تغلق مطاعم بروكلين الواحد تلو الآخر بسبب فورة إصابات بكوفيد-19 فيما تطول طوابير الانتظار للخضوع لفحص مع خشية سكان نيويورك من أن يعيشوا مجددا كابوس العام 2020 عندما استحالت المدينة الكبيرة مركزا عالميا لهذه الجائحة. في حي غرين بوينت أغلقت أكثر المطاعم أبوابها بعد تسجيل حالات مفاجئة في الأيام الأخيرة في صفوف موظفيها أو زبائنها. قرب متنزه ماكارن يقف نحو ثلاثين شخصا في طابور أمام شاحنة صحية صغيرة مركونة توفر فحوصا سريعة. ويقول سبنسر ريتر أحد سكان الحي "الوضع يشبه كثيرا ما حصل في مارس 2020". وقد أتى الموظف في الأوساط المالية للخضوع لاختبار مع صديقته الطالبة كايتي كونولي بعدما أصيب أصدقاء لهما بالفيروس. أمر مخيف وقالت كونولي "رؤية هذه الطوابير يشعرنا بأن كل شيء يتكرر. وهذا أمر مخيف فعلا". وكانت مدينة نيويورك عانت الأمرين خلال الموجة الأولى من الجائحة في ربيع العام 2020. فقد فرغت شوارع نيويورك، والتي لطالما لقبت "المدينة التي لا تنام" كليا على مدى أسابيع في مشهد جدير بأفلام الخيال العلمي. ولم يكن يخرق الصمت في جادات مانهاتن الواسعة إلا صفارات سيارات الإسعاف فيما تجاوزت المستشفيات قدراتها الاستيعابية واضطرت المشارح إلى حفظ الجثث في شاحنات مبردة. وتوفي ما لا يقل عن 34 ألفا من سكان نيويورك منذ ربيع 2020 فيما لم تستعد المدينة ولا سيما حي مانهاتن فيها الحيوية التي كانت تتميز بها قبل الأزمة الصحية. عودة إلى نقطة الانطلاق وتقول البولندية يولانتا تشيرلانيش والتي أتت للخضوع لاختبار لأنها تشعر ببعض الأعراض "في الحقيقة عدنا إلى نقطة الانطلاق وقد يكون الوضع أسوا حتى" مما كان عليه في ربيع 2020. وتضيف: "الأمر مخيف جدا ومقلق جدا لأننا كنا نأمل في أن يتحسن الوضع". منذ أيام قليلة، عاد التوتر إلى الولاياتالمتحدة مع انتشار سريع جدا لأوميكرون من كوفيد-19. وتوقع الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس "شتاء يعمه المرض الخطر والموت" لغير الملقحين. في الأول من ديسمبر، كان معدل الإصابات اليومية الجديدة 86 ألفا إلا ان هذا العدد وصل إلى 117 ألفا في 14 من الشهر نفسه في ارتفاع نسبته 35% تقريبا في غضون أسبوعين. وتجاوز عدد الوفيات في أكثر بلد تسجيلا للوفيات في العالم جراء هذه الجائحة، الثلاثاء عتبة 800 ألف منذ 2020 بحسب حصيلة أعدتها جامعة جونز هوبكنز. وتعزز القيود المفروضة عبر العالم للجم الانتشار الخاطف للمتحور أوميكرون من فيروس كورونا مع إلغاء احتفالات أو إغلاق مواقع ثقافية، فيما تزداد الضغوط على غير الملقحين. وبعد شهر فقط على رصدها للمرة الأولى في جنوب إفريقيا، بات المتحور أوميكرون موجود في حوالي ثمانين بلدا وتنتشر بشكل صاروخي في أوروبا حيث قد تصبح النسخة المهيمنة بحلول منتصف يناير بحسب المفوضية الأوروبية. وعززت الكثير من الدول الأوروبية إجراءات الوقاية الصحية. ضغوط على غير الملقحين وتترافق هذه الإجراءات أينما كان مع ضغوط متزايدة على غير الملقحين تصل أحيانا إلى حد إلزام تلقي اللقاح. ففي لوس انجليس واعتبارا من السبت ينبغي على كل موظفي البلدية بمن فيهم عناصر الشرطة والإطفاء تلقي اللقاح وإلا وضعوا في عطلة إدارية. وتفيد أجهزة البلدية أن اكثر بقليل من 430800 موظف بلدي أي 79% من العدد الإجمالي، تلقوا اللقاح حتى هذا الأسبوع. واعترض بعض عناصر الشرطة والإطفاء على لزوم تلقي اللقاح وهم حاولوا دون جدوى حتى الآن تعليق الإجراء عبر المسار القضائي. وذكرت محطة "ان بي سي" أن نحو 80% من عناصر الشرطة في لوس انجليس تلقوا اللقاح إلا أن أكثر من 2500 منهم لا يزالون يرفضون ذلك وتقدموا بطلب يستثنيهم سيدرس في الأسابيع المقبلة. والجمعة أعادت محكمة اميركية فرض التلقيح الإجباري لموظفي الشركات الكبرى كما تريد إدارة بايدن وهو إجراء كان علق مطلع نوفمبر بقرار من محكمة استئناف في تكساس. وقد يطعن بهذا التدبير مجددا أمام المحكمة العليا. في سويسرا، سيسمح فقط للملقحين أو المتعافين من كوفيد-19 اعتبارا من الاثنين دخول المطاعم والمؤسسات الثقافية والمنشآت الرياضية والترفيهية فضلا عن الفعاليات التي تقام داخل قاعات. وفرض اللقاح سيدخل حيز التنفيذ أيضا في فرنسا مطلع السنة بحيث ستصبح الشهادة الصحية "شهادة لقاحية" على ما أعلن الجمعة رئيس الوزراء جان كاستكس. فلدخول الأماكن التي يجب فيها ابراز هذه الشهادة من مطاعم ومنشآت ثقافية وترفيهية وغيرها، لن تكون نتيجة سلبية لفحص التشخيص كافية بل ينبغي أن يكون الشخص حصل بالضرورة على اللقاح أو الجرعة المعززة أو انه شفي من المرض. تلقيح الأطفال وبموازاة ذلك، بات التلقيح يشمل الأطفال في دول عدة مع انضمام البرازيل إلى البلدان التي باشرت ذلك مثل كنداوالولاياتالمتحدة وتشيلي والبرتغال وإيطاليا واليونان وقبرص. في فرنسا، أيدت لجنة الاخلاقيات الجمعة توفير اللقاح للفئة العمرية 5-11 عاما تاركة الخيار النهائي للأهل. وأعلنت فايزر الجمعة أنها تريد اختبار جرعة ثالثة من لقاحها المضاد لفيروس كورونا للأطفال دون الخامسة ما قد يدفع هذا المختبر الأميركي إلى التقدم العام المقبل بطلب ترخيص لثلاث جرعات أساسية لدى هذه الفئة العمرية.