لطالما لعبت إدارة المرافق دوراً خفياً في تعزيز تجربة العملاء حتى بدء الأزمة الصحية العالمية في العام الماضي. ويمكن تمثيل تجربة العملاء بالعرض المسرحي، إذ تتضمن زيارة أحد المرافق أو المراكز التجارية أو المباني المكتبية، أو حتى حضور فعالية وطنية مثل موسم الرياض، قسمين منفصلين؛ أولهما المشهد الأمامي الذي يتيح فرصة التفاعل معه والمشاركة والانخراط فيه، ويشبه ذلك مكتب الاستقبال في المباني المكتبية أو موظفي الاستقبال في الفعاليات أو حتى مساحاتها التي نتحرك ضمنها بشكل عام. أما القسم الثاني فهو الكواليس، ويُعد العامل الأكبر في تحديد جودة تجربة العملاء، والذي لا يمكن أن نلاحظ عملياته أو التفاعل معها مباشرةً. وظهر بوضوح الأثر الكبير لفرق إدارة المرافق في جميع المباني ومحطات القطارات والمراكز التجارية والمطارات وغيرها، بمجرد أن برزت أزمة كوفيد-19 في مختلف أنحاء العالم. ولعب مزودو خدمات المرافق دوراً أساسياً خلال هذه المرحلة، من عمليات التعقيم المستمرّة للمرافق وضمان اتباع الأشخاص لإجراءات السلامة مثل التباعد الاجتماعي والارتداء الدائم للكمامات، وأدركنا جميعاً ضرورة استمرار هذه الخدمات التي جعلتنا نشعر بالأمان؛ ونظراً لأننا لم نُعرهم اهتماماً كبيراً في السابق، سرعان ما لاحظنا مدى تأثير توقفهم عن العمل. ونوضح فيما يلي العوامل التي تُمكّن المزود من تقديم خدمات إدارة مرافق تضمن تجربةً سلسةً ومريحةً للعملاء. أهمية الانطباع الأول عندما تستوجب الظروف عمل المتعاقدين ومزوديّ الخدمات المختلفين في وقت واحد، كما في موسم الرياض أو بطولة كأس العالم لكرة القدم؛ من المهم أن يتم التنسيق بين الفرق التي تعمل معاً عن كثب، للحرص على مواءمة العمليات التي تجري خلف الكواليس لتقديم أفضل تجربة ممكنة للعملاء. ومن الضروري أن تعمل الفرق معاً بتناسق وانسجام، لا كمجموعات منفصلة تُعنى بمسؤولياتها الخاصة فقط. ويؤدي هذا النهج إلى اختيار اللحظة الملائمة لوضع الشخص المناسب لشغل المنصب الذي ينسجم مع المعارف والخبرات التي يملكها. وتقوم هذه الاستراتيجية على ثلاثة عناصر أساسية هي الإنسان والعمليات اللازمة والتقنيات المتوافرة. ويتعيّن في البداية توظيف الأفراد المناسبين ممن يملكون المؤهلات والخبرات المهنية والنفسية ومستويات التدريب اللازمة، وينطبق ذلك على جميع موظفي تقييم المتطلبات، أو تطوير العمليات ووضع الخطط التشغيلية، أو تنفيذ المهام التي تشملها هذه الاستراتيجية. وينبغي بعدها تحديد العمليات والإجراءات التشغيلية بوضوح، بحيث يدرك جميع المعنيين بالتنفيذ ماهية المهام والأدوار المطلوبة منهم. لتعمل بعدها التقنيات الحديثة والبيانات المتوافرة على ربط جميع هذه العناصر وتشغيلها. كما تلعب التقنيات دوراً حيوياً في عمليات إدارة المرافق وتحسين تجربة العملاء النهائية. وقد تكون الحلول التقنية بسيطةً أحياناً، مثل تثبيت أجهزة استشعار في الحمامات لقراءة عدد المستخدمين مما يتيح تشغيل أمر التنظيف بناءً على ذلك، أو استخدام رموز الاستجابة السريعة للإبلاغ عن مشكلة معينة في موقع ما. في حين قد تتضمن الحلول المتقدمة استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ تستطيع أنظمة كاميرات المراقبة، على سبيل المثال، مراقبة الحشود وتزويد فريق إدارة المرافق بكثير من البيانات مثل الوجهات المزدحمة وأكثر الأوقات ازدحاماً في اليوم والمشكلات المتكررة، مثل أماكن الانتظار الطويلة أو اللافتات المفقودة أو مواقع تدفق الحشود على مدار اليوم أو حتى مراقبة التهديدات الأمنية وما إلى ذلك. ولا تُعدّ هذه البيانات ضرورية لفريق إدارة المرافق فقط، لكنها هامة لفريق الفعاليات أيضاً، حيث تُمكِّنهم من حل أي مشكلة والتأكد من راحة الزوار واستمتاعهم بتجربة أفضل أينما كانوا. ضمان سلاسة العمليات تُعد سهولة الوصول من أبرز العوامل المرتبطة بأعمال إدارة المرافق، وتشتمل على مدى سهولة الوصول إلى الوجهة، وقرب وسائل النقل العام من المنطقة، ووجود مواقف سيارات قريبة للزوار، بالإضافة إلى المشهد الأول الذي يراه الضيوف عند وصولهم ووجود لافتات لتوجيه الزوار إلى الموقع المطلوب. ولا تقتصر جودة التجربة على الوجهة فحسب، بل ترتبط بإمكانية الحصول على المعلومات على الإنترنت من خلال المواقع الإلكترونية والتطبيقات والاستفادة من جميع المعلومات الصحيحة وغيرها، مما يتيح للضيوف التخطيط ليومهم بشكلٍ مسبق، مثل زيارة وجهاتٍ سياحية ومطاعم والتعرف إلى مواعيد الأنشطة المتنوعة والاطلاع على خريطة الموقع. وتشكّل معرفة المسار أحد الجوانب الرئيسية من تجربة المستخدم في أي منشأة، فمن المزعج جداً عدم معرفة اتجاهات الرحلة أو مكان إيجاد الخدمات والمرافق المطلوبة. ولذلك تسعى إدارة المرافق دائماً إلى توفير هذه الإرشادات أو تصميم المساحة نفسها بحيث تضم إشارات تدل الزوار نحو الاتجاه الصحيح. وينبغي لشركات إدارة المرافق، التي تسعى إلى توفير تجربة مثالية لا تُضاهى، أن تراعي مجال رؤية المستخدم في المساحات الكبيرة مثل موسم الرياض أو مهرجان مدل بيست ساوند ستورم أو غيرها من فعاليات الاحتفال الكبرى والاتجاهات واللافتات. تحقيق الكفاءة وخفض التكاليف ينبغي إدراك أهمية الاستعانة بخدمات التعهيد الخارجي لعمليات إدارة المرافق في القطاع الخاص، إذ تتسم الشركات الخاصة بالكفاءة من حيث التكاليف لقدرتها على توسيع أو تقليص عملياتها، بالاستناد إلى حجم المشروع والموارد المطلوبة. ويتجه القطاع العام إلى تعهيد خدماته للقطاع الخاصّ بشكلٍ أكبر، في ظل تكيّف الحكومة السعودية مع الواقع الاقتصادي الجديد نتيجة تأثيرات الأزمة الصحية العالمية، حيث تسهم هذه العملية في تزويد العملاء بخدماتٍ محسّنة وأكثر مرونة بتكاليفٍ أقلّ، ففي الوقت الذي تحتاج فيه الحكومات إلى ترشيد النفقات، تدفع هذه المرحلة الدولة إلى المضي قدماً في الاعتماد على مشاريع التعهيد. بقلم منى الثقفي، المديرة الإقليمية لشركة سيركو الشرق الأوسط في السعودية، سيركو الشرق الأوسط، ونوارة العصيمي، المستشار الأول لاستراتيجية التصميم في إكسبيرينس لاب في السعودية.