اكتسب النقاش القائم منذ مدة طويلة بشأن إصلاح الأممالمتحدة أهمية ملحة فجأة، خصوصا في ما يتعلق بدور مجلس الأمن الذي لم يعد يمثل عالم اليوم. وكرست الأممالمتحدة التي تأسست عام 1945 على أمل ضمان السلام في العالم ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة سلطة غير متناسبة للأعضاء الخمس الدائمين في مجلس الأمن، وهي الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، فمنحتها حق النقض بما يسمح لها بحماية مصالحها والتدخّل بشكل كبير في شؤون العالم. وبالتالي، استخدمت موسكو حق النقض (فيتو) الذي تملكه في مجلس الأمن نحو 15 مرة في جلسات تصويت مرتبطة بالنظام السوري منذ العام 2011. وفي هذا السياق، غزت الولاياتالمتحدة وبريطانيا العراق عام 2003 من دون موافقة الأممالمتحدة، ومن دون تعرّض مقعديهما الدائمين في مجلس الأمن لأي عواقب. وفضلا عن مسألة حق النقض وغياب التوازن الدولي ضمن أعضاء مجلس الأمن (إذ لا تحظى أي دولة إفريقية أو من أميركا اللاتينية بمقعد دائم)، فإن المجلس يمنح سلطة شبه كاملة في بعض القضايا للدول ذات المقعد الدائم. ويرى مندوب إحدى الدول العشر الحالية ذات العضوية غير الدائمة أن تقسيم المهام بين الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن غير متساو، إذ توكل "المهام البيروقراطية" إلى الدول العشر التي لا تحظى بعضوية دائمة. وقال المندوب الذي طلب عدم الكشف عن هويته "لا نعتقد أنه تقسيم عادل للمهام". وواجه المجلس تنديدات واسعة لشلله الحالي والمتكرر، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش انتقد إخفاقاته. "مثل الكولسترول" بالنسبة للخبير في العلاقات الدولية في باريس برتران بادي، فإن الأممالمتحدة "أشبه بالكولسترول.. هناك النافع"، لا سيما في مجل المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الأممالمتحدة والتي أنقذت حياة كثيرين حول العالم، وهناك "الضار، المتمثل بمجلس الأمن". لكن بينما أقر المندوب بوجود "انتقادات شديدة" للمنظمة الدولية، قال "أين سنكون لو لم يكن لدينا أي من ذلك؟"، وفي غياب جميع الأمور "الجيدة" التي تقوم بها الأممالمتحدة. وتتركز معظم الدعوات للإصلاح على توسيع مجلس الأمن، وإضافة أعضاء دائمين وغير دائمين. لكن "هناك استقطاب كبير في المواقف"، بحسب المندوب، بشأن الدول التي يتعيّن ضمّها والتي ستحظى بحق النقض. ورأى الدبلوماسي أن "حق النقض يجب أن يكون مضبوطا بشكل أكبر"، مضيفا أن هدفه لا يجب أن يكون "منع التقدم" بل "إجبار الدول الخمس الدائمة على الجلوس معا والوصول إلى حل يرضي الجميع". وطرحت مجددا مسألة الفيتو في اجتماع غير رسمي الجمعة بشأن إصلاح الأممالمتحدة شاركت فيه الدول الخمس الدائمة العضوية. كان من بين الأفكار المطروحة، مقترح فرنسي مكسيكي للحد من استخدامه في حالات "الجرائم الكبرى" ومقترح من لشتنشتاين بمطالبة أي دولة تستخدم حق الفيتو بتبريره أمام الجمعية العامة. والخميس، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا إن "بنية السلام والأمن بأكملها في الأممالمتحدة تحتاج إلى إصلاح". وأشار إلى ضرورة تحول المجلس إلى "الديموقراطية" للسماح للمنظمة الدولية بتجاوز الشلل الذي تسببت به الدول الأعضاء. لكن عددا من الخبراء يرون أن فرص الإصلاح ستبقى ضئيلة طالما أن الدول الدائمة العضوية ترفض القبول بأي خطوة تخفف من سلطتها.