منذ الوهلة الأولى لنشر التعليم في بلادنا كان الهدف هو تعزيز القيم والانتماء الوطني، وتطوير نِظام التعليم لتلبية مُتطلبات التّنمية، واحتياجات سوق العمل، وتنمية وتطوير قُدرات الكوادر التعليمية، وتعزيز مشاركة المُجتمع في التعليم والتعلم، وضمان التعليم للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة، فالتعليم هو منارة الأجيال ولا بد من تطويره ليتواءم مع متطلبات العصر ومستجداته، وظل العمل جارياً على تحقيق تلك الأهداف، ومع مرور الوقت وتقدمه وظهور تقنيات التعليم الحديثة وانتشار التعليم الالكتروني وشموليته في معظم بلدان العالم بات تطوير التعليم في كل مكان من العالم الهم الأول، وصارت الدول تتبارى في تحقيق جودة التعليم والتفوق فيه، وأصبحت بلادنا تتخطى الحدود في إثبات تقدمها في التعليم في كافة المجالات، وبعد أن كانت المنافسة داخلياً من أجل تطوير التعليم والوصول إلى مكانة تعليمية بارزة من خلال إجراء المنافسات بين الطلاب من أجل التفوق في التعليم مثل «لمن الكأس» التلفزيوني الذي بدأ بثه في عام 1400ه، والذي تألق فيه المذيع غالب كامل على مدى سنوات وظهرت فيه المنافسة القوية بين كافة المناطق التعليمية من خلال مشاركة طلبة الثانوية العامة. وفي عصرنا الحاضر تخطى الطموح نطاق الوطن حيث باتت المنافسة تجرى في كافة المحافل الدولية والتي أثبت فيها الطالب السعودي مدى تميزه وتحقيقه المراكز المتقدمة بين طلبة دول العالم، خاصةً الدول المتقدمة، وجاء ذلك نتيجة تطبيق استراتيجيات أهداف رؤية المملكة 2030 وهي رفع مستوى جودة الأداء وتحسين المخرجات في القطاع التعليمي تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في رعاية ودعم الموهوبين والمبدعين نحو التحوّل إلى مجتمع المعرفة والتنمية الاقتصادية المستدامة. رعاية ودعم وظهر أول نظام للتعليم في المملكة بإنشاء مديرية المعارف عام 1344ه-1926م والتي تعد بمثابة إرساء حجر الأساس لنظام التعليم في المملكة ، وفي عام 1346ه-1928م صدر قرار تشكيل أول مجلس للمعارف والهدف منه وضع نظام تعليمي يشرف على التعليم في منطقة الحجاز، ومع قيام المملكة اتسعت صلاحيات مديرية المعارف ولم تعد وظيفتها قاصرة على الإشراف على التعليم في الحجاز فقط، بل شملت الإشرا ف على جميع شؤون التعليم في المملكة كلها، وكانت تضم 323 مدرسة وبدأت بأربع مدارس ، وفي عام 1373ه-1953 م، تم إنشاء وزارة المعارف، وكانت امتداداً وتطويراً لمديرية المعارف، وأسند إليها التخطيط والإشراف على التعليم العام للبنين في مراحله الثلاث -الابتدائي، المتوسط، الثانوي-، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- أول وزير لها، وفي عام 1379ه -1959م، تم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات بعدد 15 مدرسة ابتدائية ومعهد معلمات متوسط واحد، ومع تطور التعليم صدر المرسوم الملكي بضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة المعارف عام 1423ه، وبعد عام تم تحويل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، وكثفت الوزارة جهودها في الرعاية التربوية والتعليمية الشاملة للطلاب الموهوبين، وتفعيل الأنشطة الهادفة إلى دعم الموهوبين بإيجاد بيئة تربوية تتيح إبراز قدراتهم وتنمية إمكاناتهم ومواهبهم، بما يسهم في اكتشاف وتنمية هذه المواهب، وذلك ضمن استراتيجية الوزارة في الاستثمار في المواهب لتلبية متطلبات القطاعات الحيوية لصناعة المستقبل، ورفع مستوى جودة الأداء وتحسين المخرجات في القطاع التعليمي تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 في رعاية ودعم الموهوبين والمبدعين نحو التحوّل إلى مجتمع المعرفة والتنمية الاقتصادية المستدامة. برامج تطويرية وقدمت وكالة البرامج التعليمية في التعليم العام العديد من البرامج التطويرية والمبادرات الإثرائية لرعاية الموهوبين في المدارس؛ بهدف توفير بيئة تعليمية محفّزة على الإبداع والابتكار، وإعداد وتدريب الطلبة الموهوبين وتأهليهم للمستقبل من أجل تلبية احتياجات سوق العمل ومتطلبات الثروة الصناعية الرابعة وتقنيات القرن ال21، وأطلقت وزارة التعليم العديد من البرامج والمبادرات التطويرية وعلى رأسها البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين، والأولمبياد الوطني للإبداع العلمي، بالإضافة إلى زيادة عدد فصول الموهوبين إلى 998 فصلاً للبنين والبنات، حيث تستهدف الموهوبين من الصف الرابع الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي في مدارس التعليم العام، من خلال تجميعهم في فصول دراسية يتلقون فيها دعماً مميزاً يتحدى قدراتهم ويثير الفضول العلمي لديهم، لزيادة دافعيتهم لعمليات الاستقصاء وفق أفضل المعايير العالمية في تدريس الطلبة الموهوبين. نظام تسريع وتم اعتماد نظام التسريع في الانتقال عبر السلم التعليمي إلى صف دراسي أعلى الذي استفاد منه 812 طالباً وطالبةً، وتضمنت أهم البرامج مشروع فصول الموهوبين، وعقدت وزارة التعليم عدة شراكات عالمية ومحلية في مجال دعم وتنمية الموهبة والإبداع والابتكار، ومنها الشراكة مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة» والمركز الوطني للقياس-قياس في البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين، حيث زاد عدد المقاعد المجانية ليصبح 15,000 مقعد تشمل الطلبة من الصف الثالث ابتدائي حتى الصف الأول الثانوي، وتم الكشف حتى العام 2020م عن 132,958 طالباً وطالبةً من الموهوبين. وتنظم وزارة التعليم سنوياً الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي لدعم التنافس في أحد المجالات العلمية، من خلال تقديم مشروعات علمية فردية وفقاً لمعايير وضوابط خاصة، حيث زادت الفئة المستهدفة لتشمل طلبة المرحلتين المتوسطة أو الثانوية من الفئة العمرية 12-20 عاماً، وبلغ مجموع الجوائز والمراكز المتقدمة حتى العام 2020م 1,795 جائزةً ومركزاً، وكذلك تم رفع عدد المشروعات، وتنفيذ الأولمبياد عن بُعد بجميع المراحل، كما تمكن طلاب وطالبات المملكة من تحقيق أكثر من 600 جائزة عالمية وإقليمية ضمن مشاركة نخبة من الطلبة مثلوا الوطن في المحافل الخارجية حتى العام 2020م. محافل دولية ودأبت وزارة التعليم على إتاحة الفرصة لطلابها للمشاركة في كافة المحافل الدولية من أجل المنافسة في كافة الأنشطة التعليمية والمهارات والابتكارات، ومن هذه المشاركات مشاركة أكثر من 1.4 مليون طالب وطالبة من كافة مراحل التعليم العام في المملكة في مشروع تحدي القراءة العربي 2022 في دورته السادسة، وذلك من خلال تسجيل بيانات الطلبة في الموقع الإلكتروني الخاص بالمشروع، وأجريت مرحلة تحكيم مشاركات الطلاب والطالبات الذين أنهوا قراءة 50 كتابًا على مستوى إدارات التعليم، ليتم رفع أسماء المتأهلين على مستوى إدارات التعليم إلى لجان التحكيم على المستوى الوطني في وزارة التعليم التي تحرص على متابعة تنفيذ المشروع وتشجيع المشاركة فيه وفق عدة مهام، لعل أبرزها نشر ثقافة المشروع لجميع المدارس في جميع إدارات التعليم، والتنسيق بين إدارة التعليم والمدارس لتنفيذ الأنشطة وإقامة الفعاليات وورش العمل، ومتابعة قاعدة البيانات الخاصة بتسجيل الطلبة إلكترونيًا على الموقع الرسمي للمشروع، وإعداد خطة تنفيذية لمراحل المشروع بما يتوافق مع الخطة الزمنية الخاصة بتحدي القراءة، وتذليل الصعوبات التي تواجه منسقي المشروع في المدارس، وقد حصلت المملكة على المراكز الأولى عربياً في مجموعة العشرين، و14 عالمياً في أبحاث كورونا، كم ارتفع النشر في البحث العلمي في المملكة بنسبة 120 % بأكثر من 33 ألف بحث. منظومة إلكترونية وفي مجال العمل على ملاءمة المخرجات مع سوق العمل دعمت وزارة التعليم خطط واستراتيجيات تنمية القدرات البشرية، من خلال ربط التخصصات بمتطلبات سوق العمل والثورة الصناعية الرابعة، كما قامت بتحويل 50 كلية مجتمع إلى كليات تطبيقية، ونجحت في إعداد منظومة تعليمية إلكترونية متكاملة خلال جائحة كورونا منها إطلاق منصة «مدرستي»، ومنصة «روضتي»، وإطلاق 24 قناة تعليمية تبث المواد فضائياً وعبر اليوتيوب، وفي مجال تعزيز التنافسية الدولية عزّزت الوزارة حضور جامعات المملكة على خارطة المنافسات العالمية، وفي مجال الدراسات والأبحاث وضعت وزارة التعليم البحث العلمي في الصدارة حيث حصد طلبة المملكة 173 ميدالية وجائزة في المسابقات الدولية، ووصل عدد براءات الاختراع المسجلة والممنوحة دولياً ومحلياً لمنسوبي الجامعات السعودية إلى 143 براءة اختراع في عام 2020م، وتواجدت ست جامعات سعودية ضمن تصنيف شنغهاي 2021، و15 جامعة في تصنيف تايمز 2022، وكذلك 14 جامعة في تصنيفات كيو إس 2022. ميداليات ومراكز وبات من المعتاد نشر حصول العديد من طلبة بلادنا الغالية على العديد من الميداليات والمراكز المتقدمة على مستوى العالم في وسائل الاعلام، حيث تعددت الإنجازات التي يفخر من خلالها الوطن بأبنائه الطلاب، ومن أشهر هذه الإنجازات في الآونة الأخيرة حصول عدد من طلاب المملكة على 14 جائزة عالمية في إنجاز وطني وعالمي جديد، فازوا بها في الأولمبياد الدولي للرياضيات والأولمبياد الدولي للأحياء والأولمبياد الدولي للفيزياء 2021 التي أقيمت عن بُعد، حيث أدى أبناء الوطن الاختبارات في هذه المنافسات تزامناً مع يوم عرفة يوم الحج الأكبر ويوم عيد الأضحى المبارك في إنجاز يفاخر به الوطن دول العالم، وبهذه الإنجازات العالمية ارتفع رصيد المملكة وطلاب موهبة من الجوائز في المسابقات الدولية إلى 449 جائزة من بينها 49 -36 ميدالية و13 شهادة تقدير، وحققت المملكة إنجازاً رائداً في الأولمبياد الدولي للرياضيات 2021م، وتقدمت 21 مركزاً في الترتيب العام بعد أن احتلت المركز 38 من بين 107 دول، مقارنة بالمركز 59 من بين 105 دول في مسابقة العام الماضي، وحصدت 6 جوائز بزيادة بلغت 200 في المئة، مقارنة بميداليتين برونزيتين في مسابقة 2020 متقدمة على دول عريقة في المسابقة، وحصد المنتخب السعودي للرياضيات ميدالية فضية و3 برونزيات وشهادتي تقدير في النسخة 62 من الأولمبياد الدولي للرياضيات 2021، التي تمت عن بعد في الفترة من 18 إلى 24 يوليو الجاري، في المشاركة ال17 على التوالي للمنتخب السعودي من بين 619 طالباً يمثلون 107 دول، لترفع المملكة رصيدها في هذه المسابقة إلى 58 جائزة من بينها 8 فضيات و34 برونزية و16 شهادة تقدير، كما حقق المنتخب السعودي للأحياء ثلاث شهادات تقدير في الأولمبياد الدولي للأحياء IBO challenge 2021 الذي أقيم في البرتغال عن بعد، خلال الفترة من 18 إلى 23 أغسطس 2021م، وفي الأولمبياد الدولي للفيزياء حقق طلاب الوطن 5 جوائز عالمية، وتوالت إنجازات الطلاب السعوديين في المسابقات الدولية بتحقيق المنتخب السعودي للكيمياء 4 جوائز عالمية 3 ميداليات فضية وميدالية برونزية، خلال مشاركة المملكة ممثلة في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع -موهبة- ووزارة التعليم في الأولمبياد الدولي للكيمياء 2021 الذي أقيم عن بُعد في اليابان، وذلك من بين أكثر من 315 طالباً وطالبة يمثلون 79 دولة، في إنجاز غير مسبوق مقارنة مع النتائج التي حققها أبناء الوطن عام 2020 بتحقيق 4 ميداليات برونزية، وبهذه الإنجازات العالمية ارتفع رصيد المملكة من الجوائز في المسابقات والأولمبيادات الدولية إلى 453 جائزة من بينها 53 إنجازًا تحقق هذا العام 40 ميدالية ما بين ذهبية وفضية وبرونزية و13 شهادة تقدير. ثمرة جهود وفي إنجاز جديد آخر يضاف للمملكة فقد حققت المملكة مؤخرًا ست ميداليات برونزية في أولمبياد البلقان للرياضيات، الذي نظمته صربيا، بمشاركة 107 من الطلاب والطالبات الذين يمثلون 18 دولة، كما تمكنت المملكة ممثلة في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع -موهبة-، ووزارة التعليم، من أن تحصد «جائزتين عالميتين» في أولمبياد آسيا والباسيفيك للمعلوماتية APIO 2022 الذي نظمته جمهورية مصر عن بعد، بمشاركة 900 طالب، يمثلون 35 دولة، خلال الفترة من 20 إلى 29 مايو، وتعدّ هذه الإنجازات الوطنية امتدادًا لسلسلة منجزات الوطن العلمية في المسابقات الدولية التي تشارك فيها المملكة، وثمرةً للجهود الشموليّة والعلاقة التكامليّة بين مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع ووزارة التعليم وشركائهما الإستراتيجيين، وفي مقدمتهم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية -كاوست- للإسهام في إعداد جيل من الطلبة للمنافسة عالميًا وتعزيز قدراتهم، وتمثيل المملكة في المسابقات الدولية، وتحقيق المنجزات، التي بدورها ستنعكس على مكانة المملكة في مؤشراتها التنافسية، وفي تطور المنظومة التعليمية وفي الاستثمار في الكفاءات البشرية السعودية والمضي قدمًا في ترسيخ أسس متينة لاقتصاد معرفي مستدام. المدارس قديماً تنافست فيما بينها من أجل تحقيق المراكز الأولى إنجازات متتالية لأبناء الوطن في المحافل الدولية التشجيع والدعم خلف إنجازات الوطن حماس الطلاب في المشاركات الدولية عن بُعد