفادي التطرق إلى المسائل الاقتصادية العالمية. وما ان كانوا يتولون الكلام، كانوا ينطلقون على الفور في نقد لاذع لروسيا حول الوضع في أوكرانيا بوصفنا كمعتدين". وكانت الولاياتالمتحدة مدعومة من قسم من حلفائها الغربيين، دعت إلى إقصاء روسيا من المنتديات الدولية. غير أن إندونيسيا الحريصة على حيادها أكدت دعوتها لوزير الخارجية الروسي ودعت في المقابل نظيره الأوكراني. ويُمهّد هذا الاجتماع الوزاري لقمّة للرؤساء والقادة في نوفمبر في بالي، كان من المقرر بالأساس أن تخصص لبحث سبل ضمان انتعاش الاقتصاد العالمي بعد صدمة وباء كوفيد- 19. وأوضح مسؤول إندونيسي أنه لن يتم التقاط صورة جماعية إثر الاجتماع الذي شهد مناقشات متوترة. وأصيبت جبهة الحلفاء الغربيين مقابل روسيا بنكسة مع مغادرة وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس على وجه السرعة إثر إعلان استقالة بوريس جونسون من زعامة الحزب المحافظ البريطاني. وتخشى ألمانيا نقصا في إمدادات الغاز الروسي الذي تحتاج إليه سواء لتأمين المياه الساخنة للمنازل أو تدفئة المكاتب أو حتى لتشغيل إشارات السير، ويتهيّأ البلد برمته بدءا بالبلديات وصولا إلى الشركات الكبرى لشتى أنواع القيود على استخدام الغاز. والحكومة في حال تأهب مع اقتراب استحقاق جوهري هو الوقف التام لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم" بسبب صيانة روتينية. ومن المتوقع أن يستمر التوقف عشرة أيام لكن ألمانيا تخشى أن تقطع روسيا بشكل نهائي الإمدادات عبر هذا الأنبوب الذي يؤمن قسما أساسيا من وارداتها. وحذر وزير الاقتصاد روبرت هابيك بأنه "لا يمكن استبعاد أي سيناريو" موضحا أن موسكو تستخدم "سلاح الغاز" ضد أوروبا سعيا لتقويض الدعم لأوكرانيا. وإزاء التحذيرات والإشارات المقلقة، يسعى القطاع الصناعي والمجموعات والإدارات بكل الوسائل للحد من استهلاك الطاقة. وقال رئيس مجموعة إحدى الشركات الكبرى في بورصة فرانكفورت، متحدثا للصحافة إنه "من المحتمل أن نعمد مجددا إلى المزيد من العمل عن بعد لادخار الطاقة من أجل المصلحة الوطنية". وليست هذه المجموعة الوحيدة التي تبدي مخاوف. فقطاع الصناعة الكيميائية برمته معرض بصورة خاصة للمخاطر إذ يعوّل بشدة على الغاز. وأفادت جمعية الصناعات الكيميائية التي تمثل القطاع أنها تتهيأ "لسيناريو الأسوأ". -"شهراً أو شهرين" عمدت موسكو في الأسابيع الماضية إلى خفض صادرات الغاز عبر نورد ستريم بنسبة 60 % بسبب مشكلة فنية. وأدى ذلك إلى تباطؤ عملية إعادة تشكيل احتياطات الغاز وحذر هابيك بأنه بهذه الوتيرة "نمضي سريعا نحو انقطاع الغاز"، وهو تصدر الصحف بدعوته إلى تقليص الدوش واستخدام مياه أقل سخونه. وحذر كلاوس مولر رئيس الوكالة الفدرالية للشبكات "إذا لم نعد نتلقى إمدادات غاز من روسيا ... فإن الكميات المخزنة حاليا لن تكفي سوى لشهر أو شهرين". ودعا بالتالي إلى استباق الأمور لأن المستهلكين "سيصدمون حين يتلقون رسالة إلكترونية من مزودهم بالطاقة" تتضمن "زيادة بثلاثة أضعاف" في الفاتورة. وأقر مجلس النواب الخميس خطة توفير تتضمن وقف التدفئة ما فوق عشرين درجة مئوية في الشتاء وقطع المياه الساخنة عن المكاتب الفردية. وعمدت مدن عديدة إلى خفض حرارة المياه في أحواض السباحة أو خفض الإنارة في الشوارع. وتدرس بلدية أوغسبورغ في بافاريا حتى وقف عمل بعض إشارات السير. وأعلنت إحدى كبرى المجموعات العقارية الألمانية، الخميس أنها تعتزم تحديد سقف للتدفئة المركزية قدره 17 درجة مئوية ليلا في مجموعة أملاكها البالغة 350 ألف مسكن. وكانت الإمدادات الروسية تشكل في مطلع يونيو 35 % من واردات ألمانيا، مقابل 55 % قبل الحرب في أوكرانيا. ولا يزال الغاز يؤمن أكثر من 50 % من تدفئة المنازل. وتعتزم برلين زيادة اعتمادها على الفحم وتقوم بشراء كميات من الغاز المسال بمليارات اليورو من منتجين آخرين مثل قطروالولاياتالمتحدة. لكن وزير الاقتصاد حذر بأنه سيترتب على ألمانيا القيام ب"خيارات مجتمعية بالغة الصعوبة" إذا تراجعت إمدادات الغاز الروسي أكثر. ولن يكون بإمكان البلاد تفادي انكماش مع توقع تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6,5 % بين 2022 و2023، بحسب المعاهد الاقتصادية الرئيسية، ما سيتسبب بسلسلة من العواقب على الاقتصاد الأوروبي، إذ إن باسف على سبيل المثال تنتج مواد كيميائية ضرورية لقطاعات الأدوية والأغذية والسيارات. وفي تحذير مما قد ينتظر ألمانيا، تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في يونيو بأول عجز في الميزان التجاري الشهري لهذا البلد منذ سنوات. وقف الغاز الروسي سيوقع ألمانيا في أزمة طاقة (أ ف ب)