مع انتهاء العام 2021 وما حمل معه من تحديات، واصلت هيئة السوق المالية السعودية إصلاحاتها الهيكلية والتشريعية والتقنية وطرح الأدوات المالية التي جعلت من السوق السعودية بيئة جيدة لممارسة الأعمال وجذب الاستثمار وتمكين الشركات المدرجة من تنمية أعمالها لتكون رافداً مهماً للاقتصاد السعودي، وخلال العام المنصرم أطلقت الهيئة خطتها الاستراتيجية للأعوام من 2021 إلى العام 2024 ضمن برنامج "تطوير القطاع المالي"، وهو أحد البرامج المهمة لتحقيق رؤية المملكة، السوق المالية السعودية أصبحت أكبر سوق مالية في منطقة الشرق الأوسط وتسير بخطى حثيثة لتكون إحدى أهم الأسواق المالية في العالم ولا أشك في تحقيق ذلك قريباَ، لأن شغف العمل، ومهارة القيادة، والكوادر الوطنية المخلصة قادرة على تذليل العقبات وصناعة المعجزات، وعندما نستعرض في هذا التقرير بعضاً من الإنجازات التي تحققت في عام 2021، نستطيع أن نجزم بأن المستقبل واعد بحول الله، في العام المنصرم ارتفع مؤشر تاسي بنسبة 30 % وارتفعت القيمة السوقية للأسهم في مؤشر تاسي إلى أكثر من 10 تريليونات ريال، وبالنسبة لسوق نمو، ففي بداية العام 2021 كانت عدد الشركات المدرجة فيه لا تتجاوز 4 شركات بلغت قيمتها السوقية نحو 12 مليار ريال ومع نهاية العام ارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 14 شركة بقيمة سوقية تجاوزت 19 مليار ريال، وقيمة الإصدارات الاجمالية من الصكوك والسندات ارتفعت من 387 مليار ريال في نهاية عام 2020 إلى 470 مليار ريال في نهاية عام 2021 صناديق الاستثمار رفعت إجمالي أصولها إلى 239 مليار ريال منها 34 مليار ريال أصول أجنبية مقارنة مع أصول لم تتجاوز في عام 2015 ال 102 مليار ريال، قيمة الاستثمار الأجنبي مع نهاية عام 2021 تجاوز 300 مليار ريال وكان لا يتجاوز 72 مليار ريال قبل إطلاق برنامج تطوير القطاع المالي، الطروحات الأولية في عام 2021 حققت رقماً قياسياً ب 14 طرحاً منها 9 طروحات في السوق الرئيسة منها شركة تداول السعودية، كما تم إطلاق خاصية الإدراج المباشر في سوق نمو التي استقطب الكثير من الشركات وخفضت التكاليف الباهظة التي تصاحب الطروحات التقليدية، ولأول مرة في هذا العام تم طرح عام ثانوي لأسهم إس تي سي حيث تم طرح 120,000,000 سهم تمثل 6 % من رأس مال الشركة وتم تحديد السعر النهائي لأسهم الطرح ب 100 ريال سعودي للسهم الواحد، وبلغ إجمالي المتحصلات للمساهم البائع 12 مليار ريال سعودي. هذه بعض من الأرقام التي حققتها السوق المالية السعودية ومعظمها تحقق في عام واحد فقط، وهذه الإنجازات لا شك أن وراءها تخطيط مُتقن وإرادة جادة وإدارة مميزة، تمكنت من تطوير سوق مالية سعودية بمعايير عالمية، وبذلك أصحبت مصدراً مهماً لتنمية الاقتصاد السعودي وبيئة محفزة للمستثمرين وفرت لهم جميع الأدوات الاستثمارية، والقنوات المتعددة، ما ساهم في خلق بيئة ممتازة لممارسة الأعمال ومحفزة للشركات لطرح أسهمها في السوق الرئيسة أو السوق الثانوية (نمو) وهذا الإقبال المتزايد أفرز قوائم طويلة من الشركات التي تنتظر الموافقات لطرح أسهمها، وهذا سوف يحفظ الشركات العائلية من الاندثار وينمي أعمالها ويمنح المستثمرين فرصة المشاركة في تحقيق أرباح جيدة من هذه الشركات، وكذلك توسيع قاعدة السوق المالية ورفع كفاءتها وزيادة قيمتها السوقية وحجم الأموال المتداولة فيها مما يمكنها أن تكون ضمن قائمة أهم الأسواق المالية في العالم، إن تعدد الصناديق الاستثمارية وتنوع قنواتها ساهمت في نمو أصولها الاستثمارية وزيادة أعداد المستثمرين فيها، سوق الصكوك والسندات رغم حداثته في السوق المالية السعودية إلا أنه حقق أرقاماً جيدة وحجم تداولات عالية بعد إتاحة التداول المباشر للأفراد والشركات، وخفض التكاليف التمويلية على الشركات بعد أن أصبح للإصدارات المحلية من الصكوك والسندات منحنى عائد، كما حقق سوق السندات السعودية المرتبة الرابعة من حيث الوزن في مؤشر جي.بي مورجان الخاص بسندات الأسواق الناشئة العالمي المتنوع. إن رحلة التغيير ليست سهلة والمحافظة على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية تحتاج إلى جهود مضنية ورقابة مستمرة وشفافية عالية وكشف المتلاعبين في السوق وتقديمهم للجهات العدلية، ومنع أي ممارسات تتسبب في تشويه السوق، أيضاً الدور التوعوي للمستثمرين مهم، في ظل وقوع بعض المستثمرين في فخ الاحتيال من خلال جهات خارجية استطاعت الوصول الى أهدافها من خلال قنوات التواصل الاجتماعي.