يؤكد الخبراء والمختصون في الموارد البشرية أنه في الغد القريب ستختفي بالتدريج الكثير من المهن البشرية بسبب التطور التقني في برامج الاتصال والمعاملات المالية وكذلك عالم الروبوتات، وأن الكثير من الأعمال التي كان يقوم بها الإنسان أصحبت تتم بشكل آلي عن طريق الأتمتة وأنظمة الذكاء الاصطناعي.. وغيرها من التقنيات الحديثة التي تتطور بشكل كبير ومطرد كل يوم. ومن هنا أصبحت الحاجة ملحة إلى أن تفيق المؤسسات التعليمية والجامعات، وأن تستشعر بكل مسؤولية وطنية هذا الأمر في مواكبة تلك المتغيرات بشكل شجاع وسريع، وأن تواجه مقاومة التغير داخل هذه المؤسسات في إجراء تعديلات إدارية قوية وجذرية تساعد بشكل إيجابي في إدراك هذه المسؤولية وإجراء التغيرات المناسبة واللازمة عن طريق إضافة تخصصات وبرامج جديدة مبتكرة وملحة لمهن المستقبل وإغلاق أو تعديل أو خفض القبول في برامج أخرى وهو ما يحصل في الكثير من الجامعات في العالم استجابة لحاجة السوق العمل إليها وإعادة هيكلة هذه البرامج بشكل مستمر وذلك وفق دارسات استشرافية مستمرة ومتواصلة تتحسس وتستكشف متطلبات المجتمع واحتياجاته في الغد القريب والمستقبل البعيد، وما القدرات والمهارات المطلوب توفرها في مهن المستقبل لكي يكونوا على قدر من الكفاية والكفاءة في القيام بها وقادرين على قيادة مستقبلنا. استشراف المستقبل أمر ضروري وليس رفاهية، وأن هناك حقيقة واحدة يجب أن يدركها الجميع وهي أن الأدوار الوظيفية المستقبلية سيتم منحها فقط لأولئك القادرين على القيام بها بما يمتلكونه من مهارات وقدرات مناسبة لإدارتها، وسيتم التخلص من القوى العاملة غير المستعدة. ووفقًا لتقرير وظائف المستقبل 2020م الصادر من مؤتمر الاقتصاد العالمي، فإنه بحلول عام 2022م ستكون المهارات المطلوبة لأداء معظم الوظائف قد تغيرت بشكل كبير، وستظل المهارات الأساسية المطلوبة لأداء الوظائف بنسبة 85 % كما هي، وهذا يعني أننا سنشهد تحولا في المهارات الجديدة المطلوبة للمستقبل بنسبة 42 %، وحسب التقرير فإن المهارات التي يرى أصحاب العمل أنها ستزداد في المدة التي تسبق عام 2025م تشمل التفكير النقدي والتحليل، وكذلك حل المشكلات ومهارات الإدارة الذاتية مثل التعلم النشط والمرونة وتحمل الإجهاد، كما ستحتفظ المهارات البشرية مثل الإبداع والأصالة والمبادرة والإقناع والتفاوض بقيمتها، وستزداد أهمية مهارات أخرى مثل مهارات الاهتمام بالتفاصيل وكيفية تطويرها والذكاء العاطفي والقيادة والتأثير الاجتماعي. وكي لا يقع طالب العمل في الفجوة المزعومة التي رفضت أن تردم بين سوق العمل ومخرجات التعليم، من المهم جداً الاهتمام بمتغيرات سوق العمل وتطوراته الحالية والمستقبلية وربط هذه المخرجات بشكل يتواءم مع هذه التحولات، مع تفعيل برامج الإرشاد المهني في المؤسسات التعليمية والجامعات ومقرات العمل التي تستهدف طالبي العمل لإرشادهم حول التخصصات الأفضل والأكثر نجاعة. * متخصص في الإرشاد النفسي بجامعة الإمام