ذكر تقرير مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونتكاد) أن التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر تراجعت بشدة من جراء جائحة كوفيد 19 في عام 2020، حيث انخفضت بمقدار الثلث لتصل إلى تريليون دولار، أي أقل بكثير من النقطة المنخفضة التي وصلت إليها بعد الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمان، وتضررت بشكل خاص الاستثمارات الجديدة في الصناعة ومشروعات الاستثمار في البنية التحتية الجديدة في البلدان النامية، أيضا تقلص الاستثمار الأجنبي المباشر في جنوب شرق آسيا وهو في العادة محرك نمو الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي. المملكة في ظل هذه الظروف العالمية الصعبة وتراجع الفرص الاستثمارية عالميا تمكنت من رفع قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر من 892 مليار ريال في بداية عام 2020 إلى 965 مليار ريال في نهاية الربع الثاني 2021 بنسبة نمو 8 %، هذه التدفقات الاستثمارية التي ضُخت في الاقتصاد السعودي لا شك أنها وجدت بيئة استثمارية جاذبة وفرصاً واعدة واستقراراً سياسياً وإدارة طموحة تسعى لأن تكون المملكة دولة متقدمة في المجالات كافة ومتماهية مع دول العالم الأول، الاقتصاديون والصناديق الاستثمارية والشركات العملاقة تراقب عن كثب التطور المذهل والتحول الدراماتيكي والأفكار الخلاقة والبرامج الطموحة والمشروعات العملاقة وتقديم التوصيات للمستثمرين، ولا شك أن تسهيل الإجراءات وحل المشكلات وتطوير الأنظمة وإصلاح القضاء والتوسع في تحسين البيئة الرقمية سوف ترفع المملكة إلى مصاف الدول الأكثر جذباً للاستثمار الأجنبي، والنمو الذي حصل في الاستثمار الأجنبي داخل الاقتصاد السعودي ما ذلك إلا إرهاصات للنمو الكبير الذي سيتحقق للاقتصاد السعودي مع التقدم في طرح الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين الأجانب، أرامكو السعودية -وهي أكبر شركة نفط في العالم- تقوم بدور محوري في جذب الاستثمارات الأجنبية نظرا للنجاحات التي حققتها منذ تأسيسها وثقة المستثمرين في الفرص الاستثمارية التي تطرحها، حيث أبرمت هذا العام، صفقة قيمتها 12.4 مليار دولار مع كونسورتيوم مستثمرين بقيادة "إي.آي.جي جلوبال إنرجي بارتنرز"، ليحصل مجموعة المستثمرين بموجب الصفقة على حصة تبلغ 49 في المئة في أصول خطوط أنابيب أرامكو، هذه الصفقة على أنها من الصفقات المهمة التي رفعت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد السعودي إلا أنها سوف تعزز هيكل رأس مال الشركة وتمنحها المرونة للدخول في استثمارات جديدة وخصوصا في القطاعات الواعدة مثل حقل الجافورة الذي تستثمر فيه الشركة نحو 68 مليار دولار من أجل إنتاج نحو قرابة ملياري قدم مكعبة قياسية يوميا من الغاز بحلول عام 2020 وتوفير 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وتحقيق دخل بنحو 32 مليار ريال وتهيئة مشروعات إحلال الطاقة النظيفة في إنتاج الكهرباء والصناعة. السوق المالية السعودية كانت من أهم القطاعات التي رفعت قيمة الاستثمار الأجنبي بفضل الإصلاحات الهيكلية وتطبيق الأنظمة التي تتماشى مع أفضل الممارسات في الأسواق المتقدمة وحققت بذلك إنجازات مهمة خلال عام 2019 بانضمام "تداول" إلى مؤشري الأسواق الناشئة "MSCI" و"Standard & Poor's Dow Jones"، وهذا سهل على المستثمرين الأجانب الاستثمار في السعودية، حيث ارتفعت قيمة ملكياتهم في السوق من 111 مليار ريال في الربع الأول عام 2019 إلى 299 مليار ريال في الربع الثالث 2021 بنسبة نمو نحو 269 في المئة، وأسهمت في جعل "تداول" إحدى أكبر 10 أسواق مالية حول العالم. سوق السندات والصكوك أيضا كانت من عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية التي وصلت إلى 432 مليار ريال بنهاية الربع الثاني من العام الجاري 2021 وساهمت في توفير التمويل اللازم للحكومة والشركات بأسعار منافسة، السعودية أصبحت في المرتبة الرابعة من حيث الوزن في مؤشر جي بي مورجان الخاص بسندات الأسواق الناشئة، بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مدعوما بانضمام عدد من سندات الحكومة السعودية الدولية خلال الفترة الماضية للمؤشر، كما أن انضمام المملكة في مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة (FTSE EMGBI)، والذي يعد أول انضمام لأدوات الدخل الثابت المقومة بالريال السعودي في مؤشر عالمي، يمثل إنجازا كبيرا للسوق المالية السعودية، لما لمؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة من أهمية في قياس أداء السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 16 دولة، وذلك يتيح معياراً يساعد في تمكين مديري المحافظ العالمية مقارنة أداء الاستثمارات في أسواق الدين السيادية، كما أن وزارة المالية لن تتوقف عن إصدار أدوات الدين مستقبلا من أجل بناء شراكة مستدامة مع المستثمرين الدوليين، وكذلك رسم منحى عائد للسندات من أجل التسعير واستفادة الشركات من هذا المنحنى في الحصول على أسعار فائدة أقل.