يبدأ الحديث هذه الأيام في مواقع التواصل الاجتماعي وبين أبنائنا الطلاب وأولياء أمورهم عن الدراسة في شهر رمضان الكريم، ويحق لهم أن يتساءلوا ويتحدثوا لما للشهر الفضيل من وضع مختلف وتحديات يواجهها الطلاب والأسر في تنظيم وقت الدراسة خلال هذا الشهر الكريم، ولما لهذه الشهر من مميزات دينية تتجلى في الصيام والعبادات، والعادات الاجتماعية الحسنة في اجتماع الأهل والأحباب حول موائد الإفطار، ناهيك عن تغير أوقات النوم بسبب وجبة السحور وواقع المجتمع في هذا الشهر لما فضله الله عن بقية الشهور، بالإضافة إلى تسابق الفضائيات في عرض البرامج والمسلسلات الرمضانية، ليبدأ من غده صباحًا اليوم الدراسي مع انقطاع الطلاب عن وجبة الإفطار الصباحية، وهذا بلا شك يحدث خللًا في توازنهم، وتفكيرهم، ونشاطهم، كل حسب فئته العمرية ومرحلته التعليمية كل ذلك يجعل الوضع صعباً جدًا على الجميع خاصة مع استمرار الدراسة لأكثر من ثلاثة أسابيع متوالية من هذا الشهر الكريم. وهذا مشاهد ومنعكس على الواقع التربوي فيما يواجهه المعلمون أثناء اليوم الدراسي في رمضان من نعاس الطلاب خلال حصصهم، وبالتالي انخفاض مستوى الاستيعاب والنشاط وهو مؤشر على عدم حصولهم على قسط كاف من النوم بسبب السهر والالتزامات أو النشاطات الأسرية الرمضانية وفي الوقت نفسه سيكون المردود من الدراسة في رمضان دون المستوى المطلوب بالنسبة للطلاب، وبالتالي سينخفض الأداء لدى المعلمين وهذا هدر تعليمي بلا شك، ويسبب بكل تأكيد فاقداً تعليمياً، وأقول ذلك من الملاحظة والتجربة وأخذ رأي العديد من الزملاء المعلمين والمعلمات، وبعضهم يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مقرات العمل وليس لديهم متسع من الوقت في رمضان في ظل الالتزامات الأسرية وما يختصه رمضان من مأكولات رمضانية تتطلب وقتاً في الإعداد والتجهيز قبل موعد الإفطار، وقد تزيد هذه الإشكاليات في حالة عدم معالجتها في ظل واقع يعيشه الجميع، ويجب الاعتراف بها من الإدارات التربوية أو التكابر عليها أو تجاهلها والاصطدام مع المجتمع، أو نفرض عليه جوانب نظرية دون النظر بموضوعية للواقع المعايش للميدان التربوي وجميع مراحله الدراسية ومنسوبيه، وهذا يساعد في إيجاد الحلول المناسبة والمقبولة إذا أردنا بشكل جاد النظر فيها. أعتقد أن الموضوع مهم وعاجل ويحتاج إعادة النظر من قبل وزارة التعليم والمختصين في استمرار الدراسة حضوريًا في شهر رمضان الكريم لهذه الفترة الطويلة المرهقة للجميع، ولعل تجربة التعليم عن بعد وهي من التجارب الناجحة للمملكة وحاصلة على إشادة دوليًا وعربيًا ومراكز متقدمة في مجال التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، قد يكون من أنسب الحلول المطروحة الآن على الطاولة مع تقليص الفترة الأقل من أسبوعين، مراعاة لظروف الجميع وخصوصية هذا الشهر الفضيل، واستجابة لرغبة المجتمع والميدان التربوي، وفي المقابل تحقيق الفائدة المرجوة في استمرار الدراسة وتقليص الفاقد التعليمي. * متخصص في الإرشاد النفسي عمر العمري